523 - وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سأل رجلا فقال : " هل صمت من سرار هذا الشهر شيئا ؟
فقال : لا .
قال : فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين " .
حدثنا أبو عبيد : قال : حدثناه يزيد بن هارون ، عن الجريري ، عن أبي العلاء بن الشخير ، عن أخيه مطرف ، عن عمران بن حصين ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال الكسائي وغيره : السرار : آخر الشهر ليلة يستسر الهلال [ ص: 25 ] .
قال أبو عبيد : فربما استسر ليلة ، وربما استسر ليلتين إذا تم الشهر ، وأنشدنا الكسائي :
نحن صبحنا عامرا في دارها
جردا تعادى طرفي نهارها
عشية الهلال أو سرارها
قال أبو عبيد : وفي لغة أخرى : سرر الشهر .
وفي هذا الحديث من الفقه أنه إنما سأله عن سرار شعبان ، فلما أخبره أنه لم يصم أمره أن يقضي بعد الفطر يومين .
قال أبو عبيد : فوجه الحديث عندي - والله أعلم - أن هذا من نذر كان على ذلك الرجل في ذلك الوقت ، أو تطوع قد كان ألزمه نفسه ، فلما فاته أمره بقضائه . لا أعرف للحديث وجها غيره .
وفيه أيضا أنه لم ير بأسا أن يصل رمضان بشعبان إذا كان لا يراد به رمضان ، إنما يراد به التطوع ، أو النذر يكون في ذلك الوقت [ ص: 26 ] .
ومما يشبه هذا الحديث حديثه الآخر : "لا تقدموا رمضان بيوم ولا يومين إلا أن يكون يوافق ذلك صوم كان يصومه أحدكم " فهذا معناه التطوع أيضا . فأما إذا كان يريد به رمضان فلا ؛ لأنه خلاف الإمام والناس .


