الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
605 - وقال أبو عبيد في حديث عمر [ - رضي الله عنه - ] "هاجروا ولا تهجروا ، واتقوا الأرنب أن يحذفها أحدكم بالعصا ، ولكن ليذك لكم الأسل ؛ الرماح والنبل " [ ص: 209 ] .

قال : حدثناه أبو بكر بن عياش ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، قال : قدمت المدينة ، فخرجت في يوم عيد ، فإذا رجل متلبب ، أعسر أيسر ، يمشي مع الناس كأنه راكب ؛ وهو يقول : كذا وكذا ، فإذا هو عمر " .

قوله : هاجروا ولا تهجروا ، يقول : أخلصوا الهجرة ، ولا تشبهوا بالمهاجرين على غير صحة منكم ، وهذا هو التهجر .

وهذا هو التهجر .

وهذا كقولك للرجل : هو يتحلم وليس بحليم ، ويتشجع ، وليس بشجاع ، أي : أنه يظهر ذلك وليس فيه .

وقوله : "ليذك لكم الأسل الرماح والنبل " فهذا يرد قول من يقول : إن الأسل الرماح خاصة ، ألا تراه قد جعله النبل مع الرماح .

وقد وجدنا الأسل في غير الرماح ، إلا أن أكثر ذلك وأفشاه في الرماح [ ص: 210 ] .

وبعضهم يقول في هذا النبات الذي قال الله [تعالى ] فيه لأيوب [عليه السلام ] : وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنما قيل له : الأسل ؛ لأنه شبه بالرماح .

وأما قوله : متلبب ، فإنه المتحزم ، وكل من جمع عليه ثيابه ، وتحزم ، فقد تلبب ، وقال أبو ذؤيب :


ونميمة من قانص متلبب في كفه جشء أجش وأقطع

يصف الحمر أنها سمعت نميمة القانص ، والنميمة : الصوت ، والجشء : القوس الخفيفة .  

وأما قوله : أعسر أيسر ، فهكذا يروى في الحديث ، وأما كلام العرب ، فإنه أعسر يسر ، وهو الذي يعمل بيديه جميعا سواء ، وهو الأضبط أيضا .

ويقال من اليسر : في فلان يسرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية