الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
608 - وقال أبو عبيد في حديث عمر [ - رضي الله عنه - ] أن رجلا من الجن لقيه ، فقال : هل لك أن تصارعني ، فإن صرعتني علمتك آية إذا قرأتها حين تدخل بيتك لم يدخله شيطان ، فصارعه ، فصرعه عمر ، فقال : إني أراك ضئيلا شيختا ، كأن ذراعيك ذراعا كلب ، أفهكذا أنتم أيها الجن كلكم ؟ أم أنتم من بينهم ؟ فقال : إني منهم لضليع ، فعاودني [فعاوده ] .

قال فصارعه فصرعه الإنسي .

فقال : تقرأ آية الكرسي ، فإنه لا يقرأها أحد إذا دخل بيته إلا خرج الشيطان وله خبج كخبج الحمار " [ ص: 215 ] .

[حدثنا أبو عبيد ] قال : حدثناه أبو معاوية ، عن أبي عاصم الثقفي ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : خرج رجل من الإنس ، فلقيه رجل من الجن ، ثم ذكر الحديث .

قال : فقيل لعبد الله : أهو عمر ؟ فقال : ومن عسى أن يكون إلا عمر .

قال أبو عبيد : قوله : ضئيلا شيختا : هما جميعا النحيف الجسم الدقيق .

ومنه قيل للأفعى : ضئيلة ؛ لأنه ليس يعظم خلقها كسائر الحيات ، قال النابغة :


فبت كأني ساورتني ضئيلة من الرقش في أنيابها السم ناقع

يعني الأفعى ، وكذلك الشخت والشخيت : الدقيق ، قال ذو الرمة "يصف الظليم " :


شخت الجزارة مثل البيت سائره     من المسوح خدب شوقب خشب

فالجزارة : عنقه وقوائمه ، وهي دقاق كلها .

وقوله : إني منهم لضليع . الضليع : العظيم الخلق .

وقوله : إلا خرج وله خبج . الخبج : الضراط ، وهو الحبج أيضا - بالحاء - ، وله أسماء سوى هذين كثيرة [ ص: 216 ] .

ومن الضئيل الحديث المرفوع : "إن إسرافيل له جناح بالمشرق ، وجناح بالمغرب ، والعرش على جناحه ،  وإنه ليتضاءل الأحيان لعظمة الله [تبارك وتعالى ] حتى يعود مثل الوصع " .

يقال في الوصع : إنه طائر مثل العصفور ، أو أصغر منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية