الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
96 - وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النعمان بن مقرن قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - في أربعمائة راكب من "مزينة" فقال [ ص: 312 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - "لعمر": "قم فزودهم". فقام "عمر" ففتح غرفة له فيها تمر كالبعير الأقرم".  هكذا الحديث.

وقال: حدثنيه هشيم بن بشير، عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن "النعمان" قال: وحدثنا يزيد بن هارون، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن دكين بن سعيد أو سعيد - شك أبو عبيد - قال: قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر مثل هذه القصة.

قال أحدهما: "فإذا تمر مثل الفصيل الرابض".  

وقال الآخر: "مثل البعير الأقرم"   [ ص: 313 ] قال: فقال "عمر": يا رسول الله! إنما هي أصوع. ما يقيظن بني قال: "قم فزودهم".  

قال أبو عمرو: لا أعرف الأقرم، ولكني أعرف المقرم، وهو البعير المكرم الذي لا يحمل عليه، ولا يذلل، ولكنه يكون للفحلة.

قال: وأما البعير المقروم، فهو الذي به قرمة، وهي سمة تكون فوق الأنف تسلخ منه جلدة، ثم تجمع فوق أنفه، فتلك القرمة.

يقال منه: قرمت البعير أقرمه قرما [ ص: 314 ] .

قال أبو عبيد: وإنما سمي السيد الرئيس من الرجال المقرم؛ لأنه شبه بالمقرم من الإبل؛ لعظم شأنه وكرمه عندهم، قال "أوس بن حجر":


إذا مقرم منا ذرا حد نابه تخمط فينا ناب آخر مقرم

أراد: إذا هلك سيد منا خلف مكانه آخر.

وأما قول "عمر" [ - رحمه الله] ما يقيظن بني، فإنه يعني أنه لا يكفيهم لقيظهم، والقيظ: هو حمارة الصيف، يقول: ما يصيفهم.

يقال: قيظني هذا الطعام، وهذا الثوب: إذا كفاك لقيظك، وكان الكسائي" ينشد هذا الرجز لبعض الأعراب:


من يك ذا بت فهذا بتي


مقيظ مصيف مشتي



يقول: يكفيني للقيظ، والصيف، والشتاء.

[ ص: 315 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية