الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              باب: شرع .

                              حدثنا أبو موسى، حدثنا أبو موسى، حدثنا أبو عبيدة، حدثنا عوف، عن ميمون، عن زيد بن أرقم، كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه أبواب شارعة إلى المسجد، فقال رسول الله صلى الله عليه: "سدوا هذه الأبواب إلا باب علي"   .

                              حدثنا عاصم بن علي، حدثنا مهدي بن ميمون، عن واصل، عن لقيط، عن أبي بردة، عن أبي موسى: " خرجنا غازين فبينا نسير في البحر، والريح لنا طيبة، والشراع مرفوع إذ سمعت مناديا يقول: أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه، من عطش نفسه في يوم حار كان حقا على الله أن يرويه " .

                              حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن حميد الأعرج، عن محمد بن إبراهيم، عن جابر بن عبد الله، [ ص: 164 ] أن رجلا، أعطى أمه حديقة حياتها فماتت، فقال إخوته: نحن شرع سواء، فقال النبي صلى الله عليه: "هي ميراث" .

                              حدثنا يوسف بن بهلول، حدثنا ابن إدريس، حدثنا ابن إسحاق، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، "كان أهل أيلة إذا كان يوم السبت شرعت لهم الحيتان حتى ينظروا إليها" .

                              حدثنا أبو الربيع، حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر، عن سعيد، " لقي النبي صلى الله عليه العدو فأخرج المسلمون رجلا وأشرعوا فيه الأسنة، فقال: ارفعوا عني سلاحكم، وأسمعوني كلام الله " .

                              حدثنا محمد بن بكار، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب، " ما خالف نبي نبيا في سنة ولا قبلة إلا أن نبي الله صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا، ثم صرف، ثم قرأ: شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا " .

                              [ ص: 165 ] حدثنا نصر بن علي، حدثنا أبي، حدثنا جرير، سمعت سعد بن مرثد، عن ابن حوشب، عن كريب بن أبرهة، عن أبي ريحانة قال رجل: " إني أحب الجمال حتى في شرع نعلي، فقال النبي صلى الله عليه: "ليس ذاك بالكبر، إن الله جميل يحب الجمال" .

                              حدثنا خلاد بن أسلم، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا ابن عون، عن ابن سيرين قال علي: "أهون السقي التشريع" قوله: كان لنفر أبواب شارعة أخبرني أبو نصر عن الأصمعي يقال: أشرعت بابا إلى الطريق فأنا أشرعه إشراعا قوله: والشراع مرفوع أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي قال: الشراع: شراع السفينة، الجميع شرع، وشراع البعير: عنقه، شبهه بالشراع، وأنشدنا:

                              [ ص: 166 ]

                              كأن أهدام النسيل المنسل على يديها والشراع الأطول



                              قوله: أهدام النسيل أخلاق النسيل، وهو ما سقط ونسل من الوبر، فهو على يديها وعلى الشراع، يعني عنقها، شبهه بالشراع لطوله قوله: نحن شرع سواء أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي يقال: نحن فيه شرع سواء يريد ليس بعضنا بأفضل من بعض، ويقال: شرعك ذا، أي: حسبك، وزاد أبو زيد: شرع واحد، وبأج واحد قوله: شرعت لهم الحيتان وحيتان شرع: رافعة رءوسها، وقيل: خافضة لتشرب وقال أبو نصر: شرع في النهر، أخبرني أبو نصر: عن الأصمعي: الشرائع: المواضع التي تورد، الواحدة شريعة، وكذلك المشربة، قال ذو الرمة :

                              وفي الشرائع من جلان مقتنص     رث الثياب خفي الشخص منزرب



                              [ ص: 167 ] وصف حمرا وردت شريعة ماء، وعلى الشريعة صائد من جلان: حي من عنز رث الثياب: خلق خفي الشخص: قد أخفى شخصه منزرب: متخف في قترته وروى أبو نصر: وبالشمائل من جلان مقتنص، لأن الصائد يرمي من الجانب الأيسر من الحمار؛ لأنه ناحية القلب قوله: أشرعوا فيه الأسنة حدثنا أبو بكر، عن الأصمعي: أشرعت الرمح قبله، وقال غيره: أشرعنا الرماح إشراعا فهي مشرعة، وشرعت فهي شوارع، وشرعناها فهي مشروعة. قال الشاعر:


                              أفاخوا من رماح الخط لما     رأونا قد شرعناها نهالا



                              أفاخوا يعني: من نحوك وقال آخر:


                              وقد خيرونا بين ثنتين منهما     صدور القنا قد أشرعت والسلاسل



                              قوله: شرع لكم من الدين أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي يقال: قد شرعت لكم شريعة في الدين فاتبعوها [ ص: 168 ] أخبرنا أبو عمر، عن الكسائي: شرع لكم شريعة وشرعا، وهو يشرع ويشرع، وقال:


                              شريعة حق نير لم يردها     إلى غير دين الله دين مذبذب



                              قوله: في شرع نعلي يعني شراكه؛ لأنها ممدودة على النعل أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: الشرع الأوتار، يقال: شرعة وشرع، وشرع بجزم الراء قال الأعشى :

                              فكذبوها بما قالت فصبحهم     ذو آل حسان يزجي الموت والشرعا



                              يزجي: يسوق والشراع: أوتار القسي وقال آخر:


                              وبكر كلما مست أصاتت     ترنم نغم ذي الشرع العتيق



                              [ ص: 169 ] وقال:


                              ألا بات من حولي نياما ورقد     وعاودني ديني الذي يتعدد
                              وعاودني ديني فبت كأنني     خلال ضلوع الزور شرع ممدد



                              قال إبراهيم: هذا ساعدة بن جؤية مرض، فقال: هذا قوله: يتعدد يأتيني عداده في كل وقت مثل قول النبي صلى الله عليه لأخت بشر بن البراء: "ما زالت الأكلة التي أكلتها مع أخيك بخيبر من الشاة المسمومة تعادني حتى كان هذا أوان قطعت أبهري" يقول: يصيبني ألمها في كل سنة في ذلك الوقت قوله: وعاودني ديني قال: إذا كنت كلفا بالشيء فهو دينك ودينك، فبت كأنما خلال: بين ضلوعي. شرع: وتر يضرب به لا يدعني أنام .

                              [ ص: 170 ] قوله: " أهون السقي التشريع قال أبو عمرو: أن تشرعها على مشرعة، ولا يسقى لها بسناوة، وقال الشماخ:


                              يسد به نوائب تعتريه     من الأيام كالنهل الشروع



                              وقال أبو عمرو: شرعك، أي: كفاك، إذا نهاه، وقال الحارثي: الشرع: الذي يحرث به، والشرع: الشرك الواحدة: شرعة وشركة، والشريع من الليف خياره، والشريع من العقب خياره، وهو عصب المتنين .

                              [ ص: 171 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية