الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              الحديث الرابع .

                              باب: شعر .

                              حدثنا علي، أخبرنا شعبة، عن قتادة، عن أبي حسان، عن ابن عباس: "أن رسول الله صلى الله عليه أشعر هديه"   .

                              حدثنا مسدد، حدثنا حماد، عن محمد، عن أم عطية: أن رسول الله صلى الله عليه حين غسلن ابنته ألقى إليهن حقوه فقال: "أشعرنها إياه" .

                              حدثنا موسى، ومحمد بن عبد الله الخزاعي قالا: حدثنا حماد، عن أبي إسحاق، عن حصين بن عبد الرحمن بن ثابت، عن عباد بن بشر، أن رسول الله صلى الله عليه قال: "يا معشر الأنصار، أنتم الشعار، والناس الدثار" .

                              حدثنا محمد بن الصباح، أخبرنا الوليد، عن الأوزاعي، عن مكحول [ ص: 142 ] : "اختصم في قتيل أشعره أحدهم، وأجاز عليه الآخر، أن سلبه لمن أشعره" .

                              حدثنا يوسف بن بهلول، حدثنا ابن إدريس، عن ابن إسحاق: "قتل عاصم بن ثابت مسافعا، وأخاه كليهما، يشعره سهمه، فيأتي أمه حتى يضع رأسه في حجرها" .

                              حدثنا تميم بن المنتصر، حدثنا إسحاق بن يوسف، عن شريك، عن ليث، عن المنهال، عن سويد الرؤاسي: "أتيت عمر، فدخل عليه رجل أشعر أحمر، عليه ظهران، فإذا هو أبو ذر" .

                              حدثنا سليمان بن داود، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن مروان، عن عبد الله بن الأسود، عن أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه: "إن من الشعر حكما" .

                              [ ص: 143 ] حدثنا عفان، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء: "رأيت النبي صلى الله عليه يضرب شعره شحمة أذنيه" .

                              حدثنا هدبة، حدثنا همام، عن قتادة، عن أنس، عن مالك بن صعصعة: أن نبي الله صلى الله عليه حدثهم عن ليلة أسري به قال: "أتاني آت، فشق من هذه إلى هذا"، فقلت للجارود: ما يعني؟ قال: من ثغرة نحره إلى شعرته .

                              حدثنا أبو بكر، حدثنا علي بن مسهر، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن المغيرة بن شعبة، عن النبي صلى الله عليه: " شعار المؤمنين على الصراط: اللهم سلم، سلم " .

                              حدثنا عبيد الله، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا سلمة بن علقمة، عن محمد، أن عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه يكره الصلاة في شعرنا" .

                              [ ص: 144 ] حدثنا أبو بكر، حدثنا وكيع، عن موسى بن عبيد، عن محمد بن كعب قال رسول الله صلى الله عليه: "ليت شعري ما فعل أبواي؟" فنزلت: ولا تسأل عن أصحاب الجحيم   " .

                              حدثنا يوسف بن بهلول، حدثنا ابن إدريس، عن ابن إسحاق: " أن أبي بن خلف، أدرك النبي صلى الله عليه يوم أحد، فقال: لا نجوت إن نجوت "، فأخذ النبي الحربة، فانتفض بها انتفاضة، تطايرنا عنه تطاير الشعراء عن ظهر البعير إذا انتفض" .

                              حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن عبد الله بن صفوان، عن يزيد بن شيبان: أتانا ابن مربع ونحن وقوف خلف الموقف، فقال: إني رسول رسول الله صلى الله عليه إليكم، يقول: "كونوا على مشاعركم، فإنكم على إرث من إرث إبراهيم" .

                              حدثنا عقبة، حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، أخبرني عطاء، [ ص: 145 ] عن أم سلمة، "أنها جعلت شعائر ذهب في رقبتها، فدخل النبي صلى الله عليه، فأعرض عنها" قوله: "أشعر هديه" أخبرنا الأثرم عن أبي عبيدة: يشعرها بحديدة: يطعنها في سنامها من جانبها الأيمن حتى يخرج الدم شعائر الهدى: واحدها شعيرة: ما أشعر لموقف، أو منحر، أو مشعر، أي: أعلم أخبرنا أبو نصر عن الأصمعي قال: الإشعار أن تطعن البدنة حتى يسيل دمها،  وأشعره سنانا: أي ألزقه، والإشعار: إلزاقك الشيء بالشيء قال:


                              نقتلهم جيلا فجيلا تراهم شعائر قربان بهم يتقرب



                              قوله: "أشعرنها إياه" : أي اجعلنه شعارا يلي جلدها، أي: نشفنها به [ ص: 146 ] قوله: "أنتم الشعار" الشعار: الثوب يلزقه الرجل بجلده، يقول: أنتم في القرب مني بمنزلة الشعار من الرجل "والناس دثار" : والدثار: ما لبسه فوق الشعار، أي: فأنتم أقرب منهم قوله: "في قتيل أشعره"، وقوله: "يشعر كل واحد سهما"، أي: يخالط به قلبه، يقال: أشعر فلان قلبي هما، أي: ألبسه، جعله شعار القلب قوله: " فدخل رجل أشعر، يقول: كثير شعر الجسد قال أبو زيد: شعر الجنين تشعيرا، وهو مشعر: إذا نبت شعره في بطن أمه لنصف الحمل، وأشعر الخف إشعارا وهو مشعر قوله: "من الشعر حكمة" الشعر: القريض؛ لأن الشاعر يفطن لما لا يفطن له غيره شعرت: فطنت، أشعر شعرا وشعر شاعر، أي: مشعور به فجاز أن يقال: شاعر، كقولك: طريق سالك: أي: مسلوك وقال أبو زيد: شعر الرجل يشعر شعرا، وهو شاعر وقال الخليل: جمع شعر أشعار، ويجوز: شعور، كما قال الكميت:


                              يزين شعوري ما قلت فيك     إذا زان شعر المقص النسب



                              [ ص: 147 ] قوله: "يضرب شعره شحمة أذنيه"، يقال: رجل شعراني: طويل شعر الرأس. وأشعر: كثير شعر الجسد والشعر ما ليس بصوف، ولا وبر قال الله تعالى: وجعل لكم من جلود الأنعام - يعني الإبل والبقر والغنم - بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها يقول: أصواف الضأن، وأوبار الإبل، وأشعار المعز، والجمع: شعور، وأشعار وأنشدنا أبو نصر:


                              ألم تروا إذ حلقوا الأشعارا

                              وقال رسول الله صلى الله عليه: "إذا أشعر الجنين" : أي: نبت شعره .

                              حدثني محمد بن عبد الملك، حدثنا الحميدي، عن سفيان، عن أبان بن تغلب: قال: إنما هو: "إذا شعر - بغير ألف" قوله: "فشق من ثغرة نحره، إلى شعرته"، وهو منبت الشعر من عانته .

                              [ ص: 148 ] أخبرنا أبو نصر، عن الأصمعي قال: الأشعران: ما يلي الشفرين من الشعر، والأشعر: ما حول الحافر من الشعر، وقال أبو عمرو: الأشاعر: أطراف حياء الناقة - كأنه أطر الأصابع، قال:


                              عجوز همة لا خير فيها     مخرمة الأشاعر بالمداري



                              قوله: "شعار المؤمنين على الصراط" يعني: قولهم الذي هو علامة بينهم، يعرف، أن قائله مؤمن، ومثله: " إن بيتوكم، فإن شعاركم حم لا ينصرون هذه علامة بين أهل السفر إذا نادوا بها، اجتمعوا فنزلوا، أو رحلوا، وجعل النبي عليه السلام شعار المهاجرين: "يا بني عبد الرحمن"، وشعار الخزرج: "يا بني عبد الله"، وشعار الأوس: "يا بني عبيد الله" .

                              [ ص: 149 ] وكان للنبي صلى الله عليه شعار في بعض مغازيه: "يا منصور، أمت"، وفى يوم آخر: "يا كل خير"، وكان شعاره يوم أحد: "يا أصحاب سورة البقرة، وحم لا ينصرون، وأمت، أمت" وكان شعار أبي بكر وخالد بن الوليد: أمت، أمت وشعار مصعب، والمهلب: حم لا ينصرون قال الطرماح:


                              إذا دعا بشعار الأزد نفرهم     كما ينفر صوت الذئب بالنقد



                              النقد: الغنم، فأقحم الباء في النقد، كما قال تعالى: تنبت بالدهن يريد: تنبت الدهن: يعني: الزيت قوله: "لا يصلي في شعرنا" : هو ما استشعرناه من الثياب. وذلك أن المرأة ربما أصاب ثوبها من دم الحيض فيعقله قوله: "ليت شعري ما فعل أبواي؟" يقول: ليت علمي. وما يشعرك: ما يدريك .

                              [ ص: 150 ] قال أبو زيد: شعرت به أشعر شعورا. وقال بعضهم: شعرا، ولم يعرفوا: شعرة قوله: "تطاير الشعراء" : ذباب الكلب أزرق، والشعراء: ذباب الدواب قال:


                              تذب ضيفا من الشعراء منزله     منها لبان، وأقراب زهاليل



                              قوله: "كونوا على مشاعركم" : مشاعر الحج: علاماته، الواحد: مشعر، موضع المنسك قوله: شعائر ذهب، أظنه: ضربا من الحلي وسمعت ابن الأعرابي يقول: الشعار من الشجر: ما التف، جبل أشعر، ورملة شعراء، وقال غيره: الشعارير: صغار القثاء، الواحدة: شعرورة وأظنها كلمة مولدة، والمعروف من كلامهم لصغار القثاء .

                              [ ص: 151 ] : الجراء والشعراء: الخوخ، الواحد والجميع سواء والشعير: حب يؤكل والشعيرة: نصل السكين والشعرى: كوكب يتلو الجوزاء، وهي الشعرى العبور، وبحيالها: الشعرى الغميصاء قال أبو إسحاق: الغميصاء لا تقطع السماء، والعبور تقطع السماء .

                              [ ص: 152 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية