الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فالمسلمون يؤمنون بالمسيح الصادق الذي جاء من عند الله بالهدى ودين الحق ، الذي هو عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول ، والنصارى إنما تؤمن بمسيح دعا لعبادة نفسه وأمه ، وأنه ثالث ثلاثة ، وأنه الله أو ابن الله ، وهذا هو أخو المسيح الكذاب لو كان له وجود .

فإن المسيح الكذاب يزعم أنه الله ، والنصارى في الحقيقة أتباع هذا المسيح الكذاب ، كما أن اليهود ينتظرون خروجه ، وهم يزعمون أنهم ينتظرون النبي الذي بشروا به ، فعوضهم الشيطان بعد مجيئه من الإيمان به الانتظار للمسيح الدجال ، وهكذا كل من أعرض عن الحق يعوض من الباطل . وأصل هذا أن إبليس لما أعرض عن السجود لآدم كبرا أن يخضع له تعوض من ذلك ذل القيادة لكل فاسق ومجرم من بنيه ، فلا بتلك النخوة ولا بهذه الحرفة ، والنصارى لما أنفوا أن يكون المسيح عبدا لله تعوضوا من هذه الأنفة بأن رضوا أن يجعلوه مصفعة لليهود ، ومصلوبهم الذي يسخرون منه ويهزءون به ، ثم عقدوا له تاجا من الشوك بدل تاج الملك ، وساقوه في حبل إلى خشبة الصلب يصفقون حوله ويرقصون . فلا بتلك الأنفة من عبودية الله ، ولا بهذه النسبة له إلى أعظم الذل ، والضيم والقهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية