( كتاب الطلاق ) :
قال الشيخ رحمه الله تعالى : الكلام في هذا الكتاب في الأصل يقع في خمسة مواضع .
في بيان صفة الطلاق وفي بيان قدره وفي بيان ركنه وفي بيان شرائط الركن وفي بيان حكمه أما الأول فالطلاق بحق الصفة نوعان : طلاق سنة وطلاق بدعة ، وإن شئت قلت طلاق مسنون وطلاق مكروه أما .
طلاق السنة فالكلام فيه في موضعين أحدهما في تفسير طلاق السنة : أنه ما هو ، والثاني في بيان الألفاظ التي يقع بها طلاق السنة أما الأول فطلاق السنة نوعان ; نوع يرجع إلى الوقت ونوع يرجع إلى العدد ، وكل واحد منهما نوعان حسن وأحسن ، ولا يمكن معرفة كل واحد منهما إلا بعد معرفة أصناف النساء ، وهن في الأصل على صنفين حرائر وإماء وكل صنف على صنفين حائلات وحاملات ، والحائلات على صنفين ذوات الإقراء وذوات الأشهر .
إذا عرف هذا فنقول وبالله التوفيق أحسن
nindex.php?page=treesubj&link=11745_12441_12440_11748_11747الطلاق في ذوات القرء أن يطلقها طلقة واحدة رجعية في طهر لا جماع فيه ولا طلاق ولا في حيضة طلاق ولا جماع ويتركها حتى تنقضي عدتها ثلاث حيضات إن كانت حرة وإن كانت أمة حيضتان ، والأصل فيه ما روي عن
إبراهيم النخعي رحمه الله أنه قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحسنون أن لا يطلقوا للسنة إلا واحدة ثم لا يطلقوا غير ذلك حتى تنقضي العدة ، وفي رواية أخرى قال في الحكاية عنهم : وكان ذلك عندهم أحسن من أن يطلق الرجل ثلاثة في ثلاثة أطهار وهذا نص في الباب ومثله لا يكذب ولأن الكراهة لمكان احتمال الندم ، والطلاق في طهر لا جماع فيه دليل على عدم الندم لأن الطهر الذي لا جماع فيه زمان كمال الرغبة .
والفحل لا يطلق امرأته في زمان كمال الرغبة إلا لشدة حاجته إلى الطلاق ، فالظاهر أنه لا يلحقه الندم فكان طلاق لحاجة فكان مسنونا ، ولو لحقه الندم فهو أقرب إلى التدارك من الثلاث في ثلاثة أطهار فكان أحسن وإنما شرطا أن يكون في طهر لا طلاق فيه لأن
nindex.php?page=treesubj&link=11757_11752_11753الجمع بين الطلقات الثلاث أو الطلقتين في طهر واحد مكروه عندنا وإنما شرطنا أن لا يكون في حيضة جماع ولا طلاق لأنه إذا جامعها في حيض هذا الطهر احتمل أنه وقع الجماع معلقا فيظهر الحبل فيندم على صنيعه فيظهر أنه طلق لا لحاجة وإذا طلقها فيه فالطلاق فيه بمنزلة الطلاق في الطهر الذي بعده لأن تلك الحيضة لا يعتد بها ولو طلقها في الطهر يكره له أن يطلقها أخرى فيه فكذا إذا طلقها في الحيض ثم طهرت .
وأما في الحامل إذا استبان حملها فالأحسن أن يطلقها واحدة رجعية وإن كان قد جامعها وطلقها عقيب الجماع لأن الكراهة في ذوات القرء لاحتمال الندامة لا لاحتمال الحبل فمتى طلقها مع علمه بالحبل فالظاهر
[ ص: 89 ] أنه لا يندم ، وكذلك في ذوات الشهر من الآيسة والصغيرة الأحسن أن يطلقها واحدة رجعية وإن كان عقيب طهر جامعها فيه .
وهذا قول
أصحابنا الثلاثة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر يفصل بين طلاق الآيسة والصغيرة وبين جماعهما بشهر وجه قوله : إن الشهر في حق الآيسة والصغيرة أقيم مقام الحيضة فيمن تحيض ثم يفصل في طلاق السنة بين الوطء وبين الطلاق بحيضة ، فكذا يفصل بينهما فيمن لا تحيض بشهر كما يفصل بين التطليقتين ولنا أن كراهة
nindex.php?page=treesubj&link=11757_11748_11747_11752الطلاق في الطهر الذي وجد الجماع فيه في ذوات الإقراء لاحتمال أن تحبل بالجماع فيندم وهذا المعنى لا يوجد في الآيسة والصغيرة وإن وجد الجماع ; ولأن الإياس والصغر في الدلالة على براءة الرحم فوق الحيضة في ذوات الأقراء فلما جاز الإيقاع ثمة عقيب الحيضة فلأن يجوز هنا عقيب الجماع أولى .
وأما الحسن في الحرة التي هي ذات القرء أن يطلقها ثلاثا في ثلاثة أطهار لا جماع فيها بأن يطلقها واحدة في طهر لا جماع فيه ثم إذا حاضت حيضة أخرى وطهرت طلقها أخرى ثم إذا حاضت وطهرت طلقها أخرى وإن كانت أمة طلقها واحدة ثم إذا حاضت وطهرت طلقها أخرى وهذا قول عامة العلماء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك لا أعرف
nindex.php?page=treesubj&link=11757_11758_11745_11748_11747طلاق السنة إلا أن يطلقها واحدة ويتركها حتى تنقضي عدتها .
وجه قوله : إن الطلاق المسنون هو الطلاق لحاجة ، والحاجة تندفع بالطلقة الواحدة فكانت الثانية والثالثة في الطهر الثاني والثالث تطليقا من غير حاجة فيكره لهذا أكره الجمع كذا التفريق إذ كل ذلك طلاق من غير حاجة ( ولنا ) قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1فطلقوهن لعدتهن } أي ثلاثا في ثلاثة أطهار كذا فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه روي أن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21327 nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر رضي الله عنهما طلق امرأته حالة الحيض فسأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أخطأت السنة ما هكذا أمرك ربك إن من السنة أن تستقبل الطهر استقبالا فتطلقها لكل طهر تطليقة فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء } فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم الطلاق للعدة بالثلاث في ثلاثة أطهار ، والله عز وجل أمر به وأدنى درجات الأمر الندب ، والمندوب إليه يكون حسنا ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على كونه سنة حيث قال : " إن من السنة أن تستقبل الطهر استقبالا فتطلقها لكل طهر تطليقة " والدليل عليه ما روي عن
إبراهيم النخعي في حكايته عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، وكان ذلك عندهم أحسن من أن يطلق الرجل امرأته ثلاثا في ثلاثة أطهار وإذا كان ذلك أحسن من هذا كان هذا حسنا في نفسه ضرورة .
وأما قوله إن الثانية والثالثة تطليق من غير حاجة فممنوع ، فإن الإنسان قد يحتاج إلى حسم باب نكاح امرأته على نفسه لما ظهر له أن نكاحها ليس بسبب المصلحة له دنيا ودينا لكن يميل قلبه إليها لحسن ظاهرها فيحتاج إلى الحسم على وجه ينسد باب الوصول إليها ولا يلحقه الندم غلا يمكنه دفع هذه الحاجة بالثلاث جملة واحدة لأنها تعقب الندم عسى ولا يمكنه التدارك فيقع في الزنا فيحتاج إلى إيقاع الثلاث في ثلاثة أطهار ، فيطلقها تطليقة رجعية في طهر لا جماع فيه ويجرب نفسه أنه هل يمكنه الصبر عنها ؟ فإن لم يمكنه راجعها وإن أمكنه طلقها تطليقة أخرى في الطهر الثاني ويجرب نفسه ثم يطلقها ثالثة في الطهر الثالث فينحسم باب النكاح عليه من غير ندم يلحقه ظاهرا أو غالبا ، فكان إيقاع الثانية والثالثة في الطهر الثاني والثالث طلاقا لحاجة فكان مسنونا على أن الحكم تعلق بدليل الحاجة لا بحقيقتها لكونها أمرا باطنا لا يوقف عليه إلا بدليل فيقام الطهر الخالي عن الجماع مقام الحاجة إلى الطلاق فكان تكرار الطهر دليل تجدد الحاجة فيبنى الحكم عليه ، ثم إذا وقع عليها ثلاث تطليقات في ثلاثة أطهار فقد مضى من عدتها حيضتان إن كانت حرة لأن العدة بالحيض عندنا ، وبقيت حيضة واحدة فإذا حاضت حيضة أخرى فقد انقضت عدتها وإن كانت أمة فإن وقع عليها تطليقتان في طهرين فقد مضت من عدتها حيضة وبقيت حيضة واحدة فإذا حاضت حيضة أخرى فقد انقضت عدتها .
وإن كانت من ذوات الأشهر طلقها واحدة رجعية وإذا مضى شهر طلقها أخرى ، ثم إذا مضى شهر طلقها أخرى ثم إذا كانت حرة فوقع عليها ثلاث تطليقات ومضى من عدتها شهران وبقي شهر واحد من عدتها فإذا مضى شهر آخر فقد انقضت عدتها وإن كانت أمة ووقع عليها تطليقتان في شهر وبقي من عدتها نصف شهر فإذا مضى نصف شهر فقد انقضت عدتها وإن كانت حاملا فكذلك في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف [ ص: 90 ] يطلقها ثلاثا للسنة ويفصل بين كل طلاقيها بشهر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد : لا يطلق الحامل للسنة إلا طلقة واحدة وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله في الأصل : بلغنا ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري رضي الله عنهم ولا خلاف في أن الممتد طهرها لا تطلق للسنة إلا واحدة وجه قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر : أن إباحة التفريق في الشرع متعلقة بتجدد فصول العدة لأن كل قرء في ذوات الإقراء فصل من فصول العدة وكل شهر في الآيسة والصغيرة فصل من فصول العدة ، ومدة الحمل كلها فصل واحد من العدة لتعذر الاستبراء به في حق الحامل فلم يكن في معنى مورد الشرع فلا يفصل بالشهر ولهذا لم يفصل في الممتد طهرها بالشهر كذا ههنا
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } شرع الثلاث متفرقات من غير فصل بين الحامل والحائل أما شرعية طلقة وطلقة فبقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229الطلاق مرتان } لأن معناه دفعتان على ما نذكر إن شاء الله تعالى وشرعية الطلقة الثالثة بقوله عز وجل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229أو تسريح بإحسان } أو بقوله عز وجل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=230فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } من غير فصل ولأن الحامل ليست من ذوات الأقراء فيفصل بين طلاقيها بشهر كالآيسة والصغيرة ، والجامع أن الفصل هناك بشهر لكون الشهر زمان تجدد الرغبة في العادة فيكون زمان تجدد الحاجة وهذا المعنى موجود في الحامل فيفصل .
فأما كون الشهر فصلا من فصول العدة فلا أثر له فكان من أوصاف الوجود لا من أوصاف التأثير إنما المؤثر ما ذكرنا فينبني الحكم عليه وما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله في الأصل لا حجة له فيه لأن لفظ الحديث {
أفضل طلاق الحامل أن يطلقها واحدة ثم يدعها حتى تضع حملها } وبه نقول إن ذلك أفضل ولا كلام فيه وأما الممتد طهرها فإنما لا تطلق للسنة إلا واحدة لأنها من ذوات الأقراء لأنها قد رأت الدم وهي شابة لم تدخل في حد الإياس إلا أنه امتد طهرها لداء فيها يحتمل الزوال ساعة فساعة فبقي أحكام ذوات الأقراء فيها ولا تطلق ذوات الأقراء في طهر لا جماع فيه للسنة إلا واحدة والله عز وجل أعلم ، ولو طلق امرأته تطليقة واحدة في طهر لا جماع فيه ثم راجعها بالقول في ذلك الطهر فله أن يطلقها في ذلك الطهر في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف لا يطلق في ذلك الطهر للسنة وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بن زياد ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد مضطرب ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر الطحاوي مع قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وذكره الفقيه
nindex.php?page=showalam&ids=11903أبو الليث مع قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=11748_11747_11745_11744أبانها في طهر لم يجامعها ثم تزوجها فله أن يطلقها في ذلك الطهر بالإجماع ( وجه ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف : إن الطهر طهر واحد ، والجمع بين طلاقين في طهر واحد لا يكون سنة كما قبل الرجعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة أنه لما راجعها فقد أبطل حكم الطلاق وجعل الطلاق كأنه لم يكن في حق الحكم ولأنها عادت إلى الحالة الأولى بسبب من جهته فكان له أن يطلقها أخرى كما إذا أبانها في طهر لم يجامعها فيه ثم تزوجها ، وعلى هذا الخلاف إذا راجعها بالقبلة أو باللمس عن شهوة أو بالنظر إلى فرجها عن شهوة وعلى هذا الخلاف إذا أمسك الرجل امرأته بشهوة فقال لها في حال الملامسة بشهوة بأن كان أخذ بيدها لشهوة : أنت طالق ثلاثا للسنة وذلك في طهر لم يجامعها فيه أنه يقع عليها ثلاث تطليقات على التعاقب للسنة في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله فتقع التطليقة الأولى ويصير مراجعا لها بالإمساك عن شهوة ثم تقع الأخرى ويصير مراجعا بالإمساك ثم تقع الثالثة وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف لا يقع عليها للسنة إلا واحدة ، والطلاقان الباقيان إنما يقعان في الطهرين الباقيين ، وهذا إذا راجعها بالقول أو بفعل المس عن شهوة ، .
فأما إذا راجعها بالجماع بأن طلقها في طهر لا جماع فيه ثم جامعها حتى صار مراجعا لها ثم إذا أراد أن يطلقها في ذلك الطهر ليس له ذلك بالإجماع لأن حكم الطلاق قد بطل بالمراجعة فبقي ذلك الطهر طهرا مبتدأ جامعها فيه فلا يجوز له أن يطلقها فيه هذا إذا راجعها بالجماع فلم تحمل منه فإن حملت منه فله أن يطلقها أخرى في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ليس له أن يطلقها حتى يمضي شهر من التطليقة الأولى
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف يقول : هذا طهر واحد فلا يجمع فيه بين طلاقين كما في المسألة الأولى ، وهم يقولون إن الرجعة أبطلت حكم الطلاق وألحقته بالعدم وكراهة
nindex.php?page=treesubj&link=11757_11752الطلاق في الطهر الذي جامعها فيه لمكان الندم لاحتمال الحمل فإذا طلقها مع العلم بالحمل لا يندم كما لو لم يكن طلقها في هذا الطهر ولكنه جامعها فيه فحملت كان له أن يطلقها لما قلنا كذا هذا .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=11746_11745طلق الصغيرة تطليقة ثم حاضت وطهرت قبل مضي شهر فله
[ ص: 91 ] أن يطلقها أخرى في قولهم جميعا لأنها لما حاضت فقد بطل حكم الشهر لأن الشهر في حقها بدل من الحيض ولا حكم للبدل مع وجود المبدل .
وأما إذا
nindex.php?page=treesubj&link=12571_11745_11746طلق امرأته وهي من ذوات الأقراء ثم أيست فله أن يطلقها أخرى حتى تيأس في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : لا يطلقها حتى يمضي شهر وجه قوله إن هذا طهر واحد فلا يحتمل طلاقين
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة أن حكم الحيض قد بطل باليأس وانتقل حالها من العدة بالحيض إلى العدة بالأشهر وذلك يفصل بين التطليقتين كالانتقال من الشهور إلى الحيض في حق الصغيرة ، وهذا التفريع إنما يتصور على الرواية التي قدرت للإياس حدا معلوما خمسين سنة أو ستين سنة ، فإذا تمت هذه المدة بعد التطليقة جاز له أن يطلقها أخرى عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة لما ذكرنا .
فأما على الرواية التي لم تقدر للإياس مدة معلومة وإنما علقته بالعادة فلا يتصور هذا التفريع .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=11746_11789_11750طلق امرأته في حال الحيض ثم راجعها ثم أراد طلاقها ذكر في الأصل أنها إذا طهرت ثم حاضت ثم طهرت طلقها إن شاء وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي أنه يطلقها في الطهر الذي يلي الحيضة .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي أن ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وما ذكره في الأصل قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد وجه ما ذكر في الأصل : ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر رضي الله عنه لما طلق ابنه
عبد الله امرأته في حالة الحيض {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34993مر ابنك فليراجعها ثم يدعها إلى أن تحيض فتطهر ثم تحيض فتطهر ثم ليطلقها إن شاء طاهرا من غير جماع } أمره صلى الله عليه وسلم بترك الطلاق إلى غاية الطهر الثاني فدل أن وقت طلاق السنة هو الطهر الثاني دون الأول ولأن الحيضة التي طلقها فيها غير محسوبة من العدة فكان إيقاع الطلاق فيها كإيقاع الطلاق في الطهر الذي يليها ، ولو طلق في الطهر الذي يليها لم يكن له أن يطلق فيه أخرى كذا هذا وجه ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي أن هذا طهر لا جماع فيه ولا طلاق حقيقة فكان له أن يطلقها فيه كالطهر الثاني .
وأما الحديث فقد روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
nindex.php?page=showalam&ids=12لعبد الله بن عمر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12163أخطأت السنة ما هكذا أمرك الله تعالى إن من السنة أن تستقبل الطهر استقبالا فتطلقها لكل طهر تطليقة } جعل صلى الله عليه وسلم الطلاق في كل طهر طلاقا على وجه السنة والطهر الذي يلي الحيضة طهر فكان الإيقاع فيه إيقاعا على وجه السنة فيجمع بين الروايتين فتحمل تلك الرواية على الأحسن لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بالتطليقة الواحدة في طهر واحد لا جماع فيه ، وهذا أحسن الطلاق وهذه الرواية على الحسن لأنه أمره بالثلاث في ثلاثة أطهار جمعا بين الروايتين ; عملا بهما ; جمعا بقدر الإمكان .
( كِتَابُ الطَّلَاقِ ) :
قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : الْكَلَامُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي الْأَصْلِ يَقَعُ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ .
فِي بَيَانِ صِفَةِ الطَّلَاقِ وَفِي بَيَانِ قَدْرِهِ وَفِي بَيَانِ رُكْنِهِ وَفِي بَيَانِ شَرَائِطِ الرُّكْنِ وَفِي بَيَانِ حُكْمِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَالطَّلَاقُ بِحَقِّ الصِّفَةِ نَوْعَانِ : طَلَاقُ سُنَّةٍ وَطَلَاقُ بِدْعَةٍ ، وَإِنْ شِئْت قُلْتَ طَلَاقٌ مَسْنُونٌ وَطَلَاقٌ مَكْرُوهٌ أَمَّا .
طَلَاقُ السُّنَّةِ فَالْكَلَامُ فِيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي تَفْسِيرِ طَلَاقِ السُّنَّةِ : أَنَّهُ مَا هُوَ ، وَالثَّانِي فِي بَيَانِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا طَلَاقُ السُّنَّةِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَطَلَاقُ السُّنَّةِ نَوْعَانِ ; نَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى الْوَقْتِ وَنَوْعٌ يَرْجِعُ إلَى الْعَدَدِ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَوْعَانِ حَسَنٌ وَأَحْسَنُ ، وَلَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ أَصْنَافِ النِّسَاءِ ، وَهُنَّ فِي الْأَصْلِ عَلَى صِنْفَيْنِ حَرَائِرُ وَإِمَاءٌ وَكُلُّ صِنْفٍ عَلَى صِنْفَيْنِ حَائِلَاتٌ وَحَامِلَاتٌ ، وَالْحَائِلَاتُ عَلَى صِنْفَيْنِ ذَوَاتُ الْإِقْرَاءِ وَذَوَاتُ الْأَشْهُرِ .
إذَا عُرِفَ هَذَا فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ أَحْسَنُ
nindex.php?page=treesubj&link=11745_12441_12440_11748_11747الطَّلَاقِ فِي ذَوَاتِ الْقُرْءِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ وَلَا طَلَاقَ وَلَا فِي حَيْضَةِ طَلَاقٍ وَلَا جِمَاعٍ وَيَتْرُكُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ثَلَاثُ حَيْضَاتٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً حَيْضَتَانِ ، وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ عَنْ
إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحْسِنُونَ أَنْ لَا يُطَلِّقُوا لِلسُّنَّةِ إلَّا وَاحِدَةً ثُمَّ لَا يُطَلِّقُوا غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ فِي الْحِكَايَةِ عَنْهُمْ : وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ أَحْسَنُ مِنْ أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ وَمِثْلُهُ لَا يَكْذِبُ وَلِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِمَكَانِ احْتِمَالِ النَّدَمِ ، وَالطَّلَاقُ فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ النَّدَمِ لِأَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي لَا جِمَاعَ فِيهِ زَمَانُ كَمَالِ الرَّغْبَةِ .
وَالْفَحْلُ لَا يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فِي زَمَانِ كَمَالِ الرَّغْبَةِ إلَّا لِشِدَّةِ حَاجَتِهِ إلَى الطَّلَاقِ ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ النَّدَمُ فَكَانَ طَلَاقٌ لِحَاجَةٍ فَكَانَ مَسْنُونًا ، وَلَوْ لَحِقَهُ النَّدَمُ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى التَّدَارُكِ مِنْ الثَّلَاثِ فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ فَكَانَ أَحْسَنَ وَإِنَّمَا شَرَطَا أَنْ يَكُونَ فِي طُهْرٍ لَا طَلَاقَ فِيهِ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11757_11752_11753الْجَمْعَ بَيْنَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ أَوْ الطَّلْقَتَيْنِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ مَكْرُوهٌ عِنْدَنَا وَإِنَّمَا شَرَطْنَا أَنْ لَا يَكُونَ فِي حَيْضَةِ جِمَاعٍ وَلَا طَلَاقَ لِأَنَّهُ إذَا جَامَعَهَا فِي حَيْضِ هَذَا الطُّهْرِ اُحْتُمِلَ أَنَّهُ وَقَعَ الْجِمَاعُ مُعَلَّقًا فَيَظْهَرُ الْحَبَلُ فَيَنْدَمُ عَلَى صَنِيعِهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ طَلَّقَ لَا لِحَاجَةٍ وَإِذَا طَلَّقَهَا فِيهِ فَالطَّلَاقُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ لِأَنَّ تِلْكَ الْحَيْضَةَ لَا يُعْتَدُّ بِهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ يُكْرَه لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى فِيهِ فَكَذَا إذَا طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ ثُمَّ طَهُرَتْ .
وَأَمَّا فِي الْحَامِلِ إذَا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً وَإِنْ كَانَ قَدْ جَامَعَهَا وَطَلَّقَهَا عَقِيبَ الْجِمَاعِ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي ذَوَاتِ الْقُرْءِ لِاحْتِمَالِ النَّدَامَةِ لَا لِاحْتِمَالِ الْحَبَلِ فَمَتَى طَلَّقَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَبَلِ فَالظَّاهِرُ
[ ص: 89 ] أَنَّهُ لَا يَنْدَمُ ، وَكَذَلِكَ فِي ذَوَاتِ الشَّهْرِ مِنْ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ الْأَحْسَنُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً وَإِنْ كَانَ عَقِيبَ طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ .
وَهَذَا قَوْلُ
أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرُ يُفْصَلُ بَيْنَ طَلَاقِ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَبَيْنَ جِمَاعِهِمَا بِشَهْرٍ وَجْهُ قَوْلِهِ : إنَّ الشَّهْرَ فِي حَقِّ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ أُقِيمَ مَقَامَ الْحَيْضَةِ فِيمَنْ تَحِيضُ ثُمَّ يُفْصَلُ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ بَيْنَ الْوَطْءِ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ بِحَيْضَةٍ ، فَكَذَا يُفْصَلُ بَيْنَهُمَا فِيمَنْ لَا تَحِيضُ بِشَهْرٍ كَمَا يُفْصَلُ بَيْنَ التَّطْلِيقَتَيْنِ وَلَنَا أَنَّ كَرَاهَةَ
nindex.php?page=treesubj&link=11757_11748_11747_11752الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ الَّذِي وُجِدَ الْجِمَاعُ فِيهِ فِي ذَوَاتِ الْإِقْرَاءِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَحْبَلَ بِالْجِمَاعِ فَيَنْدَمَ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوجَدُ فِي الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَإِنْ وُجِدَ الْجِمَاعُ ; وَلِأَنَّ الْإِيَاسَ وَالصِّغَرَ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ فَوْقَ الْحَيْضَةِ فِي ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فَلَمَّا جَازَ الْإِيقَاعُ ثَمَّةَ عَقِيبَ الْحَيْضَةِ فَلَأَنْ يَجُوزَ هُنَا عَقِيبَ الْجِمَاعِ أَوْلَى .
وَأَمَّا الْحُسْنُ فِي الْحُرَّةِ الَّتِي هِيَ ذَاتُ الْقُرْءِ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ لَا جِمَاعَ فِيهَا بِأَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ ثُمَّ إذَا حَاضَتْ حَيْضَةً أُخْرَى وَطَهُرَتْ طَلَّقَهَا أُخْرَى ثُمَّ إذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ طَلَّقَهَا أُخْرَى وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً طَلَّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ إذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ طَلَّقَهَا أُخْرَى وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ لَا أَعْرِفُ
nindex.php?page=treesubj&link=11757_11758_11745_11748_11747طَلَاقَ السُّنَّةِ إلَّا أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً وَيَتْرُكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا .
وَجْهُ قَوْلِهِ : إنَّ الطَّلَاقَ الْمَسْنُونَ هُوَ الطَّلَاقُ لِحَاجَةٍ ، وَالْحَاجَةُ تَنْدَفِعُ بِالطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ فَكَانَتْ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ فِي الطُّهْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ تَطْلِيقًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَيُكْرَهُ لِهَذَا أَكْرَهُ الْجَمْعَ كَذَا التَّفْرِيقُ إذْ كُلُّ ذَلِكَ طَلَاقٌ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ ( وَلَنَا ) قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } أَيْ ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ كَذَا فَسَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21327 nindex.php?page=showalam&ids=12عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَالَةَ الْحَيْضِ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَخْطَأْتَ السُّنَّةَ مَا هَكَذَا أَمَرَكَ رَبُّكَ إنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ اسْتِقْبَالًا فَتُطَلِّقَهَا لِكُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ } فَسَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّلَاقَ لِلْعِدَّةِ بِالثَّلَاثِ فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ ، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِهِ وَأَدْنَى دَرَجَاتِ الْأَمْرِ النَّدْبُ ، وَالْمَنْدُوبُ إلَيْهِ يَكُونُ حَسَنًا وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَّ عَلَى كَوْنِهِ سُنَّةً حَيْثُ قَالَ : " إنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ اسْتِقْبَالًا فَتُطَلِّقَهَا لِكُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً " وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ
إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ فِي حِكَايَتِهِ عَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ ، وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ أَحْسَنَ مِنْ أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا كَانَ هَذَا حَسَنًا فِي نَفْسِهِ ضَرُورَةً .
وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ تَطْلِيقٌ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَمَمْنُوعٌ ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى حَسْمِ بَابِ نِكَاحِ امْرَأَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ لِمَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ نِكَاحَهَا لَيْسَ بِسَبَبِ الْمَصْلَحَةِ لَهُ دُنْيَا وَدِينًا لَكِنْ يَمِيلُ قَلْبُهُ إلَيْهَا لِحُسْنِ ظَاهِرِهَا فَيَحْتَاجُ إلَى الْحَسْمِ عَلَى وَجْهٍ يَنْسَدُّ بَابُ الْوُصُولِ إلَيْهَا وَلَا يَلْحَقُهُ النَّدَمُ غَلَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ هَذِهِ الْحَاجَةِ بِالثَّلَاثِ جُمْلَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهَا تُعَقِّبُ النَّدَمَ عَسَى وَلَا يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ فَيَقَعَ فِي الزِّنَا فَيَحْتَاجَ إلَى إيقَاعِ الثَّلَاثِ فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ ، فَيُطَلِّقَهَا تَطْلِيقَةً رَجْعِيَّةً فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ وَيُجَرِّبُ نَفْسَهُ أَنَّهُ هَلْ يُمْكِنُهُ الصَّبْرُ عَنْهَا ؟ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَاجَعَهَا وَإِنْ أَمْكَنَهُ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً أُخْرَى فِي الطُّهْرِ الثَّانِي وَيُجَرِّبُ نَفْسَهُ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا ثَالِثَةً فِي الطُّهْرِ الثَّالِثِ فَيَنْحَسِمُ بَابُ النِّكَاحِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَدَمٍ يَلْحَقُهُ ظَاهِرًا أَوْ غَالِبًا ، فَكَانَ إيقَاعُ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فِي الطُّهْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ طَلَاقًا لِحَاجَةٍ فَكَانَ مَسْنُونًا عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ تَعَلَّقَ بِدَلِيلِ الْحَاجَةِ لَا بِحَقِيقَتِهَا لِكَوْنِهَا أَمْرًا بَاطِنًا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلٍ فَيُقَامُ الطُّهْرُ الْخَالِي عَنْ الْجِمَاعِ مَقَامَ الْحَاجَةِ إلَى الطَّلَاقِ فَكَانَ تَكْرَارُ الطُّهْرِ دَلِيلَ تَجَدُّدِ الْحَاجَةِ فَيُبْنَى الْحُكْمُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ إذَا وَقَعَ عَلَيْهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ فَقَدْ مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا حَيْضَتَانِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً لِأَنَّ الْعِدَّةَ بِالْحَيْضِ عِنْدَنَا ، وَبَقِيَتْ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا حَاضَتْ حَيْضَةً أُخْرَى فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهَا تَطْلِيقَتَانِ فِي طُهْرَيْنِ فَقَدْ مَضَتْ مِنْ عِدَّتِهَا حَيْضَةٌ وَبَقِيَتْ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا حَاضَتْ حَيْضَةً أُخْرَى فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا .
وَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً وَإِذَا مَضَى شَهْرٌ طَلَّقَهَا أُخْرَى ، ثُمَّ إذَا مَضَى شَهْرٌ طَلَّقَهَا أُخْرَى ثُمَّ إذَا كَانَتْ حُرَّةً فَوَقَعَ عَلَيْهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ وَمَضَى مِنْ عِدَّتِهَا شَهْرَانِ وَبَقِيَ شَهْرٌ وَاحِدٌ مِنْ عِدَّتِهَا فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ آخَرُ فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً وَوَقَعَ عَلَيْهَا تَطْلِيقَتَانِ فِي شَهْرٍ وَبَقِيَ مِنْ عِدَّتِهَا نِصْفُ شَهْرٍ فَإِذَا مَضَى نِصْفُ شَهْرٍ فَقَدْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبِي يُوسُفَ [ ص: 90 ] يُطَلِّقُهَا ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَيَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ طَلَاقَيْهَا بِشَهْرٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ : لَا يُطَلِّقُ الْحَامِلَ لِلسُّنَّةِ إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرَ وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْأَصْلِ : بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=36وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْمُمْتَدَّ طُهْرُهَا لَا تَطْلُقُ لِلسُّنَّةِ إلَّا وَاحِدَةً وَجْهُ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ nindex.php?page=showalam&ids=15922وَزُفَرَ : أَنَّ إبَاحَةَ التَّفْرِيقِ فِي الشَّرْعِ مُتَعَلِّقَةٌ بِتَجَدُّدِ فُصُولِ الْعِدَّةِ لِأَنَّ كُلَّ قُرْءٍ فِي ذَوَاتِ الْإِقْرَاءِ فَصْلٌ مِنْ فُصُولِ الْعِدَّةِ وَكُلَّ شَهْرٍ فِي الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ فَصْلٌ مِنْ فُصُولِ الْعِدَّةِ ، وَمُدَّةُ الْحَمْلِ كُلُّهَا فَصْلٌ وَاحِدٌ مِنْ الْعِدَّةِ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِبْرَاءِ بِهِ فِي حَقِّ الْحَامِلِ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى مَوْرِدِ الشَّرْعِ فَلَا يُفْصَلُ بِالشَّهْرِ وَلِهَذَا لَمْ يُفْصَلْ فِي الْمُمْتَدِّ طُهْرُهَا بِالشَّهْرِ كَذَا هَهُنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَلِأَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبِي يُوسُفَ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } شَرَعَ الثَّلَاثَ مُتَفَرِّقَاتٍ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْحَامِلِ وَالْحَائِلِ أَمَّا شَرْعِيَّةُ طَلْقَةٍ وَطَلْقَةٍ فَبِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ } لِأَنَّ مَعْنَاهُ دَفْعَتَانِ عَلَى مَا نَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَشَرْعِيَّةُ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } أَوْ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=230فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَلِأَنَّ الْحَامِلَ لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فَيُفْصَلُ بَيْنَ طَلَاقَيْهَا بِشَهْرٍ كَالْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ ، وَالْجَامِعُ أَنَّ الْفَصْلَ هُنَاكَ بِشَهْرٍ لِكَوْنِ الشَّهْرِ زَمَانَ تَجَدُّدِ الرَّغْبَةِ فِي الْعَادَةِ فَيَكُونُ زَمَانَ تَجَدُّدِ الْحَاجَةِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْحَامِلِ فَيَفْصِلُ .
فَأَمَّا كَوْنُ الشَّهْرِ فَصْلًا مِنْ فُصُولِ الْعِدَّةِ فَلَا أَثَرَ لَهُ فَكَانَ مِنْ أَوْصَافِ الْوُجُودِ لَا مِنْ أَوْصَافِ التَّأْثِيرِ إنَّمَا الْمُؤَثِّرُ مَا ذَكَرْنَا فَيَنْبَنِي الْحُكْمُ عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْأَصْلِ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ لِأَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ {
أَفْضَلُ طَلَاقِ الْحَامِلِ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ يَدَعَهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا } وَبِهِ نَقُولُ إنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ وَلَا كَلَامَ فِيهِ وَأَمَّا الْمُمْتَدُّ طُهْرُهَا فَإِنَّمَا لَا تَطْلُقُ لِلسَّنَةِ إلَّا وَاحِدَةً لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ لِأَنَّهَا قَدْ رَأَتْ الدَّمَ وَهِيَ شَابَّةٌ لَمْ تَدْخُلْ فِي حَدِّ الْإِيَاسِ إلَّا أَنَّهُ امْتَدَّ طُهْرُهَا لِدَاءٍ فِيهَا يَحْتَمِلُ الزَّوَالَ سَاعَةً فَسَاعَةً فَبَقِيَ أَحْكَامُ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فِيهَا وَلَا تَطْلُقُ ذَوَاتُ الْأَقْرَاءِ فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ لِلسُّنَّةِ إلَّا وَاحِدَةً وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ ، وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ ثُمَّ رَاجَعَهَا بِالْقَوْلِ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15922وَزُفَرَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ لَا يُطَلَّقُ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ لِلسُّنَّةِ وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14111الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ ، وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ مُضْطَرِبٌ ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14695أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ مَعَ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ وَذَكَرَهُ الْفَقِيهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11903أَبُو اللَّيْثِ مَعَ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=11748_11747_11745_11744أَبَانَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ بِالْإِجْمَاعِ ( وَجْهُ ) قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ : إنَّ الطُّهْرَ طُهْرٌ وَاحِدٌ ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ طَلَاقَيْنِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ لَا يَكُونُ سُنَّةً كَمَا قَبْلَ الرَّجْعَةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَمَّا رَاجَعَهَا فَقَدْ أَبْطَلَ حُكْمَ الطَّلَاقِ وَجَعَلَ الطَّلَاقَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي حَقِّ الْحُكْمِ وَلِأَنَّهَا عَادَتْ إلَى الْحَالَةِ الْأَوْلَى بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى كَمَا إذَا أَبَانَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا رَاجَعَهَا بِالْقُبْلَةِ أَوْ بِاللَّمْسِ عَنْ شَهْوَةٍ أَوْ بِالنَّظَرِ إلَى فَرْجِهَا عَنْ شَهْوَةٍ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَمْسَكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِشَهْوَةٍ فَقَالَ لَهَا فِي حَالِ الْمُلَامَسَةِ بِشَهْوَةٍ بِأَنْ كَانَ أَخَذَ بِيَدِهَا لِشَهْوَةٍ : أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَذَلِكَ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ عَلَى التَّعَاقُبِ لِلسُّنَّةِ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَتَقَعُ التَّطْلِيقَةُ الْأَوْلَى وَيَصِيرُ مُرَاجِعًا لَهَا بِالْإِمْسَاكِ عَنْ شَهْوَةٍ ثُمَّ تَقَعُ الْأُخْرَى وَيَصِيرُ مُرَاجِعًا بِالْإِمْسَاكِ ثُمَّ تَقَعُ الثَّالِثَةُ وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا لِلسُّنَّةِ إلَّا وَاحِدَةٌ ، وَالطَّلَاقَانِ الْبَاقِيَانِ إنَّمَا يَقَعَانِ فِي الطُّهْرَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ ، وَهَذَا إذَا رَاجَعَهَا بِالْقَوْلِ أَوْ بِفِعْلِ الْمَسِّ عَنْ شَهْوَةٍ ، .
فَأَمَّا إذَا رَاجَعَهَا بِالْجِمَاعِ بِأَنْ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ ثُمَّ جَامَعَهَا حَتَّى صَارَ مُرَاجِعًا لَهَا ثُمَّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ حُكْمَ الطَّلَاقِ قَدْ بَطَلَ بِالْمُرَاجَعَةِ فَبَقِيَ ذَلِكَ الطُّهْرُ طُهْرًا مُبْتَدَأً جَامَعَهَا فِيهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ هَذَا إذَا رَاجَعَهَا بِالْجِمَاعِ فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُ فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٍ nindex.php?page=showalam&ids=15922وَزُفَرَ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرٌ مِنْ التَّطْلِيقَةِ الْأُولَى
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ يَقُولُ : هَذَا طُهْرٌ وَاحِدٌ فَلَا يَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ طَلَاقَيْنِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، وَهُمْ يَقُولُونَ إنَّ الرَّجْعَةَ أَبْطَلَتْ حُكْمَ الطَّلَاقِ وَأَلْحَقَتْهُ بِالْعَدَمِ وَكَرَاهَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=11757_11752الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ الَّذِي جَامَعَهَا فِيهِ لِمَكَانِ النَّدَمِ لِاحْتِمَالِ الْحَمْلِ فَإِذَا طَلَّقَهَا مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَمْلِ لَا يَنْدَمُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ طَلَّقَهَا فِي هَذَا الطُّهْرِ وَلَكِنَّهُ جَامَعَهَا فِيهِ فَحَمَلَتْ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِمَا قُلْنَا كَذَا هَذَا .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=11746_11745طَلَّقَ الصَّغِيرَةَ تَطْلِيقَةً ثُمَّ حَاضَتْ وَطَهُرَتْ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ فَلَهُ
[ ص: 91 ] أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا لِأَنَّهَا لَمَّا حَاضَتْ فَقَدْ بَطَلَ حُكْمُ الشَّهْرِ لِأَنَّ الشَّهْرَ فِي حَقِّهَا بَدَلٌ مِنْ الْحَيْضِ وَلَا حُكْمَ لِلْبَدَلِ مَعَ وُجُودِ الْمُبْدَلِ .
وَأَمَّا إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=12571_11745_11746طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ ثُمَّ أَيِسَتْ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى حَتَّى تَيْأَسَ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ : لَا يُطَلِّقُهَا حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرٌ وَجْهُ قَوْلِهِ إنَّ هَذَا طُهْرٌ وَاحِدٌ فَلَا يَحْتَمِلُ طَلَاقَيْنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ حُكْمَ الْحَيْضِ قَدْ بَطَلَ بِالْيَأْسِ وَانْتَقَلَ حَالُهَا مِنْ الْعِدَّةِ بِالْحَيْضِ إلَى الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ وَذَلِكَ يَفْصِلُ بَيْنَ التَّطْلِيقَتَيْنِ كَالِانْتِقَالِ مِنْ الشُّهُورِ إلَى الْحَيْضِ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ ، وَهَذَا التَّفْرِيعُ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي قَدَّرَتْ لِلْإِيَاسِ حَدًّا مَعْلُومًا خَمْسِينَ سَنَةً أَوْ سِتِّينَ سَنَةً ، فَإِذَا تَمَّتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ بَعْدَ التَّطْلِيقَةِ جَازَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا ذَكَرْنَا .
فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لَمْ تُقَدِّرْ لِلْإِيَاسِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَإِنَّمَا عَلَّقَتْهُ بِالْعَادَةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا التَّفْرِيعُ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=11746_11789_11750طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي حَالِ الْحَيْضِ ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ أَرَادَ طَلَاقَهَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهَا إذَا طَهُرَتْ ثُمَّ حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ طَلَّقَهَا إنْ شَاءَ وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَةَ .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيُّ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيُّ قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٍ وَجْهُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ : مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا طَلَّقَ ابْنُهُ
عَبْدُ اللَّهِ امْرَأَتَهُ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34993مُرْ ابْنَك فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يَدَعْهَا إلَى أَنْ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا إنْ شَاءَ طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ } أَمَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَرْكِ الطَّلَاقِ إلَى غَايَةِ الطُّهْرِ الثَّانِي فَدَلَّ أَنَّ وَقْتَ طَلَاقِ السُّنَّةِ هُوَ الطُّهْرُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَلِأَنَّ الْحَيْضَةَ الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا غَيْرُ مَحْسُوبَةٍ مِنْ الْعِدَّةِ فَكَانَ إيقَاعُ الطَّلَاقِ فِيهَا كَإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِيهَا ، وَلَوْ طَلَّقَ فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِيهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ فِيهِ أُخْرَى كَذَا هَذَا وَجْهُ مَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيُّ أَنَّ هَذَا طُهْرٌ لَا جِمَاعَ فِيهِ وَلَا طَلَاقَ حَقِيقَةً فَكَانَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ كَالطُّهْرِ الثَّانِي .
وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَقَدْ رَوَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12163أَخْطَأْتَ السُّنَّةَ مَا هَكَذَا أَمَرَكَ اللَّهُ تَعَالَى إنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ اسْتِقْبَالًا فَتُطَلِّقَهَا لِكُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً } جَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّلَاقَ فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلَاقًا عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ وَالطُّهْرُ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَةَ طُهْرٌ فَكَانَ الْإِيقَاعُ فِيهِ إيقَاعًا عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَتُحْمَلُ تِلْكَ الرِّوَايَةُ عَلَى الْأَحْسَنِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالتَّطْلِيقَةِ الْوَاحِدَةِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ ، وَهَذَا أَحْسَنُ الطَّلَاقِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَى الْحُسْنِ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالثَّلَاثِ فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ ; عَمَلًا بِهِمَا ; جَمْعًا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ .