( فصل ) :
وأما شرائط الركن فأنواع بعضها يرجع إلى الزوج وبعضها يرجع إلى المرأة وبعضها يرجع إلى نفس الركن وبعضها يرجع إلى الوقت أما .
الذي يرجع إلى الزوج فمنها أن يكون عاقلا حقيقة أو تقديرا فلا يقع
nindex.php?page=treesubj&link=11704_11705_11776_11775طلاق المجنون والصبي الذي لا يعقل لأن العقل شرط أهلية التصرف لأن به يعرف كون التصرف مصلحة وهذه التصرفات ما شرعت إلا لمصالح العباد وأما
nindex.php?page=treesubj&link=23641_11705_11767السكران إذا طلق امرأته فإن كان سكره بسبب محظور بأن شرب الخمر أو النبيذ طوعا حتى سكر وزال عقله فطلاقه واقع عند عامة العلماء وعامة الصحابة رضي الله عنهم وعن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان رضي الله عنه أنه لا يقع طلاقه وبه أخذ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي nindex.php?page=showalam&ids=15071والكرخي وهو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجه قولهم : إن عقله زائل والعقل من شرائط أهلية التصرف لما ذكرنا ولهذا لا يقع
nindex.php?page=treesubj&link=23641_9932_11767_11771_11776_11775طلاق المجنون والصبي الذي لا يعقل والذي زال عقله بالبنج والدواء كذا هذا والدليل عليه أنه لا تصح ردته فلأن لا يصح طلاقه أولى .
( ولنا ) عموم قوله عز وجل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229الطلاق مرتان } إلى قوله - سبحانه وتعالى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=230فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } من غير فصل بين السكران وغيره إلا من خص بدليل .
وقوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28775كل طلاق جائز إلا طلاق الصبي والمعتوه } ولأن عقله زال بسبب ; هو معصية فينزل قائما عقوبة عليه وزجرا له عن ارتكاب المعصية ولهذا لو قذف إنسانا أو قتل يجب عليه الحد والقصاص وأنهما لا يجبان على غير العاقل دل أن عقله جعل قائما وقد يعطى للزائل حقيقة حكم القائم تقديرا إذا زال بسبب هو معصية للزجر والردع كمن قتل مورثه أنه يحرم الميراث ويجعل المورث حيا زجرا للقاتل وعقوبة عليه بخلاف ما إذا زال بالبنج والدواء لأنه ما زال بسبب هو معصية إلا أنه لا تصح
nindex.php?page=treesubj&link=13666_23641_9932ردة السكران استحسانا نظرا له لأن بقاء العقل تقديرا بعد زواله حقيقة للزجر وإنما تقع الحاجة إلى
[ ص: 100 ] الزاجر فيما يغلب وجوده لوجود الداعي إليه طبعا ، والردة لا يغلب وجودها لانعدام الداعي إليها فلا حاجة إلى استبقاء عقله فيها للزجر ولأن جهة زوال العقل حقيقة تقتضي بقاء الإسلام وجهة بقائه تقديرا تقتضي زوال الإسلام فيرجح جانب البقاء لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ، ولهذا يحكم بإسلام الكافر إذا أكره على الإسلام ولا يحكم بكفر المسلم إذا أكره على إجراء كلمة الكفر فأجرى وأخبر أن قلبه كان مطمئنا بالإيمان كذا هذا ، وإن كان سكره بسبب مباح لكن حصل له به لذة بأن شرب الخمر مكرها حتى سكر أو شربها عند ضرورة العطش فسكر قالوا : إن طلاقه واقع أيضا لأنه وإن زال عقله فإنما حصل زوال عقله بلذة فيجعل قائما ويلحق الإكراه والاضطرار بالعدم كأنه شرب طائعا حتى سكر وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله تعالى فيمن شرب النبيذ ولم يزل عقله ولكن صدع فزال عقله بالصداع أنه لا يقع طلاقه ; لأنه ما زال عقله بمعصية ولا بلذة فكان زائلا حقيقة وتقديرا وكذلك إذا شرب البنج أو الدواء الذي يسكر وزال عقله لا يقع طلاقه لما قلنا .
( فَصْلٌ ) :
وَأَمَّا شَرَائِطُ الرُّكْنِ فَأَنْوَاعٌ بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الزَّوْجِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَرْأَةِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الرُّكْنِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْوَقْتِ أَمَّا .
الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الزَّوْجِ فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا فَلَا يَقَعُ
nindex.php?page=treesubj&link=11704_11705_11776_11775طَلَاقُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ لِأَنَّ الْعَقْلَ شَرْطُ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ لِأَنَّ بِهِ يَعْرِفُ كَوْنَ التَّصَرُّفِ مَصْلَحَةً وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مَا شُرِعَتْ إلَّا لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=23641_11705_11767السَّكْرَانُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَإِنْ كَانَ سُكْرُهُ بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ بِأَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ أَوْ النَّبِيذَ طَوْعًا حَتَّى سَكِرَ وَزَالَ عَقْلُهُ فَطَلَاقُهُ وَاقِعٌ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَعَامَّةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَبِهِ أَخَذَ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15071وَالْكَرْخِيُّ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَجْهُ قَوْلِهِمْ : إنَّ عَقْلَهُ زَائِلٌ وَالْعَقْلُ مِنْ شَرَائِطِ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ لِمَا ذَكَرْنَا وَلِهَذَا لَا يَقَعُ
nindex.php?page=treesubj&link=23641_9932_11767_11771_11776_11775طَلَاقُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَاَلَّذِي زَالَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ وَالدَّوَاءِ كَذَا هَذَا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ فَلَأَنْ لَا يَصِحَّ طَلَاقُهُ أَوْلَى .
( وَلَنَا ) عُمُومُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=229الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ } إلَى قَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=230فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ السَّكْرَانِ وَغَيْرِهِ إلَّا مَنْ خُصَّ بِدَلِيلٍ .
وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28775كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إلَّا طَلَاقَ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ } وَلِأَنَّ عَقْلَهُ زَالَ بِسَبَبٍ ; هُوَ مَعْصِيَةٌ فَيُنَزَّلُ قَائِمًا عُقُوبَةً عَلَيْهِ وَزَجْرًا لَهُ عَنْ ارْتِكَابِ الْمَعْصِيَةِ وَلِهَذَا لَوْ قَذَفَ إنْسَانَا أَوْ قَتَلَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْقِصَاصُ وَأَنَّهُمَا لَا يَجِبَانِ عَلَى غَيْرِ الْعَاقِلِ دَلَّ أَنَّ عَقْلَهُ جُعِلَ قَائِمًا وَقَدْ يُعْطَى لِلزَّائِلِ حَقِيقَةَ حُكْمِ الْقَائِمِ تَقْدِيرًا إذَا زَالَ بِسَبَبٍ هُوَ مَعْصِيَةٌ لِلزَّجْرِ وَالرَّدْعِ كَمَنْ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ أَنَّهُ يُحْرَمُ الْمِيرَاثَ وَيُجْعَلُ الْمُوَرِّثُ حَيًّا زَجْرًا لِلْقَاتِلِ وَعُقُوبَةً عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَالَ بِالْبَنْجِ وَالدَّوَاءِ لِأَنَّهُ مَا زَالَ بِسَبَبٍ هُوَ مَعْصِيَةٌ إلَّا أَنَّهُ لَا تَصِحُّ
nindex.php?page=treesubj&link=13666_23641_9932رِدَّةُ السَّكْرَانِ اسْتِحْسَانًا نَظَرًا لَهُ لِأَنَّ بَقَاءَ الْعَقْلِ تَقْدِيرًا بَعْدَ زَوَالِهِ حَقِيقَةٌ لِلزَّجْرِ وَإِنَّمَا تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى
[ ص: 100 ] الزَّاجِرِ فِيمَا يَغْلِبُ وُجُودُهُ لِوُجُودِ الدَّاعِي إلَيْهِ طَبْعًا ، وَالرِّدَّةُ لَا يَغْلِبُ وُجُودُهَا لِانْعِدَامِ الدَّاعِي إلَيْهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِبْقَاءِ عَقْلِهِ فِيهَا لِلزَّجْرِ وَلِأَنَّ جِهَةَ زَوَالِ الْعَقْلِ حَقِيقَةً تَقْتَضِي بَقَاءَ الْإِسْلَامِ وَجِهَةَ بَقَائِهِ تَقْدِيرًا تَقْتَضِي زَوَالَ الْإِسْلَامِ فَيُرَجَّحُ جَانِبُ الْبَقَاءِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ ، وَلِهَذَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْكَافِرِ إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُحْكَمُ بِكُفْرِ الْمُسْلِمِ إذَا أُكْرِهَ عَلَى إجْرَاءِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ فَأَجْرَى وَأَخْبَرَ أَنَّ قَلْبَهُ كَانَ مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ كَذَا هَذَا ، وَإِنْ كَانَ سُكْرُهُ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ لَكِنْ حَصَلَ لَهُ بِهِ لَذَّةٌ بِأَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مُكْرَهًا حَتَّى سَكِرَ أَوْ شَرِبَهَا عِنْدَ ضَرُورَةِ الْعَطَشِ فَسَكِرَ قَالُوا : إنْ طَلَاقَهُ وَاقِعٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ وَإِنْ زَالَ عَقْلُهُ فَإِنَّمَا حَصَلَ زَوَالُ عَقْلِهِ بِلَذَّةٍ فَيُجْعَلُ قَائِمًا وَيُلْحَقُ الْإِكْرَاهُ وَالِاضْطِرَارُ بِالْعَدَمِ كَأَنَّهُ شَرِبَ طَائِعًا حَتَّى سَكِرَ وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ وَلَكِنْ صُدِّعَ فَزَالَ عَقْلُهُ بِالصُّدَاعِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ ; لِأَنَّهُ مَا زَالَ عَقْلُهُ بِمَعْصِيَةٍ وَلَا بِلَذَّةٍ فَكَانَ زَائِلًا حَقِيقَةً وَتَقْدِيرًا وَكَذَلِكَ إذَا شَرِبَ الْبَنْجَ أَوْ الدَّوَاءَ الَّذِي يُسْكِرُ وَزَالَ عَقْلُهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ لِمَا قُلْنَا .