الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو علق بحرف الفاء بأن قال : إن دخلت الدار فأنت طالق فطالق فطالق ، فجعل الكرخي والطحاوي حرف الفاء ههنا كحرف الواو وأثبتا الخلاف فيه .

                                                                                                                                والفقيه أبو الليث جعله مثل كلمة بعد وعده مجمع عليه فقال : إذا كانت غير مدخول بها لا يقع إلا واحدة بالإجماع ، وهكذا ذكر الشيخ الإمام الأجل الأستاذ علاء الدين رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                وهذا أقرب إلى الفقه ; لأن الفاء للترتيب مع التعقيب ووقوع الأول يمنع من تعقب الثاني والثالث ، ولو قال : إن دخلت الدار فأنت طالق ثم طالق ثم طالق فالأول يتعلق بالشرط والثاني يقع للحال ويلغو الثالث في قول أبي حنيفة كما إذا لم يذكر الواو ولا الفاء بأن قال : إن دخلت الدار فأنت طالق طالق طالق ، فإن تزوج بها ودخلت الدار ولم تكن دخلت قبل ذلك الدار نزل المعلق ، وإن كانت مدخولا بها يتعلق الأول بالشرط وتقع الثانية والثالثة في الحال ، فإن دخلت الدار وهي في العدة أو دخلتها بعد أن راجعها نزل المعلق .

                                                                                                                                وقال أبو يوسف ومحمد : يتعلق الكل بالشرط حتى لا يقع شيء في الحال وإذا دخلت الدار يقع واحدة وإن كانت مدخولا بها يقع الثلاث على التعاقب كما إذا قال : إن دخلت الدار فأنت طالق واحدة وبعدها واحدة وبعدها واحدة وكما قال أبو حنيفة في حرف الواو : وجه قولهما أن عطف البعض على البعض بحرف العطف ; لأن ثم حرف عطف كالواو فيتعلق الكل بالشرط ، ثم الوقوع بعد الشرط يكون على التعاقب بمقتضى حرف ثم ; لأنه للترتيب مع التراخي فيعتبر أن معنى العطف في التعليق ومعنى الترتيب في الوقوع على ما نذكر ، ولأبي حنيفة أن قوله : إن دخلت الدار فأنت طالق يمين تامة لوجود الشرط والجزاء وأنها منعقدة لحصولها في الملك ، فلما قال : ثم طالق فقد تراخى الكلام الثاني عن الأول فصار كأنه سكت ثم قال لها : أنت طالق فيقع في الحال ولا يتعلق بالشرط ، وأبو حنيفة يعتبر معنى الكلمة وهو التراخي في نفس الكلام فكان الفصل بين الكلام الأول والثاني بالتراخي كالفصل بالسكوت على ما نذكر إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية