الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ومنها الإضافة إلى جميع أجزائها أو إلى جزء جامع منها أو شائع ، وجملة الكلام أنه لا خلاف أنه إذا أضاف الطلاق إلى جزء جامع منها كالرأس والوجه والرقبة والفرج أنه يقع الطلاق ; لأن هذه الأعضاء يعبر بها عن جميع البدن يقال : فلان يملك كذا وكذا رأسا من الرقيق وكذا وكذا رقبة .

                                                                                                                                وقال الله تعالى { : أو تحرير رقبة }

                                                                                                                                والمراد بها الجملة ، وفي الخبر { : لعن الله الفروج على السروج } ، والوجه يذكر ويراد به الذات قال الله سبحانه وتعالى { : كل شيء هالك إلا وجهه } أي إلا هو ، ومن كفل بوجه فلان يصير كفيلا بنفسه فيثبت أن هذه الأعضاء يعبر بها عن جميع البدن فكان ذكرها ذكرا للبدن كأنه قال : أنت طالق .

                                                                                                                                وكذا إذا أضاف إلى وجهها ; لأن قوام النفس بها ; ولأن الروح تسمى نفسا قال الله تعالى { : الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها } ، ولو أضاف الطلاق إلى دبرها لا يقع ; لأن الدبر لا يعبر به عن جميع البدن بخلاف الفرج ، ولا خلاف أيضا في أنه إذا أضاف الطلاق إلى جزء شائع منها بأن قال : نصفك طالق أو ثلثك طالق أو ربعك طالق أو جزء منك ، أنه يقع الطلاق ; لأن الجزء الشائع محل للنكاح حتى تصح إضافة النكاح إليه فيكون محلا للطلاق ; ولأن الإضافة إلى الجزء الشائع تقتضي ثبوت حكم الطلاق فيه ، وإنه شائع في جملة الأجزاء بعذر الاستمتاع بجميع البدن لما في الاستمتاع به استمتاع بالجزء الحرام فلم يكن في إبقاء النكاح فائدة فيزول ضرورة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية