الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما تغيير العدة فنحو الأمة إذا طلقت ثم أعتقت فإن كان الطلاق رجعيا تتغير عدتها إلى عدة الحرائر ; لأن الطلاق الرجعي لا يزيل الزوجية ، فهذه حرة وجبت عليها العدة وهي زوجته فتعتد عدة الحرائر كما إذا عتقها المولى ثم طلقها الزوج ، وإن كانت بائنا لا تتغير عندنا ، وعند الشافعي تتغير فيهما جميعا .

                                                                                                                                وجه قوله أن الأصل في العدة هو الكمال وإنما النقصان بعارض الرق فإذا أعتقت فقد زال العارض وأمكن تكميلها فتكمل ، ولنا أن الطلاق أوجب عليها عدة الإماء ; لأنه صادفها وهي أمة والإعتاق وجد وهي مبانة فلا يتغير الواجب بعد البينونة كعدة الوفاة بخلاف الطلاق الرجعي ; لأنه لا يوجب زوال الملك فوجد الإعتاق وهي زوجته فوجبت عليها العدة وهي حرة فتعتد عدة الحرائر .

                                                                                                                                وهذا بخلاف الإيلاء بأن كانت الزوجة مملوكة وقت الإيلاء ثم أعتقت أنه تنقلب عدتها إلى عدة الحرائر وإن كان الإيلاء طلاقا بائنا ، وقد سوى بينه وبين الرجعي في هذا الحكم ، وإنما كان كذلك لأن البينونة في الإيلاء لا تثبت للحال وإنما تثبت بعد انقضاء المدة فكانت الزوجية قائمة للحال فأشبه الطلاق الرجعي بأن طلقها الزوج رجعيا ثم أعتقها المولى ، وهناك تنقلب عدتها عدة الحرائر فكذا مدتها ههنا ، بخلاف الطلاق البائن فإنه يوجب زوال الملك للحال وقد وجبت عدة الإماء بالطلاق فلا تتغير بعد البينونة بالعتق ، والله الموفق .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية