[ ص: 230 ] فصل ) :
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=12029_12054_12074_12088الشرائط فأنواع بعضها يرجع إلى المظاهر وبعضها يرجع إلى المظاهر منه وبعضها يرجع إلى المظاهر به .
nindex.php?page=treesubj&link=12037_12029أما الذي يرجع إلى المظاهر فأنواع : منها أن يكون عاقلا إما حقيقة أو تقديرا فلا يصح
nindex.php?page=treesubj&link=12035_12037_11705_11779_11772_11771_12040_12041_12043_12044_12042_11767_12038_12036_12039ظهار المجنون والصبي الذي لا يعقل ; لأن حكم الحرمة وخطاب التحريم لا يتناول من لا يعقل .
ومنها أن لا يكون معتوها ولا مدهوشا ولا مبرسما ولا مغمى عليه ولا نائما فلا يصح ظهار هؤلاء كما لا يصح طلاقهم ، وظهار السكران كطلاقه وهو على التفصيل الذي ذكرناه في كتاب الطلاق
ومنها أن يكون بالغا فلا يصح ظهار الصبي وإن كان عاقلا ; لما مر في ظهار المجنون ولأن الظهار من التصرفات الضارة المحضة فلا يملكه الصبي كما لا يملك الطلاق والعتاق وغيرهما من التصرفات التي هي ضارة محضة ، ومنها أن يكون مسلما فلا يصح
nindex.php?page=treesubj&link=23238_12033_12035_11776_12034ظهار الذمي وهذا عندنا ، عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إسلام المظاهر ليس بشرط لصحة ظهاره ويصح ظهار الذمي واحتج بعموم قوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3والذين يظاهرون من نسائهم } من غير فصل بين المسلم والكافر ولأن الكافر من أهل الظهار ; لأن حكمه الحرمة ، والكفار مخاطبون بشرائع هي حرمات ، ولهذا كان أهلا للطلاق فكذا للظهار .
ولنا أن عمومات النكاح لا تقتضي حل وطء الزوجات على الأزواج نحو قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين } وقوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } .
والظهار لا يوجب زوال النكاح والزوجية ; لأن لفظ الظهار لا ينبئ عنه ولهذا لا يحتاج إلى تجديد النكاح بعد الكفارة ; لأن المسلم صار مخصوصا ، فمن ادعى تخصيص الذمي يحتاج إلى الدليل ; ولأن حكم الظهار حرمة مؤقتة بالكفارة أو بتحرير يخلفه الصوم والكافر ليس من أهل هذا الحكم فلا يكون من أهل الظهار وقد خرج الجواب عما ذكره من المعنى وأما آية الظهار فإنها تتناول المسلم لدلائل : أحدها أن أول الآية خاص في حق المسلمين وهو قوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2الذين يظاهرون منكم } فقوله تعالى ( منكم ) كناية عن المسلمين .
ألا ترى إلى قوله سبحانه وتعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=18إن الله لغفور رحيم } ؟ والكافر غير جائز المغفرة .
وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3والذين يظاهرون من نسائهم } بناء على الأول ، والثاني أن فيها أمرا بتحرير يخلفه الصيام إذا لم يجد الرقبة والصيام يخلفه الطعام إذا لم يستطع وكل ذلك لا يتصور إلا في حق المسلم ، والثالث أن المسلم مراد من هذه الآية بلا شك ، والمذهب عندنا أن العام يبنى على الخاص ومتى بني العام على الخاص خرج المسلم من عموم الآية ولم يقل به أحد .
وأما كونه حرا فليس بشرط لصحة الظهار فيصح
nindex.php?page=treesubj&link=12046ظهار العبد ; لأن الظهار تحريم والعبد من أهل التحريم .
ألا ترى أنه يملك التحريم بالطلاق ؟ فكذا بالظهار ولعموم قوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3والذين يظاهرون من نسائهم } فإن قيل هذه الآية لا تتناول العبد ; لأنه جعل حكم الظهار التحرير بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3فتحرير رقبة } والعبد ليس من أهل التحرير فلا يكون من أهل حكم الظهار فلا يكون من أهل الظهار فلا يتناوله نص الظهار فالجواب أنه ممنوع ، أنه جعل حكم الظهار التحرير على الإطلاق بل جعل حكمه في حق من وجد فأما في حق من لم يجد فإنما جعل حكمه الصيام بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } والعبد غير واجد ; لأنه لا يكون واجدا إلا بالملك ، والعبد ليس من أهل الملك فلا يكون واجدا فلا يكون الإعتاق حكم الظهار في حقه إذ لا عتق فيما لا يملكه ابن
آدم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجوز له التكفير بالإعتاق وكذا بالإطعام إذ الإطعام على وجه التمليك أو الإباحة ، والإباحة لا تتحقق بدون الملك .
ولو كفر العبد بهما بإذن مولاه أو المولى كفر عنه بهما لم يجز ; لأن الملك لم يثبت له فلا يقع الإعتاق والإطعام عنه بخلاف الفقير إذا أعتق عنه غيره أو أطعم فإنه يجوز ; لأن الفقير من أهل الملك فثبت الملك له أولا ثم يؤدى عنه بطريق النيابة ، والعبد ليس من أهل الملك فلا يملك المؤدى فلا يجزيه في الكفارة إلا الصيام وليس لمولاه أن يمنعه من صيام الظهار بخلاف صيام النذر وكفارة اليمين ; لأن للمولى أن يمنعه عن ذلك ; لأن صوم الظهار قد تعلق به حق المرأة ; لأنه يتعلق به استباحة وطئها الذي استحقه بعقد النكاح فكان منعه إياها عن الصيام منعا له عن إيفاء حق مستحق للغير فلا يملك ذلك بخلاف صوم النذر وكفارة اليمين ; لأنه لم يتعلق به حق أحد فكان العبد بالصوم متصرفا في المنافع المملوكة لمولاه من غير إذنه لا حق لأحد فيه فكان له منعه عن ذلك سواء
[ ص: 231 ] كان العبد قنا أو مدبرا أو أم ولد أو مكاتبا أو مستسعى ، على أصل
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة لما قلنا .
وكذا كونه جادا فليس بشرط لصحة الظهار حتى يصح
nindex.php?page=treesubj&link=11768_12048ظهار الهازل كما يصح طلاقه ، وكذا كونه طائعا أو عامدا ليس بشرط عندنا فيصح
nindex.php?page=treesubj&link=11773_11766_12051_12049ظهار المكره والخاطئ كما يصح طلاقهما ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي شرط فلا يصح ظهارهما كما لا يصح طلاقهما وهذه من مسائل الإكراه .
وكذا
nindex.php?page=treesubj&link=12113_12112التكلم بالظهار ليس بشرط حتى يصير مظاهرا بالكتابة المستبينة والإشارة المعلومة من الأخرس ، وكذا الخلو عن شرط الخيار ليس بشرط فيصح
nindex.php?page=treesubj&link=12052ظهار شرط الخيار لما ذكرنا في كتاب الطلاق .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=12031_12030كون المظاهر رجلا فهل هو شرط صحة الظهار ؟ ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : ليس بشرط وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد شرط حتى لو قالت المرأة لزوجها : أنت علي كظهر أمي تصير مظاهرة عند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف وعليها كفارة الظهار ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد لا تصير مظاهرة ولما حكي قولهما
nindex.php?page=showalam&ids=14111للحسن بن زياد فقال : هما شيخا الفقه أخطآ ، عليهما كفارة اليمين إذا وطئها زوجها .
( وجه ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن أن الظهار تحريم فتصير كأنها قالت لزوجها : أنت علي حرام ، ولو قالت ذلك تلزمها الكفارة إذا وطئها كذا هذا .
( وجه ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أن الظهار تحريم بالقول والمرأة لا تملك التحريم بالقول .
ألا ترى أنها لا تملك الطلاق ؟ فكذا الظهار ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954ولأبي يوسف أن الظهار تحريم يرتفع بالكفارة وهي من أهل الكفارة فكانت من أهل الظهار والله أعلم .
ومنها
nindex.php?page=treesubj&link=11703_11730_12092_12094_12031النية عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف في بعض أنواع الظهار دون بعض .
وبيان ذلك أنه لو قال لامرأته : أنت علي كظهر أمي كان مظاهرا سواء نوى الظهار أو لا نية له أصلا ; لأن هذا صريح في الظهار إذ هو ظاهر المراد مكشوف المعنى عند السماع بحيث يسبق إلى إفهام السامعين فكان صريحا لا يفتقر إلى النية كصريح الطلاق في قوله : أنت طالق ، وكذا إذا نوى به الكرامة أو المنزلة أو الطلاق أو تحريم اليمين لا يكون إلا ظهارا ; لأن هذا اللفظ صريح في الظهار فإذا نوى به غيره فقد أراد صرف اللفظ عما وضع له إلى غيره فلا ينصرف إليه ، كما إذا قال لامرأته : أنت طالق ونوى به الطلاق عن الوثاق أو الطلاق عن العمل أنه لا ينصرف إليه ويقع الطلاق لما قلنا كذا هذا ، ولو قال : أردت به الإخبار عما مضى كذبا لا يصدق في القضاء ; لأنه خلاف الظاهر ; لأن هذا اللفظ في الشرع جعل إنشاء فلا يصدق في إرادة الإخبار عنه كقوله : أنت طالق إذا أراد به الإخبار عن الماضي كذبا ولا يسع للمرأة أن تصدقه كما لا يسع للقاضي ; لأن القاضي إنما يصدقه لادعائه خلاف الظاهر وهذا موجود في حق المرأة ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى ; لأنه نوى ما يحتمله كلامه ، وكذا إذا قال : أنا منك مظاهر وقد ظاهرتك فهو مظاهر نوى به الظهار أو لا نية له ; لأن هذا اللفظ صريح في الظهار أيضا إذ هو مكشوف المراد عند السامع فلا يفتقر إلى النية ، وأي شيء نوى لا يكون إلا ظهارا وإن أراد به الخبر عن الماضي كاذبا لا يصدق قضاء ويصدق ديانة لما قلنا كما لو قال : أنت مطلقة أو قد طلقتك .
وكذا
nindex.php?page=treesubj&link=12077_11730_12091لو قال : أنت علي كبطن أمي أو كفخذ أمي أو كفرج أمي فهذا وقوله : أنت علي كظهر أمي على السواء ; لأنه يجري مجرى الصريح لما ذكرنا فيما تقدم ،
nindex.php?page=treesubj&link=11717_12100_12098ولو قال : أنت علي كأمي أو مثل أمي يرجع إلى نيته فإن نوى به الظهار كان مظاهرا ، وإن نوى به الكرامة كان كرامة ، وإن نوى به الطلاق كان طلاقا ، وإن نوى به اليمين كان إيلاء ; لأن اللفظ يحتمل كل ذلك إذ هو تشبيه المرأة بالأم فيحتمل التشبيه في الكرامة والمنزلة أي أنت علي في الكرامة والمنزلة كأمي ويحتمل التشبيه في الحرمة ثم يحتمل ذلك حرمة الظهار ويحتمل حرمة الطلاق وحرمة اليمين فأي ذلك نوى فقد نوى ما يحتمله لفظه فيكون على ما نوى .
وإن لم يكن له نية لا يكون ظهارا عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف إلا أن عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة لا يكون شيئا ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف يكون تحريم اليمين ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد يكون ظهارا واحتج
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بقوله تعالى في آية الظهار ردا على المظاهرين {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2ما هن أمهاتهم } وذكر الله سبحانه وتعالى الأم ولم يذكر ظهر الأم فدل أن تشبيه المرأة وهو قوله : أنت علي كأمي ظهار حقيقة كقوله : أنت علي كظهر أمي بل أولى ; لأن قوله أنت علي كظهر أمي تشبيه المرأة بعضو من أعضائها ، وقوله أنت كأمي تشبيه بكلها ثم ذاك لما كان ظهارا فهذا أولى ; ولأن كاف التشبيه تختص بالظهار فعند الطلاق تحمل عليه
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف أن هذا اللفظ يحتمل الظهار وغيره احتمالا على السواء لما ذكرنا فلا يتعين الظهار إلا بدليل
[ ص: 232 ] معين ولم يوجد إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبا يوسف يقول يحمل على تحريم اليمين لأن الظهار أنه أراد بهذا التشبيه التشبيه في التحريم وذلك يحتمل تحريم الطلاق وتحريم اليمين إلا أن تحريم اليمين أدنى فيحمل عليه والجواب أنا لا نسلم أنه أراد به التشبيه في التحريم بل هو محتمل يحتمل الحرمة وغيرها فلا يتغير التحريم من غير دليل مع ما أن معنى الكرامة والمنزلة أدنى فيحمل مطلق التشبيه عليه .
وما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أن الله تعالى ذكر الأمهات لا ظهورهن قلنا هذا لا يدل على أن التشبيه بالأم ظهار حقيقة ; لأنه لو كان حقيقة لقال ما هن كأمهاتهم ; لأنه أثبت الأمومية لها ولو قال : أنت علي حرام كأمي حمل على نيته ; لأنه إذا ذكر مع التشبيه التحريم لم يحتمل معنى الكرامة فتعين التحريم ، وهو يحتمل تحريم الظهار ويحتمل تحريم الطلاق والإيلاء فيرجع إلى نيته فإن لم يكن له نية يكون ظهارا ; لأن حرف التشبيه يختص بالظهار فمطلق التحريم يحمل عليه .
ولو قال : أنت علي حرام كظهر أمي فإن نوى الظهار أو لا نية له أصلا فهو ظهار وإن نوى الطلاق لم يكن إلا ظهارا في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد يكون طلاقا وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنه يكون ظهارا وطلاقا معا .
وجه قولهما أن قوله : أنت علي حرام يحتمل الطلاق كما يحتمل الظهار فإذا نوى به الطلاق فقد نوى ما يحتمله لفظه فصحت نيته
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يقول : لما قال بعد قوله حرام كظهر أمي فقد فسر التحريم بتحريم الظهار فزال الاحتمال فكان صريحا في الظهار فلا تعمل فيه النية ، وما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف غير سديد ; لأنه حمل اللفظ الواحد على معنيين واللفظ الواحد لا ينتظم معنيين مختلفين
nindex.php?page=treesubj&link=11717_12100_12099_12098ولو قال : أنت علي كالميتة ، أو كالدم ، أو كالخمر ، أو كلحم الخنزير يرجع إلى نيته إن نوى الطلاق كان طلاقا وإن نوى التحريم أو لا نية له يكون يمينا ويصير موليا .
وإن قال : عنيت به الكذب لم يكن شيئا ولا يصدق في نفي اليمين في القضاء ، وقد ذكرنا هذه المسألة في كتاب الطلاق في فصل الإيلاء .
[ ص: 230 ] فَصْلٌ ) :
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=12029_12054_12074_12088الشَّرَائِطُ فَأَنْوَاعٌ بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُظَاهِرِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُظَاهَرِ مِنْهُ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُظَاهَرِ بِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=12037_12029أَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَظَاهِرِ فَأَنْوَاعٌ : مِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا إمَّا حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا فَلَا يَصِحُّ
nindex.php?page=treesubj&link=12035_12037_11705_11779_11772_11771_12040_12041_12043_12044_12042_11767_12038_12036_12039ظِهَارُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ ; لِأَنَّ حُكْمَ الْحُرْمَةِ وَخِطَابَ التَّحْرِيمِ لَا يَتَنَاوَلُ مَنْ لَا يَعْقِلُ .
وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مَعْتُوهًا وَلَا مَدْهُوشًا وَلَا مُبَرْسَمًا وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا نَائِمًا فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ هَؤُلَاءِ كَمَا لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُمْ ، وَظِهَارُ السَّكْرَانِ كَطَلَاقِهِ وَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ
وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ بَالِغًا فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ عَاقِلًا ; لِمَا مَرَّ فِي ظِهَارِ الْمَجْنُونِ وَلِأَنَّ الظِّهَارَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الضَّارَّةِ الْمَحْضَةِ فَلَا يَمْلِكُهُ الصَّبِيُّ كَمَا لَا يَمْلِكُ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي هِيَ ضَارَّةٌ مَحْضَةٌ ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونُ مُسْلِمًا فَلَا يَصِحُّ
nindex.php?page=treesubj&link=23238_12033_12035_11776_12034ظِهَارُ الذِّمِّيِّ وَهَذَا عِنْدَنَا ، عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ إسْلَامُ الْمُظَاهِرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ ظِهَارِهِ وَيَصِحُّ ظِهَارُ الذِّمِّيِّ وَاحْتَجَّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ } مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ مِنْ أَهْلِ الظِّهَارِ ; لِأَنَّ حُكْمَهُ الْحُرْمَةُ ، وَالْكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ بِشَرَائِعَ هِيَ حُرُمَاتٌ ، وَلِهَذَا كَانَ أَهْلًا لِلطَّلَاقِ فَكَذَا لِلظِّهَارِ .
وَلَنَا أَنَّ عُمُومَاتِ النِّكَاحِ لَا تَقْتَضِي حِلَّ وَطْءِ الزَّوْجَاتِ عَلَى الْأَزْوَاجِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } .
وَالظِّهَارُ لَا يُوجِبُ زَوَالَ النِّكَاحِ وَالزَّوْجِيَّةِ ; لِأَنَّ لَفْظَ الظِّهَارِ لَا يُنْبِئُ عَنْهُ وَلِهَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ ; لِأَنَّ الْمُسْلِمَ صَارَ مَخْصُوصًا ، فَمَنْ ادَّعَى تَخْصِيصَ الذِّمِّيِّ يَحْتَاجُ إلَى الدَّلِيلِ ; وَلِأَنَّ حُكْمَ الظِّهَارِ حُرْمَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بِالْكَفَّارَةِ أَوْ بِتَحْرِيرٍ يَخْلُفُهُ الصَّوْمُ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْحُكْمِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الظِّهَارِ وَقَدْ خَرَجَ الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَعْنَى وَأَمَّا آيَةُ الظِّهَارِ فَإِنَّهَا تَتَنَاوَلُ الْمُسْلِمَ لِدَلَائِلَ : أَحَدُهَا أَنَّ أَوَّلَ الْآيَةِ خَاصٌّ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ } فَقَوْلُهُ تَعَالَى ( مِنْكُمْ ) كِنَايَةٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ .
أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=18إنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } ؟ وَالْكَافِرُ غَيْرُ جَائِزِ الْمَغْفِرَةِ .
وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ } بِنَاءً عَلَى الْأَوَّلِ ، وَالثَّانِي أَنَّ فِيهَا أَمْرًا بِتَحْرِيرٍ يَخْلُفُهُ الصِّيَامُ إذَا لَمْ يَجِدْ الرَّقَبَةَ وَالصِّيَامُ يَخْلُفُهُ الطَّعَامُ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ ، وَالثَّالِثُ أَنَّ الْمُسْلِمَ مُرَادٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ بِلَا شَكٍّ ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَامَّ يُبْنَى عَلَى الْخَاصِّ وَمَتَى بُنِيَ الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ خَرَجَ الْمُسْلِمُ مِنْ عُمُومِ الْآيَةِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ .
وَأَمَّا كَوْنُهُ حُرًّا فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الظِّهَارِ فَيَصِحُّ
nindex.php?page=treesubj&link=12046ظِهَارُ الْعَبْدِ ; لِأَنَّ الظِّهَارَ تَحْرِيمٌ وَالْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ التَّحْرِيمِ .
أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّحْرِيمَ بِالطَّلَاقِ ؟ فَكَذَا بِالظِّهَارِ وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ } فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ الْآيَةُ لَا تَتَنَاوَلُ الْعَبْدَ ; لِأَنَّهُ جَعَلَ حُكْمَ الظِّهَارِ التَّحْرِيرَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ } وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّحْرِيرِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ حُكْمِ الظِّهَارِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الظِّهَارِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ نَصُّ الظِّهَارِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ ، أَنَّهُ جَعَلَ حُكْمَ الظِّهَارِ التَّحْرِيرَ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ جَعَلَ حُكْمَهُ فِي حَقِّ مَنْ وَجَدَ فَأَمَّا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَجِدْ فَإِنَّمَا جَعَلَ حُكْمَهُ الصِّيَامَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ } وَالْعَبْدُ غَيْرُ وَاجِدٍ ; لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ وَاجِدًا إلَّا بِالْمِلْكِ ، وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ فَلَا يَكُونُ وَاجِدًا فَلَا يَكُونُ الْإِعْتَاقُ حُكْمَ الظِّهَارِ فِي حَقِّهِ إذْ لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ
آدَمَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّكْفِيرُ بِالْإِعْتَاقِ وَكَذَا بِالْإِطْعَامِ إذْ الْإِطْعَامُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ أَوْ الْإِبَاحَةِ ، وَالْإِبَاحَةُ لَا تَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْمِلْكِ .
وَلَوْ كَفَّرَ الْعَبْدُ بِهِمَا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ أَوْ الْمَوْلَى كَفَّرَ عَنْهُ بِهِمَا لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ فَلَا يَقَعُ الْإِعْتَاقُ وَالْإِطْعَامُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْفَقِيرِ إذَا أَعْتَقَ عَنْهُ غَيْرُهُ أَوْ أَطْعَمَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ; لِأَنَّ الْفَقِيرَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ فَثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ أَوَّلًا ثُمَّ يُؤَدَّى عَنْهُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ ، وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ فَلَا يَمْلِكُ الْمُؤَدَّى فَلَا يَجْزِيهِ فِي الْكَفَّارَةِ إلَّا الصِّيَامُ وَلَيْسَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ صِيَامِ الظِّهَارِ بِخِلَافِ صِيَامِ النَّذْرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ ; لِأَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّ صَوْمَ الظِّهَارِ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمَرْأَةِ ; لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِبَاحَةُ وَطْئِهَا الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ فَكَانَ مَنْعُهُ إيَّاهَا عَنْ الصِّيَامِ مَنْعًا لَهُ عَنْ إيفَاءِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ لِلْغَيْرِ فَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ بِخِلَافِ صَوْمِ النَّذْرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ أَحَدٍ فَكَانَ الْعَبْدُ بِالصَّوْمِ مُتَصَرِّفًا فِي الْمَنَافِعِ الْمَمْلُوكَةِ لِمَوْلَاهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِ فَكَانَ لَهُ مَنْعُهُ عَنْ ذَلِكَ سَوَاءٌ
[ ص: 231 ] كَانَ الْعَبْدُ قِنًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُسْتَسْعًى ، عَلَى أَصْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا قُلْنَا .
وَكَذَا كَوْنُهُ جَادًّا فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الظِّهَارِ حَتَّى يَصِحَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11768_12048ظِهَارُ الْهَازِلِ كَمَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ ، وَكَذَا كَوْنُهُ طَائِعًا أَوْ عَامِدًا لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا فَيَصِحُّ
nindex.php?page=treesubj&link=11773_11766_12051_12049ظِهَارُ الْمُكْرَهِ وَالْخَاطِئِ كَمَا يَصِحُّ طَلَاقُهُمَا ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ شَرْطٌ فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُهُمَا كَمَا لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُمَا وَهَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْإِكْرَاهِ .
وَكَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=12113_12112التَّكَلُّمُ بِالظِّهَارِ لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى يَصِيرَ مُظَاهِرًا بِالْكِتَابَةِ الْمُسْتَبِينَةِ وَالْإِشَارَةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ ، وَكَذَا الْخُلُوُّ عَنْ شَرْطِ الْخِيَارِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَيَصِحُّ
nindex.php?page=treesubj&link=12052ظِهَارُ شَرْطِ الْخِيَارِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=12031_12030كَوْنُ الْمُظَاهِرِ رَجُلًا فَهَلْ هُوَ شَرْطُ صِحَّةِ الظِّهَارِ ؟ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفُ : لَيْسَ بِشَرْطٍ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ شَرْطٌ حَتَّى لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا : أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي تَصِيرُ مُظَاهِرَةً عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ لَا تَصِيرُ مُظَاهِرَةً وَلَمَّا حُكِيَ قَوْلُهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=14111لِلْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ فَقَالَ : هُمَا شَيْخَا الْفِقْهِ أَخْطَآ ، عَلَيْهِمَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إذَا وَطِئَهَا زَوْجُهَا .
( وَجْهُ ) قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14111الْحَسَنِ أَنَّ الظِّهَارَ تَحْرِيمٌ فَتَصِيرُ كَأَنَّهَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا : أَنْتَ عَلَيَّ حَرَامٌ ، وَلَوْ قَالَتْ ذَلِكَ تَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ إذَا وَطِئَهَا كَذَا هَذَا .
( وَجْهُ ) قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ أَنَّ الظِّهَارَ تَحْرِيمٌ بِالْقَوْلِ وَالْمَرْأَةُ لَا تَمْلِكُ التَّحْرِيمَ بِالْقَوْلِ .
أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الطَّلَاقَ ؟ فَكَذَا الظِّهَارُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الظِّهَارَ تَحْرِيمٌ يَرْتَفِعُ بِالْكَفَّارَةِ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ فَكَانَتْ مِنْ أَهْلِ الظِّهَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَمِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=11703_11730_12092_12094_12031النِّيَّةُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبِي يُوسُفَ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الظِّهَارِ دُونَ بَعْضٍ .
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَانَ مُظَاهِرًا سَوَاءٌ نَوَى الظِّهَارَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَصْلًا ; لِأَنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ إذْ هُوَ ظَاهِرُ الْمُرَادِ مَكْشُوفُ الْمَعْنَى عِنْدَ السَّمَاعِ بِحَيْثُ يَسْبِقُ إلَى إفْهَامِ السَّامِعِينَ فَكَانَ صَرِيحًا لَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ كَصَرِيحِ الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ ، وَكَذَا إذَا نَوَى بِهِ الْكَرَامَةَ أَوْ الْمَنْزِلَةَ أَوْ الطَّلَاقَ أَوْ تَحْرِيمَ الْيَمِينِ لَا يَكُونُ إلَّا ظِهَارًا ; لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ فَإِذَا نَوَى بِهِ غَيْرَهُ فَقَدْ أَرَادَ صَرْفَ اللَّفْظِ عَمَّا وُضِعَ لَهُ إلَى غَيْرِهِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ ، كَمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ عَنْ الْوَثَاقِ أَوْ الطَّلَاقَ عَنْ الْعَمَلِ أَنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ لِمَا قُلْنَا كَذَا هَذَا ، وَلَوْ قَالَ : أَرَدْتُ بِهِ الْإِخْبَارَ عَمَّا مَضَى كَذِبًا لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ ; لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ ; لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ فِي الشَّرْعِ جُعِلَ إنْشَاءً فَلَا يَصْدُقُ فِي إرَادَةِ الْإِخْبَارِ عَنْهُ كَقَوْلِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ إذَا أَرَادَ بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ الْمَاضِي كَذِبًا وَلَا يَسَعُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُصَدِّقَهُ كَمَا لَا يَسَعُ لِلْقَاضِي ; لِأَنَّ الْقَاضِي إنَّمَا يُصَدِّقُهُ لِادِّعَائِهِ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ وَيُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ; لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ ، وَكَذَا إذَا قَالَ : أَنَا مِنْكِ مُظَاهِرٌ وَقَدْ ظَاهَرْتُكِ فَهُوَ مُظَاهِرٌ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ ; لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ أَيْضًا إذْ هُوَ مَكْشُوفُ الْمُرَادِ عِنْدَ السَّامِعِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ ، وَأَيَّ شَيْءٍ نَوَى لَا يَكُونَ إلَّا ظِهَارًا وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْخَبَرَ عَنْ الْمَاضِي كَاذِبًا لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً لِمَا قُلْنَا كَمَا لَوْ قَالَ : أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَوْ قَدْ طَلَّقْتُكِ .
وَكَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=12077_11730_12091لَوْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَبَطْنِ أُمِّي أَوْ كَفَخِذِ أُمِّي أَوْ كَفَرْجِ أُمِّي فَهَذَا وَقَوْلُهُ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي عَلَى السَّوَاءِ ; لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الصَّرِيحِ لِمَا ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=11717_12100_12098وَلَوْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي أَوْ مِثْلُ أُمِّي يَرْجِعُ إلَى نِيَّتِهِ فَإِنْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ كَانَ مُظَاهِرًا ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الْكَرَامَةَ كَانَ كَرَامَةً ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ كَانَ إيلَاءً ; لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ كُلَّ ذَلِكَ إذْ هُوَ تَشْبِيهُ الْمَرْأَةِ بِالْأُمِّ فَيَحْتَمِلُ التَّشْبِيهَ فِي الْكَرَامَةِ وَالْمَنْزِلَةِ أَيْ أَنْتِ عَلَيَّ فِي الْكَرَامَةِ وَالْمَنْزِلَةِ كَأُمِّي وَيَحْتَمِلُ التَّشْبِيهَ فِي الْحُرْمَةِ ثُمَّ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ حُرْمَةَ الظِّهَارِ وَيَحْتَمِلُ حُرْمَةَ الطَّلَاقِ وَحُرْمَةَ الْيَمِينِ فَأَيَّ ذَلِكَ نَوَى فَقَدْ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ فَيَكُونُ عَلَى مَا نَوَى .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَا يَكُونُ ظِهَارًا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ إلَّا أَنَّ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَكُونُ شَيْئًا ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ تَحْرِيمَ الْيَمِينِ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ يَكُونُ ظِهَارًا وَاحْتَجَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آيَةِ الظِّهَارِ رَدَّا عَلَى الْمُظَاهِرِينَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2مَا هُنَّ أُمَّهَاتُهُمْ } وَذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْأُمَّ وَلَمْ يَذْكُرْ ظَهْرَ الْأُمِّ فَدَلَّ أَنَّ تَشْبِيهَ الْمَرْأَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ : أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي ظِهَارٌ حَقِيقَةً كَقَوْلِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي بَلْ أَوْلَى ; لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي تَشْبِيهُ الْمَرْأَةِ بِعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا ، وَقَوْلُهُ أَنْتِ كَأُمِّي تَشْبِيهٌ بِكُلِّهَا ثُمَّ ذَاكَ لَمَّا كَانَ ظِهَارًا فَهَذَا أَوْلَى ; وَلِأَنَّ كَافَ التَّشْبِيهِ تَخْتَصُّ بِالظِّهَارِ فَعِنْدَ الطَّلَاقِ تُحْمَلُ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَلِأَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14954وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ الظِّهَارَ وَغَيْرَهُ احْتِمَالًا عَلَى السَّوَاءِ لِمَا ذَكَرْنَا فَلَا يَتَعَيَّنُ الظِّهَارُ إلَّا بِدَلِيلٍ
[ ص: 232 ] مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ يُحْمَلُ عَلَى تَحْرِيمِ الْيَمِينِ لِأَنَّ الظِّهَارَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَذَا التَّشْبِيهِ التَّشْبِيهَ فِي التَّحْرِيمِ وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ تَحْرِيمَ الطَّلَاقِ وَتَحْرِيمَ الْيَمِينِ إلَّا أَنَّ تَحْرِيمَ الْيَمِينِ أَدْنَى فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ التَّشْبِيهَ فِي التَّحْرِيمِ بَلْ هُوَ مُحْتَمَلٌ يَحْتَمِلُ الْحُرْمَةَ وَغَيْرَهَا فَلَا يَتَغَيَّرُ التَّحْرِيمُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ مَعَ مَا أَنَّ مَعْنَى الْكَرَامَةِ وَالْمَنْزِلَةِ أَدْنَى فَيُحْمَلُ مُطْلَقُ التَّشْبِيهِ عَلَيْهِ .
وَمَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الْأُمَّهَاتِ لَا ظُهُورَهُنَّ قُلْنَا هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْأُمِّ ظِهَارٌ حَقِيقَةً ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَقِيقَةً لَقَالَ مَا هُنَّ كَأُمَّهَاتِهِمْ ; لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْأُمُومِيَّةَ لَهَا وَلَوْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَأُمِّي حُمِلَ عَلَى نِيَّتِهِ ; لِأَنَّهُ إذَا ذَكَرَ مَعَ التَّشْبِيهِ التَّحْرِيمَ لَمْ يَحْتَمِلْ مَعْنَى الْكَرَامَةِ فَتَعَيَّنَ التَّحْرِيمُ ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ تَحْرِيمَ الظِّهَارِ وَيَحْتَمِلُ تَحْرِيمَ الطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ فَيُرْجَعُ إلَى نِيَّتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَكُونُ ظِهَارًا ; لِأَنَّ حَرْفَ التَّشْبِيهِ يَخْتَصُّ بِالظِّهَارِ فَمُطْلَقُ التَّحْرِيمِ يُحْمَلُ عَلَيْهِ .
وَلَوْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ أَصْلًا فَهُوَ ظِهَارٌ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ لَمْ يَكُنْ إلَّا ظِهَارًا فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٍ يَكُونُ طَلَاقًا وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَكُونُ ظِهَارًا وَطَلَاقًا مَعًا .
وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ قَوْلَهُ : أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ كَمَا يَحْتَمِلُ الظِّهَارَ فَإِذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَقَدْ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ فَصَحَّتْ نِيَّتُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ : لَمَّا قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي فَقَدْ فَسَّرَ التَّحْرِيمَ بِتَحْرِيمِ الظِّهَارِ فَزَالَ الِاحْتِمَالُ فَكَانَ صَرِيحًا فِي الظِّهَارِ فَلَا تَعْمَلُ فِيهِ النِّيَّةُ ، وَمَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ غَيْرُ سَدِيدٍ ; لِأَنَّهُ حَمَلَ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ عَلَى مَعْنَيَيْنِ وَاللَّفْظُ الْوَاحِدُ لَا يَنْتَظِمُ مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ
nindex.php?page=treesubj&link=11717_12100_12099_12098وَلَوْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ ، أَوْ كَالدَّمِ ، أَوْ كَالْخَمْرِ ، أَوْ كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ يُرْجَعُ إلَى نِيَّتِهِ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا وَإِنْ نَوَى التَّحْرِيمَ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ يَكُونُ يَمِينًا وَيَصِيرُ مُولِيًا .
وَإِنْ قَالَ : عَنَيْتُ بِهِ الْكَذِبَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا وَلَا يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ الْيَمِينِ فِي الْقَضَاءِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي فَصْلِ الْإِيلَاءِ .