الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما جوازه ، فالقياس : أن لا يجوز ; لأنه بيع ما ليس عند الإنسان ، لا على وجه السلم ، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع ما ليس عند الإنسان ، ورخص في السلم ، ويجوز استحسانا ; لإجماع الناس على ذلك ; لأنهم يعملون [ ص: 3 ] ذلك في سائر الأعصار من غير نكر ، وقد قال - عليه الصلاة والسلام - : { لا تجتمع أمتي على ضلالة } وقال - عليه الصلاة والسلام - : { ما رآه المسلمون حسنا ; فهو عند الله حسن ، وما رآه المسلمون قبيحا ; فهو عند الله قبيح } والقياس يترك بالإجماع ، ولهذا ترك القياس في دخول الحمام بالأجر ، من غير بيان المدة ، ومقدار الماء الذي يستعمل ، وفي قطعه الشارب للسقاء ، من غير بيان قدر المشروب ، وفي شراء البقل ، وهذه المحقرات كذا هذا ; ولأن الحاجة تدعو إليه ; لأن الإنسان قد يحتاج إلى خف ، أو نعل من جنس مخصوص ، ونوع مخصوص ، على قدر مخصوص وصفة مخصوصة ، وقلما يتفق وجوده مصنوعا ; فيحتاج إلى أن يستصنع ، فلو لم يجز ; لوقع الناس في الحرج وقد خرج الجواب عن قوله : إنه معدوم ; لأنه ألحق بالموجود لمساس الحاجة إليه ، كالمسلم فيه : فلم يكن بيع ما ليس عند الإنسان على الإطلاق ; ولأن فيه معنى عقدين جائزين ، - وهو السلم والإجارة - ; لأن السلم عقد على مبيع في الذمة ، واستئجار الصناع يشترط فيه العمل ، وما اشتمل على معنى عقدين جائزين ; كان جائزا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية