الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( ومنها ) معاوضة عين المال بعين المال فلا تجب في معاوضة عين المال بما ليس بعين المال لما ذكرنا أن التملك بما تملكه به المشتري غير ممكن والتملك بعين المال ليس تملكا بما تملك به المشتري فامتنع أصلا وعلى هذا يخرج ما إذا جعل الدار مهرا بأن تزوج على دار أو جعلها بدل الخلع بأن خالع امرأته على دار أو جعلها أجرة في الإجارات بأن استأجر بدار ; لأن هذا معاوضة المال بالمنفعة ; لأن حكم الإجارة ثبت في المنفعة وكذا حكم النكاح وهو الصحيح على ما عرف في مسائل النكاح من الخلاف والمنفعة ليست بمال وهذا عند أصحابنا رحمهم الله وقال الشافعي رحمه الله هذا ليس بشرط وتجب الشفعة في هذه المواضع فيأخذها الشفيع بقيمة البضع وهي مهر المثل في النكاح والخلع وفي الإجارة بأجرة المثل .

                                                                                                                                ( وجه ) قوله أن الأخذ بالشفعة تملك بمثل ما تملك به المشتري عند الإمكان وعند التعذر تقام قيمته مقامه ألا ترى أنه لو اشترى دارا بعبد فالشفيع يأخذها بقيمة العبد لتعذر الأخذ بمثله إذ لا مثل له فتقوم قيمته مقامه كذا ههنا والمنافع تتقوم بالعقد بلا خلاف فتقام قيمة العوض مقامه .

                                                                                                                                ( ولنا ) أن المنافع في الأصل لا قيمة لها على أصول أصحابنا والأصل فيها أن لا تكون مضمونة ; لأن الشيء يضمن بمثله في الأصل والعرض لا يماثل العين ولهذا قالوا إنها لا تضمن بالغصب والإتلاف إلا أنها تتقوم بالعقد بطريق الضرورة ولحاجة الناس فبقي ما وراء ذلك على الأصل فلا يظهر تقومها في حق الشفيع ولو تزوج امرأة على دار على أن ترد المرأة عليه ألفا فلا شفعة في شيء من الدار عند أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تجب الشفعة في حصة الألف .

                                                                                                                                ( وجه ) قولهما أن الدار بعضها مهر وبعضها مبيع فلئن تعذر إيجاب الشفعة في حصة المهر أمكن إيجابها في حصة المبيع فتجب في حصته .

                                                                                                                                ( وجه ) قول أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يمكن إيجاب الشفعة في حصة المبيع إلا بعد قسمة الدار وفي قسمتها تقويم المنافع ولا قيمة لها إلا عند الضرورة على ما بينا ولأن المهر في الدار هو الأصل ; لأنها إنما دفعت الألف لتسلم لها الدار فإذا لم تثبت الشفعة في الأصل فكيف تجب في التابع ؟ ولو تزوجها على مهر مسمى ثم باع داره من المرأة بذلك المهر أو تزوجها بغير مهر مسمى ثم باع داره من المرأة بمهر المثل تجب فيها الشفعة ; لأن هذا مبيع مبتدأ فتجب به الشفعة ولو تزوجها على دار أو تزوجها على غير مسمى ثم فرض لها داره مهرا لا تجب فيها الشفعة ; لأن الغرض منه ليس ببيع بل هو تقدير المهر فلا تجب الشفعة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية