( كتاب الكفارات )
الكلام في الكفارات في مواضع : في .
بيان أنواعها ، وفي بيان وجوب كل نوع ، وفي بيان كيفية وجوبه ، وفي بيان شرط وجوبه ، وفي بيان شرط جوازه ، ( أما ) الأول
nindex.php?page=treesubj&link=3438_16537_16536_23618_23396_12129 : فالكفارات المعهودة في الشرع خمسة أنواع : كفارة اليمين ، وكفارة الحلق ، وكفارة القتل ، وكفارة الظهار ، وكفارة الإفطار ، والكل واجبة إلا أن أربعة منها عرف وجوبها بالكتاب العزيز ، وواحدة منها عرف وجوبها بالسنة ، ( أما ) الأربعة التي عرف وجوبها بالكتاب العزيز فكفارة اليمين وكفارة الحلق وكفارة القتل وكفارة الظهار ، قال الله - تعالى عز شأنه - في كفارة اليمين : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم } .
والكفارة في عرف الشرع اسم للواجب ، وقال - جل شأنه - في كفارة الحلق : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } ، أي فعليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك ، وقال تعالى في كفارة القتل {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92 : ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله } أي فعليه تحرير رقبة مؤمنة وعليه ذلك وعليه صوم شهرين متتابعين لأن صيغته وإن كانت صيغة الخبر لكن لو حمل على الخبر لأدى إلى الخلف في خبر من لا يحتمل خبره الخلف ، فيحمل على الإيجاب ، والأمر بصيغة الخبر كثير النظير في القرآن ، قال الله - تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233والوالدات يرضعن أولادهن } أي ليرضعن ، وقال عز شأنه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228والمطلقات يتربصن بأنفسهن } أي ليتربصن ، ونحو ذلك .
وقال الله - تعالى - في كفارة الظهار : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا } إلى قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل [ ص: 96 ] أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا } ، أي فعليهم ذلك لما قلنا ( وأما ) كفارة الإفطار فلا ذكر لها في الكتاب العزيز وإنما عرف وجوبها بالسنة وهو ما روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2409أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله هلكت وأهلكت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ماذا صنعت ؟ فقال واقعت امرأتي في شهر رمضان متعمدا فقال النبي عليه الصلاة والسلام : أعتق رقبة قال : ليس عندي ما أعتق فقال له عليه الصلاة والسلام : صم شهرين متتابعين قال : لا أستطيع فقال له عليه الصلاة والسلام : أطعم ستين مسكينا فقال : لا أجد ما أطعم ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق فيه خمسة عشر صاعا من تمر فقال : خذها وفرقها على المساكين ، فقال : أعلى أهل بيت أحوج مني ، والله ما بين لابتي المدينة أحد أحوج مني ومن عيالي فقال له النبي عليه الصلاة والسلام : كلها وأطعم عيالك تجزيك ولا تجزي أحدا بعدك } وفي بعض الروايات {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2536أن الأعرابي لما قال ذلك تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال عليه الصلاة والسلام : كلها وأطعم عيالك تجزيك ولا تجزي أحدا بعدك } فقد أمر عليه الصلاة والسلام بالإعتاق ثم بالصوم ثم بالإطعام ، ومطلق الأمر محمول على الوجوب والله عز شأنه أعلم .
( كِتَابُ الْكَفَّارَاتِ )
الْكَلَامُ فِي الْكَفَّارَاتِ فِي مَوَاضِعَ : فِي .
بَيَانِ أَنْوَاعِهَا ، وَفِي بَيَانِ وُجُوبِ كُلِّ نَوْعٍ ، وَفِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ وُجُوبِهِ ، وَفِي بَيَانِ شَرْطِ وُجُوبِهِ ، وَفِي بَيَانِ شَرْطِ جَوَازِهِ ، ( أَمَّا ) الْأَوَّلُ
nindex.php?page=treesubj&link=3438_16537_16536_23618_23396_12129 : فَالْكَفَّارَاتُ الْمَعْهُودَةُ فِي الشَّرْعِ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ : كَفَّارَةُ الْيَمِينِ ، وَكَفَّارَةُ الْحَلْقِ ، وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ ، وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ ، وَكَفَّارَةُ الْإِفْطَارِ ، وَالْكُلُّ وَاجِبَةٌ إلَّا أَنَّ أَرْبَعَةً مِنْهَا عُرِفَ وُجُوبُهَا بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ ، وَوَاحِدَةٌ مِنْهَا عُرِفَ وُجُوبُهَا بِالسُّنَّةِ ، ( أَمَّا ) الْأَرْبَعَةُ الَّتِي عُرِفَ وُجُوبُهَا بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ فَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَكَفَّارَةُ الْحَلْقِ وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ ، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى عَزَّ شَأْنُهُ - فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ } .
وَالْكَفَّارَةُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ اسْمٌ لِلْوَاجِبِ ، وَقَالَ - جَلَّ شَأْنُهُ - فِي كَفَّارَةِ الْحَلْقِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ } ، أَيِّ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ، وَقَالَ تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92 : وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ } إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=92فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ } أَيْ فَعَلَيْهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَعَلَيْهِ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لِأَنَّ صِيغَتَهُ وَإِنْ كَانَتْ صِيغَةَ الْخَبَرِ لَكِنْ لَوْ حُمِلَ عَلَى الْخَبَرِ لَأَدَّى إلَى الْخُلْفِ فِي خَبَرِ مَنْ لَا يَحْتَمِلُ خَبَرُهُ الْخُلْفَ ، فَيُحْمَلُ عَلَى الْإِيجَابِ ، وَالْأَمْرُ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ كَثِيرُ النَّظِيرِ فِي الْقُرْآنِ ، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ } أَيْ لِيُرْضِعْنَ ، وَقَالَ عَزَّ شَأْنُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ } أَيْ لِيَتَرَبَّصْنَ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ .
وَقَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا } إلَى قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ [ ص: 96 ] أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا } ، أَيْ فَعَلَيْهِمْ ذَلِكَ لِمَا قُلْنَا ( وَأَمَّا ) كَفَّارَةُ الْإِفْطَارِ فَلَا ذِكْرَ لَهَا فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَإِنَّمَا عُرِفَ وُجُوبُهَا بِالسَّنَةِ وَهُوَ مَا رُوِيَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2409أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَاذَا صَنَعْتَ ؟ فَقَالَ وَاقَعْتُ امْرَأَتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : أَعْتِقْ رَقَبَةً قَالَ : لَيْسَ عِنْدِي مَا أَعْتِقُ فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ : لَا أَسْتَطِيعُ فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا فَقَالَ : لَا أَجِدُ مَا أُطْعِمُ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعِرْقٍ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَقَالَ : خُذْهَا وَفَرِّقْهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ ، فَقَالَ : أَعَلَى أَهْلِ بَيْتٍ أَحْوَجَ مِنِّي ، وَاَللَّهِ مَا بَيْن لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ أَحْوَجُ مِنِّي وَمِنْ عِيَالِي فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : كُلْهَا وَأَطْعِمْ عِيَالَك تُجْزِيك وَلَا تُجْزِي أَحَدًا بَعْدَكَ } وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2536أَنَّ الْأَعْرَابِيَّ لَمَّا قَالَ ذَلِكَ تَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : كُلْهَا وَأَطْعِمْ عِيَالَك تُجْزِيك وَلَا تُجْزِي أَحَدًا بَعْدَك } فَقَدْ أَمَرَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالْإِعْتَاقِ ثُمَّ بِالصَّوْمِ ثُمَّ بِالْإِطْعَامِ ، وَمُطَلَّقُ الْأَمْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَاَللَّهُ عَزَّ شَأْنُهُ أَعْلَمُ .