الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو اشترى صدفة فوجد فيها لؤلؤة فهي للمشتري ; لأنها تتولد من الصدفة بمنزلة البيضة تتولد من الدجاجة فكانت بمنزلة أجزائها فتدخل في بيعها كما تدخل البيضة في بيع الدجاجة وكذلك إذا اشترى سمكة فوجد فيها لؤلؤة ; لأن السمك يأكل الصدفة فصار كما لو اشترى سمكة فوجد فيها سمكة أخرى ; أن الثانية تكون له ، ولو اشترى دجاجة فوجد فيها لؤلؤة فهي للبائع ; لأن اللؤلؤ لا يتولد من الدجاج ولا هو من علفها فلا يدخل في بيعها .

                                                                                                                                وروي عن أبي يوسف رحمه الله أن كل شيء يوجد في حوصلة الطير إن كان مما يأكله الطير فهو للمشتري ; لأنه يكون بمنزلة العلف له .

                                                                                                                                وإن كان مما لا يأكله الطير فهو للبائع وعلى هذا يخرج ما إذا باع رقيقا وله مال أن ماله لا يدخل في البيع ويكون للبائع إلا أن يشترطه المبتاع ; لما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال { من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع } وهذا نص في الباب ولأن العبد وما في يده لمولاه ; لأنه مملوك لا يقدر على شيء والمولى ما باع ما في يد العبد ; لأن الداخل تحت البيع هو العبد فلا يدخل في بيعه ما ليس منه والقياس أن لا تدخل ثياب بدنه كما لا يدخل اللجام والسرج والعذار في بيع الدابة ; لما قلنا لكنهم استحسنوا في ثياب البذلة والمهنة وهي التي يلبسها في اليوم والليلة لتعامل الناس وتعارفهم وأما الثياب النفيسة التي لا يلبسها إلا وقت العرض للبيع فلا تدخل في البيع لانعدام التعارف في ذلك فبقي على أصل القياس وهذا مما يختلف باختلاف عرف الناس وعاداتهم في كل بلد فبني الأمر فيه على ذلك ، وكذا لو أعتق عبده على مال فماله لمولاه لما قلنا وكذا لو أعتق مدبره أو أم ولده ; لأنه مرقوق مملوك فلا يكون له مال ولو كاتب عبده فما كان له من المال وقت الكتابة يكون لمولاه ; لأنه كسب القن وما اكتسب بعد الكتابة يكون له ; لأنه كسب المكاتب ولأنه حر يدا فكان كسبه له والله سبحانه وتعالى أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية