فأما إذا
nindex.php?page=treesubj&link=5477_5476انعقد على الفساد من الابتداء بأن شرطا الخيار أو أدخلا الأجل فيه لم يصح الصرف بالإجماع وهل يصح البيع المطلق ؟ اختلف فيه قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة عليه الرحمة : لا يصح سواء كان يتخلص من غير ضرر أو لا يتخلص إلا بضرر ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله : هذا والأول سواء ، إن كان يتخلص من غير ضرر يصح .
وإن كان لا يتخلص إلا بضرر لا يصح ، وكذا
nindex.php?page=treesubj&link=5458إذا اشترى دينارا بعشرة دراهم نسيئة ثم نقد بعض العشرة دون البعض في المجلس فسد الصرف في الكل عنده ، وعندهما يصح بقدر ما قبض ، وهذا بناء على أصل مختلف بينهم وهو أن
nindex.php?page=treesubj&link=22958الصفقة إذا اشتملت على الصحيح والفاسد يتعدى الفساد إلى الكل عنده ، وعندهما لا يتعدى فهما سويا بين الفساد الطارئ والمقارن ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة فرق بينهما .
( ووجه ) الفرق ما ذكرنا من قبل أن الفساد إذا كان مقارنا يصير قبول العقد في الفاسد شرط قبول العقد في الآخر ، وهذا شرط فاسد ، فيؤثر في الكل ، ولم يوجد هذا المعنى في الطارئ فاقتصر الفساد فيه على قدر المفسد ، ثم إذا كانت الفضة المفردة فيه أكثر ولم يوجد فيه شرط الخيار ولا الأجل حتى جاز العقد ، ثم نقد قدر الفضة المجموعة من المفردة دون غيرها وتفرقا عن قبض من الجانبين بأن
nindex.php?page=treesubj&link=5458_5453باع سيفا محلى بمائة درهم وحليته خمسون فنقده المشتري خمسين فالقدر المنقود من الفضة المفردة يقع عن الصرف حتى لا يبطل بالافتراق ، أو عن البيع حتى يبطل الصرف بالافتراق من غير قبض فهذا لا يخلو من خمسة أوجه ، إما إن ذكر أن المنقود من ثمن الحلية ، وإما إن ذكر أنه من ثمن الجفن والنصل ، وإما إن ذكر أنه من ثمنهما جميعا وإما إن ذكر أنه من ثمن السيف ، وإما إن سكت ولم يذكر شيئا فإن ذكر أنه من ثمن الحلية يقع عنها ويجوز الصرف والبيع جميعا .
وهذا ظاهر ، وكذا إذا ذكر أنه من ثمنهما فإنه يقع عن الحلية أيضا وجاز البيع والصرف ; لأن قبض التصرف مستحق حقا للشرع وقبض البيع ليس بمستحق فيصرف إلى جهة الاستحقاق ويمكن إيقاع المنقود كله عن هذه الجهة وإن أضافه إليهما ; لأن ذكر شيئين على إرادة أحدهما جائز في اللغة ، قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } وإنما يخرج من أحدهما وهو المالح ، وكذا إذا لم يذكر شيئا يقع عن الصرف ; لأن أمور المسلمين محمولة على الصحة والسداد ما أمكن وذلك فيما قلنا ; لأن قبض حصة الحلية مستحق فعند الإطلاق يصرف إلى جهة الاستحقاق ، وكذا إذا ذكر أنه من ثمن السيف يقع عن الحلية ; لأن الحلية تدخل في اسم السيف .
وإن ذكر أنه من ثمن الجفن والنصل ينظر إن أمكن تخليص الفضة من غيرها من غير ضرر يقع عن ثمن المذكور ، ويبطل الصرف بالافتراق قبل القبض ; لأنه قصد جواز البيع وصرف بفساد الصرف وإذا أمكن
[ ص: 218 ] تخليصها من غير ضرر أمكن القول بجواز البيع مع فساد الصرف ألا ترى أنه يجوز بيع السيف بانفراده ؟ فيجوز البيع ويبطل الصرف ، وإن لم يكن تخليصها إلا بضرر فالمنقود يقع عن ثمن الصرف ويجوز البيع والصرف جميعا ; لأنه قصد جواز البيع ولا يجوز إلا بجواز الصرف ; لأن بيع السيف بدون الحلية لا يجوز إذا لم يمكن تخليصها من غير ضرر فإن أمكن تخليصها من غير ضرر فيجوزان جميعا والله عز وجل أعلم ، وكذلك في السيف المحلى إذا لم يكن من جنس الحلية فإن كانت حلية السيف ذهبا اشتراه مع حليته بفضة مفردة فحكمه وحكم الجنس سواء في جميع ما وصفنا ; لأنهما في حكم القبض ، وما يتعلق به لا يختلفان وقد ذكرنا جملة ذلك وتفصيله على الاتفاق والاختلاف .
فَأَمَّا إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=5477_5476انْعَقَدَ عَلَى الْفَسَادِ مِنْ الِابْتِدَاءِ بِأَنْ شَرَطَا الْخِيَارَ أَوْ أَدْخَلَا الْأَجَلَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ الصَّرْفُ بِالْإِجْمَاعِ وَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ ؟ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ : لَا يَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ يَتَخَلَّصُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ أَوْ لَا يَتَخَلَّصُ إلَّا بِضَرَرٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ : هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ ، إنْ كَانَ يَتَخَلَّصُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَصِحُّ .
وَإِنْ كَانَ لَا يَتَخَلَّصُ إلَّا بِضَرَرٍ لَا يَصِحُّ ، وَكَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=5458إذَا اشْتَرَى دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ نَسِيئَةً ثُمَّ نَقَدَ بَعْضَ الْعَشَرَةِ دُونَ الْبَعْضِ فِي الْمَجْلِسِ فَسَدَ الصَّرْفُ فِي الْكُلِّ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ بِقَدْرِ مَا قَبَضَ ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ مُخْتَلَفٍ بَيْنَهُمْ وَهُوَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22958الصَّفْقَةَ إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ يَتَعَدَّى الْفَسَادُ إلَى الْكُلِّ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَتَعَدَّى فَهُمَا سَوِيًّا بَيْنَ الْفَسَادِ الطَّارِئِ وَالْمُقَارِنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا .
( وَوَجْهُ ) الْفَرْقِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ أَنَّ الْفَسَادَ إذَا كَانَ مُقَارِنًا يَصِيرُ قَبُولُ الْعَقْدِ فِي الْفَاسِدِ شَرْطَ قَبُولِ الْعَقْدِ فِي الْآخَرِ ، وَهَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ ، فَيُؤَثِّرُ فِي الْكُلِّ ، وَلَمْ يُوجَدْ هَذَا الْمَعْنَى فِي الطَّارِئِ فَاقْتَصَرَ الْفَسَادُ فِيهِ عَلَى قَدْرِ الْمُفْسِدِ ، ثُمَّ إذَا كَانَتْ الْفِضَّةُ الْمُفْرَدَةُ فِيهِ أَكْثَرَ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ شَرْطُ الْخِيَارِ وَلَا الْأَجَلِ حَتَّى جَازَ الْعَقْدُ ، ثُمَّ نَقَدَ قَدْرَ الْفِضَّةِ الْمَجْمُوعَةِ مِنْ الْمُفْرَدَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَتَفَرَّقَا عَنْ قَبْضٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِأَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=5458_5453بَاعَ سَيْفًا مُحَلَّى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَحِلْيَتُهُ خَمْسُونَ فَنَقَدَهُ الْمُشْتَرِي خَمْسِينَ فَالْقَدْرُ الْمَنْقُودُ مِنْ الْفِضَّةِ الْمُفْرَدَةِ يَقَعُ عَنْ الصَّرْفِ حَتَّى لَا يَبْطُلَ بِالِافْتِرَاقِ ، أَوْ عَنْ الْبَيْعِ حَتَّى يَبْطُلَ الصَّرْفُ بِالِافْتِرَاقِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ فَهَذَا لَا يَخْلُو مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ ، إمَّا إنْ ذَكَرَ أَنَّ الْمَنْقُودَ مِنْ ثَمَنِ الْحِلْيَةِ ، وَإِمَّا إنْ ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ الْجِفْنِ وَالنَّصْلِ ، وَإِمَّا إنْ ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِهِمَا جَمِيعًا وَإِمَّا إنْ ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ السَّيْفِ ، وَإِمَّا إنْ سَكَتَ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ الْحِلْيَةِ يَقَعُ عَنْهَا وَيَجُوزُ الصَّرْفُ وَالْبَيْعُ جَمِيعًا .
وَهَذَا ظَاهِرٌ ، وَكَذَا إذَا ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِهِمَا فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْحِلْيَةِ أَيْضًا وَجَازَ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ ; لِأَنَّ قَبْضَ التَّصَرُّفِ مُسْتَحَقٌّ حَقًّا لِلشَّرْعِ وَقَبْضَ الْبَيْعِ لَيْسَ بِمُسْتَحَقٍّ فَيُصْرَفُ إلَى جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَيُمْكِنُ إيقَاعُ الْمَنْقُودِ كُلِّهِ عَنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَإِنْ أَضَافَهُ إلَيْهِمَا ; لِأَنَّ ذِكْرَ شَيْئَيْنِ عَلَى إرَادَةِ أَحَدِهِمَا جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ } وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْمَالِحُ ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا يَقَعُ عَنْ الصَّرْفِ ; لِأَنَّ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الصِّحَّةِ وَالسَّدَادِ مَا أَمْكَنَ وَذَلِكَ فِيمَا قُلْنَا ; لِأَنَّ قَبْضَ حِصَّةِ الْحِلْيَةِ مُسْتَحَقٌّ فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُصْرَفُ إلَى جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ ، وَكَذَا إذَا ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ السَّيْفِ يَقَعُ عَنْ الْحِلْيَةِ ; لِأَنَّ الْحِلْيَةَ تَدْخُلُ فِي اسْمِ السَّيْفِ .
وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ الْجِفْنِ وَالنَّصْلِ يُنْظَرُ إنْ أَمْكَنَ تَخْلِيصُ الْفِضَّةِ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَقَعُ عَنْ ثَمَنِ الْمَذْكُورِ ، وَيَبْطُلُ الصَّرْفُ بِالِافْتِرَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ ; لِأَنَّهُ قَصَدَ جَوَازَ الْبَيْعِ وَصُرِفَ بِفَسَادِ الصَّرْفِ وَإِذَا أَمْكَنَ
[ ص: 218 ] تَخْلِيصُهَا مِنْ غَيْرٍ ضَرَرٍ أَمْكَنَ الْقَوْلُ بِجَوَازِ الْبَيْعِ مَعَ فَسَادِ الصَّرْفِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ السَّيْفِ بِانْفِرَادِهِ ؟ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الصَّرْفُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَخْلِيصُهَا إلَّا بِضَرَرٍ فَالْمَنْقُودُ يَقَعُ عَنْ ثَمَنِ الصَّرْفِ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ جَمِيعًا ; لِأَنَّهُ قَصَدَ جَوَازَ الْبَيْعِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِجَوَازِ الصَّرْفِ ; لِأَنَّ بَيْعَ السَّيْفِ بِدُونِ الْحِلْيَةِ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَخْلِيصُهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَإِنْ أَمْكَنَ تَخْلِيصُهَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَيَجُوزَانِ جَمِيعًا وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ ، وَكَذَلِكَ فِي السَّيْفِ الْمُحَلَّى إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الْحِلْيَةِ فَإِنْ كَانَتْ حِلْيَةُ السَّيْفِ ذَهَبًا اشْتَرَاهُ مَعَ حِلْيَتِهِ بِفِضَّةٍ مُفْرَدَةٍ فَحُكْمُهُ وَحُكْمُ الْجِنْسِ سَوَاءٌ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا ; لِأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ الْقَبْضِ ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لَا يَخْتَلِفَانِ وَقَدْ ذَكَرْنَا جُمْلَةَ ذَلِكَ وَتَفْصِيلَهُ عَلَى الِاتِّفَاقِ وَالِاخْتِلَافِ .