الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وعلى هذا يخرج ما إذا ازداد [ ص: 270 ] المبيع زيادة متصلة غير متولدة من الأصل ، كما إذا كان ثوبا فصبغه أو سويقا فلته بسمن ، أو كان أرضا ، فبنى عليها أو غرس فيها أنه يبطل خياره ; لأن هذه الزيادة مانعة من الرد بالإجماع ، فكانت مسقطة للخيار ولو كانت الزيادة متصلة متولدة من الأصل كالحسن ، والجمال ، والسمن ، والبرء من المرض ، وانجلاء البياض من العين ، ونحو ذلك ، فكذلك عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، وعند محمد لا يبطل بناء على أن هذه الزيادة تمنع الرد عندهما ، كما في العيب في المهر في النكاح ، وعنده لا تمنع ، والمسألة تأتي في موضعها إن شاء الله تعالى وإن كانت الزيادة منفصلة متولدة من الأصل كالولد والثمر واللبن ونحوها ، أو كانت غير متولدة من الأصل لكنها بدل الجزء الفائت كالأرش ، أو بدل ما هو في معنى الجزء كالعقر يبطل خياره ; لأنها مانعة من الرد عندنا ، وإن كانت منفصلة غير متولدة من الأصل ، ولا هي بدل الجزء الفائت أو ما هو في معنى الجزء كالصدقة والكسب والغلة لا يبطل خياره ; لأن هذه الزيادة لا تمنع الرد ، فلا يبطل الخيار .

                                                                                                                                فإن اختار البيع ، فالزوائد له مع الأصل ; لأنه تبين أنها كسب ملكه ، فكانت ملكه ، وإن اختار الفسخ رد الأصل مع الزوائد عند أبي حنيفة ، وعند أبي يوسف ومحمد الزوائد تكون له بناء على أن ملك المبيع كان موقوفا ، فإذا فسخ تبين أنه لم يدخل في ملكه ، فتبين أن الزيادة حصلت على ملك البائع ، فيردها إليه مع الأصل ، وعندهما المبيع دخل في ملك المشتري ، فكانت الزوائد حاصلة على ملكه ، والفسخ يظهر في الأصل لا في الزيادة ، فبقيت على حكم ملك المشتري .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية