( ومنها ) الحيازة عندنا فلا يصح ، وعند قبض المشاع رحمه الله ليس بشرط ، وقبض المشاع صحيح . الشافعي
( وجه ) قوله أن الشياع لا يقدح في حكم الرهن ولا في شرطه فلا يمنع جواز الرهن ، ودلالة ذلك أن حكم الرهن عنده : كون المرتهن أحق ببيع المرهون واستيفاء الدين من بدله على ما نذكر والشيوع لا يمنع جواز البيع وشرطه هو القبض ، وإنه ممكن في النصف الشائع بتخلية الكل .
( ولنا ) أن قبض النصف الشائع وحده لا يتصور والنصف الآخر ليس بمرهون فلا يصح قبضه ، وسواء كان مشاعا يحتمل القسمة أو لا يحتملها ; لأن الشيوع يمنع تحقق قبض الشائع في النوعين جميعا ، بخلاف الهبة فإن الشيوع فيها لا يمنع الجواز فيما لا يحتمل القسمة ; لأن المانع هناك ضمان القسمة على ما ذكرنا في كتاب الهبة وأنه يخص المقسوم ، وسواء رهن من أجنبي أو من شريكه على ما نذكر إن شاء الله تعالى وسواء كان مقارنا للعقد أو طرأ عليه في ظاهر الرواية ، وروي عن أن الشيوع الطارئ على العقد لا يمنع بقاء العقد على الصحة ، صورته : أبي يوسف . إذا رهن شيئا وسلط المرتهن أو العدل على بيعه كيف شاء مجتمعا أو متفرقا ، فباع نصفه شائعا ، أو استحق بعض الرهن شائعا
( وجه ) رواية أن حال البقاء لا يقاس على حال الابتداء ; ; لأن البقاء أسهل من حكم الابتداء ; لهذا فرق الشرع بين الطارئ والمقارن في كثير من الأحكام ، كالعدة الطارئة والإباق الطارئ ونحو ذلك ، فكون الحيازة شرطا في ابتداء العقد لا يدل على كونها شرط البقاء على الصحة . أبي يوسف
( وجه ) ظاهر الرواية أن المانع في المقارن كون الشيوع مانعا عن تحقق القبض في النصف الشائع ، وهذا المعنى موجود في الطارئ فيمنع البقاء على الصحة ولو ، جاز وكان كله رهنا بكل الدين ، حتى أن للمرتهن أن يمسكه حتى يستوفى كل الدين ، وإذا قضى أحدهما دينه ، لم يكن له أن يأخذ نصيبه من الرهن ; لأن كل واحد منهما رهن كل العبد بما عليه من الدين لا نصفه ، وإن كان المملوك منه لكل واحد منهما النصف ; لما ذكرنا أن كون المرهون مملوك الراهن ليس بشرط لصحة الرهن ، فإنه يجوز رهن مال الغير بإذنه ; لما بينا وإقدامهما على رهنه صفقة واحدة دلالة الإذن من كل واحد منهما ; فصار كل العبد [ ص: 139 ] رهنا بكل الدين ولا استحالة في ذلك ; لأن الرهن حبس ، وليس يمتنع أن يكون العبد الواحد محبوسا بكل الدين ، فلم يكن هذا رهن الشائع فجاز ، وليس لأحدهما أن يأخذ نصيبه من العبد إذا قضى ما عليه من الدين ; ; لأن كله مرهون بكل الدين ، فما بقي شيء من الدين بقي استحقاق الحبس . رهن رجلان رجلا عبدا بدين له عليهما رهنا واحدا
وكذلك جاز ، وإذا قضى الراهن دين أحدهما ، لم يكن له أن يقبض شيئا من الرهن ; ; لأنه رهن كل العبد بدين كل واحد منهما ، وكل العبد يصلح رهنا بدين كل واحد منهما على الكمال ، كأن ليس معه غيره ; لما ذكرنا وهذا بخلاف الهبة من رجلين على أصل إذا رهن رجل رجلين بدين لهما عليه وهما شريكان فيه أو لا شركة بينهما عليه الرحمة أنها غير جائزة ; ; لأن الهبة تمليك وتمليك شيء واحد من اثنين من كل واحد منهما على الكمال محال ، والعاقل لا يقصد بتصرفه المحال ، فأما الرهن فحبس ، ولا استحالة في كون الشيء الواحد محبوسا بكل واحد من الدينين فهو الفرق بين الفصلين ، غير أنه وإن كان محبوسا بكل واحد من الدينين لكنه لا يكون مضمونا إلا بحصته ، حتى لو هلك تنقسم قيمته على الدينين فيسقط من كل واحد منهما بقدره ; لأن المرتهن عند هلاك الرهن يصير مستوفيا الدين من مالية الرهن ، وأنه لا يفي لاستيفاء الدينين ، وليس أحدهما بأولى من الآخر فيقسم عليهما ، فيسقط من كل واحد منهما بقدره . أبي حنيفة
وعلى هذا يخرج حبس المبيع بأن وكان للبائع أن يحبس كله ، حتى يستوفي ما على الآخر ; لأن كل المبيع محبوس بكل الثمن فما بقي جزء من الثمن بقي استحقاق حبس كل المبيع ولو رهن بيتا بعينه من دار أو رهن طائفة معينة من دار ، جاز ; لانعدام الشيوع ، وعلى هذا الأصل تخرج زيادة الدين على الرهن أنها لا تجوز عند اشترى رجلان من رجل شيئا فأدى أحدهما حصته من الثمن لم يكن له أن يقبض شيئا من المبيع أبي حنيفة رحمهما الله . ومحمد
وجملة الكلام في الزيادات أنها أنواع أربعة : وهي نماؤه كالولد واللبن والتمر والصوف وكل ما هو متولد من الرهن أو في حكم المتولد منه ، بأن كان بدل جزء فائت أو بدل ما هو في حكم الجزء كالأرش والعقر : زيادة الرهن ، كما إذا رهن بالدين جارية ، ثم زاد عبدا أو غير ذلك رهنا بذلك الدين وزيادة الرهن على أصل الرهن ، كما إذا رهن بالدين جارية فولدت ولدا ، ثم ماتت الجارية ثم زاد رهنا على الولد ، وزيادة الرهن على نماء الرهن كما إذا رهن عبدا بألف ، ثم إن الراهن استقرض من المرتهن ألفا أخرى على أن يكون العبد رهنا بالأول والزيادة جميعا . ، وزيادة الدين على الرهن
( أما ) زيادة الرهن فمرهونة عندنا على معنى أنه يثبت حكم الأصل فيها ، وهو استحقاق الحبس على طريق اللزوم ، وعند رحمه الله ليست بمرهونة أصلا ، والمسألة تأتي في بيان حكم الرهن إن شاء الله تعالى . الشافعي
( وأما ) زيادة الرهن فجائزة استحسانا ، والقياس أن لا يجوز وهو قول رحمه الله وهو على اختلاف الزيادة في الثمن والمثمن ، وقد مرت المسألة في كتاب البيوع . زفر
( وأما ) زيادة الرهن على نماء الرهن بعد هلاك الأصل فهي موقوفة إن بقي الولد إلى وقت الفكاك ، جازت الزيادة ، وإن هلك ، لم تجز ; لأنها إذا هلكت تبين أنها حصلت بعد سقوط الدين ، وقيام الدين شرط صحة الزيادة .
( وأما ) زيادة الدين على الرهن فهي على الاختلاف الذي ذكرنا أنه لا يجوز عند أبي حنيفة ، وعند ومحمد جائزة . أبي يوسف
( وجه ) قوله أن الدين في باب الرهن كالثمن في باب البيع ، بدليل أنه لا يصح الرهن إلا بالدين كما لا يصح البيع إلا بالثمن ، ثم هناك جازت الزيادة في الثمن والمثمن جميعا ، فكذا هنا تجوز الزيادة في الرهن والدين جميعا ، والجامع بين البابين أن الزيادة عندنا تلتحق بأصل العقد ، كأن العقد ورد على الأصل والزيادة جميعا ; فيصير كأنه رهن بالدين عبدين ابتداء وذا جائز ، كذا هذا .
( وجه ) قولهما أن هذه الزيادة لو صحت ، لأوجبت الشيوع في الرهن وأنه يمنع صحة الرهن ، ودلالة ذلك أنها لو صحت ; لصار بعض العبد بمقابلتها فلا يخلو .
( إما ) أن يصير ذلك البعض بمقابلة الزيادة مع بقائه مشغولا بالأول .
( وإما ) أن يفرغ من الأول ويصير مشغولا بالزيادة ولا سبيل إلى الأول ; لأن المشغول بشيء لا يحتمل الشغل بغيره ، ولا سبيل إلى الثاني ; لأنه رهن بعض العبد بالدين وهذا رهن المشاع فلا يجوز ، كما إذا رهن عبدا واحدا بدينين مختلفين لكل واحد منهما بعضه ، بخلاف زيادة الرهن على أصل الرهن ; لأن الزيادة هناك لا تؤدي إلى شيوع الرهن بل إلى شيوع الدين ; لأن قبل الزيادة كان العبد بمقابلة كل الدين وبعد الزيادة صار كله بمقابلة بعض الدين ، والعبد والزيادة بمقابلة البعض الآخر ، فيرجع [ ص: 140 ] الشيوع إلى الدين لا إلى الرهن ، والشيوع في الدين لا يمنع صحة الرهن وفي الرهن يمنع صحته ، ألا ترى لو رهن عبدا بنصف الدين ، جاز .
ولو رهن نصف العبد بالدين ، لم يجز ، لذلك افترق حكم الزيادتين .
ولو رهن مشاعا فقسم وسلم ، جاز ; لأن العقد في الحقيقة موقوف على القسمة والتسليم بعد القسمة ، فإذا وجد ، فقد زال المانع من النفاذ فينفذ .