وأما شرائط الركن فأنواع بعضها يرجع إلى المؤدي وبعضها يرجع إلى المؤدى وبعضها يرجع إلى المؤدى إليه أما .
الذي يرجع إلى المؤدي فنية الزكاة والكلام في النية في موضعين في بيان أن وفي بيان وقت نية الأداء ، أما الأول فالدليل عليه قوله : صلى الله عليه وسلم { النية شرط جواز أداء الزكاة } وقوله { لا عمل لمن لا نية له } ; ولأن الزكاة عبادة مقصودة فلا تتأدى بدون النية كالصوم والصلاة . إنما الأعمال بالنيات
ولو أجزأه عن الزكاة استحسانا والقياس أن لا يجوز . تصدق بجميع ماله على فقير ولم ينو الزكاة
وجه القياس ما ذكرنا أن الزكاة عبادة مقصودة فلا بد لها من النية .
وجه الاستحسان أن النية وجدت دلالة ; لأن الظاهر أن من عليه الزكاة لا يتصدق بجميع ماله ويغفل عن نية الزكاة فكانت النية موجودة دلالة ، وعلى هذا إذا وهب جميع النصاب من الفقير أو نوى تطوعا .
وروي عن أنه إن نوى أن يتصدق بجميع ماله فتصدق شيئا فشيئا أجزأه عن الزكاة لما قلنا وإن لم ينو أن يتصدق بجميع ماله فجعل يتصدق حتى أتى عليه ضمن الزكاة ; لأن الزكاة بقيت واجبة عليه بعدما تصدق ببعض المال فلا تسقط بالتصدق بالباقي . أبي يوسف
ولو قال تصدق ببعض ماله من غير نية الزكاة حتى لم يجزئه عن زكاة الكل فهل يجزئه عن زكاة القدر الذي تصدق به ؟ : لا يجزئه وعليه أن يزكي الجميع ، وقال : أبو يوسف يجزئه عن زكاة ما تصدق به ويزكي ما بقي حتى أنه لو أدى خمسة من مائتين لا ينوي الزكاة أو نوى تطوعا لا تسقط عنه زكاة الخمسة في قول محمد وعليه زكاة الكل ، وعند أبي يوسف تسقط عنه زكاة الخمسة وهو ثمن درهم ولا يسقط عنه زكاة الباقي . محمد
وكذا لو أدى مائة لا ينوي الزكاة ونوى تطوعا لا تسقط زكاة المائة وعليه أن يزكي الكل عند ، وعند أبي يوسف يسقط عنه زكاة ما تصدق وهو درهمان ونصف ولا يسقط عنه زكاة الباقي كذا ذكر محمد الخلاف في شرحه مختصر القدوري وذكر الكرخي القاضي في شرحه مختصر أنه يسقط عنه زكاة القدر المؤدى ولم يذكر الخلاف . الطحاوي
وجه قول اعتبار البعض بالكل وهو أنه لو تصدق بالكل لجاز عن زكاة الكل فإذا تصدق بالبعض يجوز عن زكاته ; لأن الواجب شائع في جميع النصاب محمد أن سقوط الزكاة بغير نية لزوال ملكه على وجه القربة عن المال الذي فيه الزكاة ولم يوجد ذلك في التصدق بالبعض ولو تصدق بخمسة ينوي بجميعها الزكاة والتطوع كانت من الزكاة في قول ولأبي يوسف . أبي يوسف
وقال : هي من التطوع . محمد
وجه قول أن النيتين تعارضتا فلم يصح التعيين للتعارض فالتحق بالعدم فبقي التصدق بنية مطلقة فيقع عن التطوع ; لأنه أدنى والأدنى متيقن به . محمد
وجه قول أن عند تعارض الجهتين يعمل بالأقوى وهو الفرض كما في تعارض الدليلين أنه يعمل بأقواهما ، ولأن التعيين يعتبر في الزكاة لا في التطوع ; لأن التطوع لا يحتاج إلى التعيين ألا ترى أن إطلاق الصدقة يقع عليه فلغا تعيينه وبقيت الزكاة متعينة ؟ فيقع عن الزكاة . أبي يوسف
والمعتبر في الدفع نية الآمر حتى لو دفع خمسة إلى رجل وأمره أن يدفعها إلى الفقير عن زكاة ماله فدفع ولم تحضره النية عند الدفع جاز ; لأن النية إنما تعتبر من المؤدي والمؤدي هو الآمر في الحقيقة وإنما المأمور نائب عنه في الأداء ولهذا لو وكل ذميا بأداء الزكاة جاز ; لأن المؤدي في الحقيقة هو المسلم ، وذكر في الفتاوى عن في رجل الحسن بن زياد جاز عن زكاة مال الآمر . أعطى رجلا دراهم ليتصدق بها تطوعا ثم نوى الآمر أن يكون ذلك من زكاة ماله ثم تصدق المأمور
وكذا [ ص: 41 ] لو جاز ; لما ذكرنا أن الآمر هو المؤدي من حيث المعنى وإنما المأمور نائب عنه ولو قال : تصدق بها عن كفارة يميني ثم نوى الآمر عن زكاة ماله لا تكون زكاة ; لأن عند الدخول وجب عليه التصدق بالنذر المتقدم أو اليمين المتقدمة وذلك لا يحتمل الرجوع فيه بخلاف الأول ولو تصدق عن غيره بغير أمره فإن تصدق بمال نفسه جازت الصدقة عن نفسه ولا تجوز عن غيره وإن أجازه ورضي به أما عدم الجواز عن غيره فلعدم التمليك منه إذ لا ملك له في المؤدى ولا يملكه بالإجازة فلا تقع الصدقة عنه وتقع عن المتصدق ; لأن التصدق وجد نفاذا عليه ، وإن تصدق بمال المتصدق عنه وقف على إجازته فإن أجاز والمال قائم جاز عن الزكاة وإن كان المال هالكا جاز عن التطوع ولم يجز عن الزكاة ; لأنه لما تصدق عنه بغير أمره وهلك المال صار بدله دينا في ذمته فلو جاز ذلك عن الزكاة كان أداء الدين عن الغير وأنه لا يجوز والله أعلم . قال : إن دخلت هذه الدار فلله علي أن أتصدق بهذه المائة درهم ، ثم نوى وقت الدخول عن زكاة ماله