ذكر عود الفرنج إلى الرملة   
في العشرين من ذي الحجة عاد الفرنج إلى الرملة  ، وكان سبب عودهم أنهم كانوا ينقلون ما يريدونه من الساحل ، فلما أبعدوا عنه كان المسلمون يخرجون على من يجلب لهم الميرة فيقطعون الطريق ويغنمون ما معهم . 
ثم إن ملك إنكلتار  قال لمن معه من الفرنج الشاميين : صوروا لي مدينة القدس  ، فإني ما رأيتها ، فصوروها له ، فرأى الوادي يحيط بها عدا موضع يسير من جهة الشمال فسأل عن الوادي وعن عمقه ، فأخبر أنه عميق . وعر المسلك . 
فقال : هذه مدينة لا يمكن حصرها ما دام  صلاح الدين  حيا وكلمة المسلمين   [ ص: 103 ] مجتمعة ، لأننا إن نزلنا في الجانب الذي يلي المدينة بقيت سائر الجوانب غير محصورة ، فيدخل إليهم منها الرجال والذخائر وما يحتاجون إليه . وإن نحن افترقنا فنزل بعضنا من جانب الوادي وبعضنا من الجانب الآخر . 
جمع  صلاح الدين  عسكره وواقع إحدى الطائفتين ، ولم يمكن الطائفة الأخرى إنجاد أصحابهم ، لأنهم إن فارقوا مكانهم خرج من بالبلد من المسلمين فغنموا ما فيه ، وإن تركوا فيه من يحفظه وساروا نحو أصحابهم ، فإلى أن يتخلصوا من الوادي ويلحقوا بهم يكون  صلاح الدين  قد فرغ منهم هذا سوى ما يتعذر علينا من إيصال ما يحتاج إليه من العلوفات والأقوات . 
فلما قال لهم ذلك علموا صدقه ، ورأوا قلة الميرة عندهم ، وما يجري للجالبين لها من المسلمين ، فأشاروا عليه بالعود إلى الرملة  ، فعادوا خائبين خاسرين . 
				
						
						
