الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر مسير بهاء الدين سام إلى غزنة وموته

فلما ملك غياث الدين باميان أقطعها ابن عمه شمس الدين محمد بن مسعود ، وزوجه أخته ، فأتاه منها ولد اسمه سام ، فبقي فيها إلى أن توفي ، وملك بعده ابنه الأكبر ، واسمه عباس ، وأمه تركية ، فغضب غياث الدين وأخوه شهاب الدين من ذلك ، وأرسلا من أحضر عباسا عندهما ، فأخذا الملك منه ، وجعلا ابن أختهما سام ملكا على باميان ، وتلقب بهاء الدين ، وعظم شأنه ومحله ، وجمع الأموال ليملك البلاد بعد خاليه ، وأحبه الغورية حبا شديدا وعظموه .

فلما قتل خاله شهاب الدين سار بعض الأمراء الغورية إلى بهاء الدين سام فأخبره بذلك ، فلما بلغه قتله كتب إلى من بغزنة من الأمراء الغورية يأمرهم بحفظ البلد ، ويعرفهم أنه على الطريق سائر إليهم .

وكان والي قلعة غزنة ، ويعرف بأمير داذ ، قد أرسل ولده إلى بهاء الدين سام يستدعيه إلى غزنة ، فأعاد جوابه أنه تجهز ، ويصل إليه ، ويعده الجميل والإحسان .

وكتب بهاء الدين إلى علاء الدين محمد بن علي ملك الغور يستدعيه إليه ، وإلى غياث الدين محمود بن غياث الدين ، وإلى ابن خرميل والي هراة ، يأمرهما بإقامة الخطبة له ، وحفظ ما بأيديهما من الأعمال ، ولم يظن أن أحدا يخالفه ، فأقام أهل غزنة ينتظرون وصوله ، أو وصول غياث الدين محمود ، والأتراك ويقولون : لا نترك غير ابن سيدنا - يعنون غياث الدين - يدخل غزنة .

والغورية يتظاهرون بالميل إلى بهاء الدين ومنع غيره ، فسار من باميان إلى غزنة [ ص: 219 ] في عساكره ، ومعه ولداه علاء الدين محمد وجلال الدين ، فلما سار عن باميان مرحلتين وجد صداعا ، فنزل يستريح ، ينتظر خفته عنه ، فازداد الصداع ، وعظم الأمر عليه ، فأيقن بالموت ، فأحضر ولديه ، وعهد إلى علاء الدين ، وأمرهما بقصد غزنة ، وحفظ مشايخ الغورية ، وضبط الملك ، وبالرفق بالرعايا ، وبذل الأموال ، وأمرهما أن يصالحا غياث الدين على أن يكون له خراسان وبلاد الغور ، ويكون لهما غزنة وبلاد الهند .

التالي السابق


الخدمات العلمية