ذكر استيلاء الفرنج على عسكر المسلمين وقفل  
في تاسع جمادى الآخرة بلغ الفرنج الخبر بوصول عسكر من مصر  ، ومعهم قفل كبير ، ومقدم العسكر  فلك الدين سليمان  ، أخو  العادل  لأمه ، ومعه عدة من الأمراء ، فأسرى الفرنج إليهم فواقعهم بنواحي الخليل  ، فانهزم الجند ، ولم يقتل منهم رجل من المشهورين ، إنما قتل من الغلمان والأصحاب . 
وغنم الفرنج خيامهم وآلاتهم ، وأما القفل فإنه أخذ بعضه ، وصعد من نجا جبل الخليل  ، فلم يقدم الفرنج على اتباعهم ، ولو اتبعوهم نصف فرسخ لأتوا عليهم ، وتمزق من نجا من القفل ، وتقطعوا ، ولقوا شدة إلى أن اجتمعوا . 
حكى لي بعض أصحابنا ، وكنا قد سيرنا معه شيئا للتجارة إلى مصر  ، وكان قد خرج في هذا القفل ، قال : لما وقع الفرنج علينا كنا قد رفعنا أحمالنا للسير ، فحملوا علينا وأوقعوا بنا ، فضربت أحمالي وصعدت الجبل ومعي عدة أحمال لغيري . 
فلحقنا قوم من الفرنج ، فأخذوا الأحمال التي في صحبتي ، وكنت بين أيديهم بمقدار رمية سهم ، فلم يصلوا إلي ، فنجوت بما معي ، وسرت لا أدري أين أقصد ، وإذ قد لاح لي   [ ص: 109 ] بناء كبير على جبل ، فسألت عنه ، فقيل لي : هذا الكرك  فوصلت إليه ثم عدت منه إلى القدس  سالما . 
وسار هذا الرجل من القدس  سالما ، فلما بلغ بزاعة  ، عند حلب  ، أخذه الحرامية فنجا من العطب ، وهلك عند ظنه السلامة . 
				
						
						
