الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ملك خوارزم شاه مدينة بخارى

لما ورد رسول ملك الخطا على خوارزم شاه بما ذكرناه ، أعاد الجواب : إن عسكرك إنما قصد انتزاع بلخ ، ولم يأتوا إلى نصرتي ، ولا اجتمعت بهم ، ولا أمرتهم بالعبور ، وإن كنت فعلت ذلك ، فأنا مقيم بالمال المطلوب مني ، ولكن حيث عجزتم أنتم عن الغورية عدتم علي بهذا القول وهذا المطلب ، وأما أنا فقد أصلحت الغورية ، ودخلت في طاعتهم ، ولا طاعة لكم عندي .

فعاد الرسول بالجواب ، فجهز ملك الخطا جيشا عظيما وسيره إلى خوارزم فحصروها ، فكان خوارزم شاه يخرج إليهم كل ليلة ، ويقتل منهم خلقا ، وأتاه من المتطوعة خلق كثير ، فلم يزل هذا فعله بهم حتى أتى على أكثرهم ، فدخل الباقون إلى بلادهم ، ورحل خوارزم شاه في آثارهم ، وقصد بخارى فنازلها وحصرها ، وامتنع أهلها منه ، وقاتلوه مع الخطا ، حتى أنهم أخذوا كلبا أعورا وألبسوه قباء وقلنسوة ، وقالوا : هذا خوارزم شاه ، لأنه كان أعور ، وطافوا به على السور ، ثم ألقوه في منجنيق [ إلى ] العسكر ، وقالوا : هذا سلطانكم . وكان الخوارزميون يسبونهم ويقولون : يا أجناد الكفار ، أنتم قد ارتددتم عن الإسلام ، فلم يزل هذا دأبهم حتى ملك خوارزم شاه البلد ، بعد أيام يسيرة ، عنوة وعفا عن أهله ، وأحسن إليهم ، وفرق فيهم مالا كثيرا ، وأقام به مدة وعاد إلى خوارزم .

التالي السابق


الخدمات العلمية