ذكر ذلك ؟ فيا ليت أمي لم تلدني ، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسيا منسيا ، إلا أنني حثني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها وأنا متوقف ، ثم رأيت أن ترك ذلك لا يجدي نفعا ، فنقول : هذا الفعل يتضمن ذكر الحادثة العظمى ، والمصيبة الكبرى التي عقت الأيام والليالي عن مثلها ، عمت الخلائق ، وخصت المسلمين ، فلو قال قائل : إن العالم مذ خلق الله سبحانه وتعالى
آدم ، إلى الآن ، لم يبتلوا بمثلها ، لكان صادقا ، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ولا ما يدانيها .
ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث ما فعله
بخت نصر ببني إسرائيل من القتل ، وتخريب
البيت المقدس ، وما
البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرب هؤلاء الملاعن من البلاد ، التي كل مدينة منها أضعاف
البيت المقدس ، وما
بنو إسرائيل بالنسبة إلى من قتلوا ، فإن أهل مدينة واحدة ممن قتلوا أكثر من
بني إسرائيل ، ولعل الخلق لا يرون مثل هذه الحادثة إلى أن ينقرض العالم ، وتفنى الدنيا ، إلا
يأجوج ومأجوج .
وأما الدجال فإنه يبقي على من اتبعه ، ويهلك من خالفه ، وهؤلاء لم يبقوا على أحد ، بل قتلوا النساء والرجال والأطفال ، وشقوا بطون الحوامل ، وقتلوا الأجنة ، فإنا
[ ص: 334 ] لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
لهذه الحادثة التي استطار شررها ، وعم ضررها ، وسارت في البلاد كالسحاب استدبرته الريح ، فإن قوما خرجوا من أطراف
الصين ، فقصدوا
بلاد تركستان مثل كاشغر وبلاساغون ، ثم منها إلى
بلاد ما وراء النهر ، مثل
سمرقند وبخارى وغيرهما ، فيملكونها ، ويفعلون بأهلها ما نذكره ، ثم تعبر طائفة منهم إلى
خراسان ، فيفرغون منها ملكا ، وتخريبا ، وقتلا ونهبا ، ثم يتجاوزونها إلى
الري ،
وهمذان ، وبلد الجبل ، وما فيها من البلاد إلى حد
العراق ، ثم يقصدون بلاد
أذربيجان وأرانية ، ويخربونها ، ويقتلون أكثر أهلها ، ولم ينج إلا الشريد النادر في أقل من سنة ، هذا ما لم يسمع بمثله .
ثم لما فرغوا من
أذربيجان وأرانية ساروا إلى
دربند شروان فملكوا مدنه ، ولم يسلم غير القلعة التي بها ملكهم ، وعبروا عندها إلى بلد
اللان ، واللكز ، ومن في ذلك الصقع من الأمم المختلفة ، فأوسعوهم قتلا ، ونهبا ، وتخريبا ، ثم قصدوا
بلاد قفجاق ، وهم من أكثر
الترك عددا ، فقتلوا كل من وقف لهم ، فهرب الباقون إلى الغياض ورءوس الجبال ، وفارقوا بلادهم ، واستولى هؤلاء
التتر عليها ، فعلوا هذا في أسرع زمان ، لم يلبثوا إلا بمقدار مسيرهم لا غير .
ومضى طائفة أخرى غير هذه الطائفة إلى
غزنة وأعمالها ، وما يجاورها من
بلاد الهند وسجستان وكرمان ، ففعلوا فيه مثل فعل هؤلاء وأشد .
هذا ما لم يطرق الأسماع مثله ، فإن
الإسكندر الذي اتفق المؤرخون على أنه ملك الدنيا لم يملكها في هذه السرعة ، إنما ملكها في نحو عشر سنين ، ولم يقتل أحدا ، إنما رضي من الناس بالطاعة ، وهؤلاء قد ملكوا أكثر المعمور من الأرض وأحسنه ، وأكثره عمارة وأهلا ، وأعدل أهل الأرض أخلاقا وسيرة ، في نحو سنة ، ولم يبق أحد في البلاد التي لم يطرقوها إلا وهو خائف يتوقعهم ، ويترقب وصولهم إليه .
ثم إنهم لا يحتاجون إلى ميرة ومدد يأتيهم ، فإنهم معهم الأغنام ، والبقر ، والخيل ، وغير ذلك من الدواب ، يأكلون لحومها لا غير ، وأما دوابهم التي يركبونها
[ ص: 335 ] فإنها تحفر الأرض بحوافرها ، وتأكل عروق النبات لا تعرف الشعير ، فهم إذا نزلوا منزلا لا يحتاجون إلى شيء من خارج .
وأما ديانتهم ، فإنهم يسجدون للشمس عند طلوعها ، ولا يحرمون شيئا ، فإنهم يأكلون جميع الدواب ، حتى الكلاب ، والخنازير ، وغيرها ، ولا يعرفون نكاحا بل المرأة يأتيها غير واحد من الرجال ، فإذا جاء الولد لا يعرف أباه .
ولقد بلي الإسلام والمسلمون في هذه المدة بمصائب لم يبتل بها أحد من الأمم ، منها هؤلاء
التتر ، قبحهم الله ، أقبلوا من المشرق ، ففعلوا الأفعال التي يستعظمها كل من سمع بها ، وستراها مشروحة متصلة ، إن شاء الله تعالى .
ومنها
nindex.php?page=treesubj&link=33882خروج الفرنج ، لعنهم الله ، من المغرب إلى الشام ، وقصدهم ديار مصر ، وملكهم ثغر
دمياط منها ، وأشرفت
ديار مصر والشام وغيرها على أن يملكوها لولا لطف الله تعالى ونصره عليهم ، وقد ذكرناه سنة أربع عشرة وستمائة .
ومنها أن الذي سلم من هاتين الطائفتين فالسيف بينهم مسلول ، والفتنة قائمة على ساق : وقد ذكرناه أيضا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، نسأل الله أن ييسر للإسلام والمسلمين نصرا من عنده ، فإن الناصر ، والمعين ، والذاب ، عن الإسلام معدوم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=11وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال ، فإن هؤلاء
التتر إنما استقام لهم هذا الأمر لعدم المانع .
وسبب عدمه أن
خوارزم شاه محمدا كان قد استولى على البلاد ، وقتل ملوكها ، وأفناهم ، وبقي هو وحده سلطان البلاد جميعها ، فلما انهزم منهم لم يبق في البلاد من يمنعهم ، ولا من يحميها
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=42ليقضي الله أمرا كان مفعولا ، وهذا حين نذكر ابتداء خروجهم إلى البلاد .
ذِكْرُ ذَلِكَ ؟ فَيَا لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي ، وَيَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ حُدُوثِهَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ، إِلَّا أَنَّنِي حَثَّنِي جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَصْدِقَاءِ عَلَى تَسْطِيرِهَا وَأَنَا مُتَوَقِّفٌ ، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ لَا يُجْدِي نَفْعًا ، فَنَقُولُ : هَذَا الْفِعْلُ يَتَضَمَّنُ ذِكْرَ الْحَادِثَةِ الْعُظْمَى ، وَالْمُصِيبَةِ الْكُبْرَى الَّتِي عَقَّتِ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي عَنْ مِثْلِهَا ، عَمَّتِ الْخَلَائِقَ ، وَخَصَّتِ الْمُسْلِمِينَ ، فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ : إِنَّ الْعَالَمَ مُذْ خَلَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
آدَمَ ، إِلَى الْآنِ ، لَمْ يُبْتَلَوْا بِمِثْلِهَا ، لَكَانَ صَادِقًا ، فَإِنَّ التَّوَارِيخَ لَمْ تَتَضَمَّنْ مَا يُقَارِبُهَا وَلَا مَا يُدَانِيهَا .
وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَذْكُرُونَ مِنَ الْحَوَادِثِ مَا فَعَلَهُ
بُخْتُ نَصَّرَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْقَتْلِ ، وَتَخْرِيبِ
الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ ، وَمَا
الْبَيْتُ الْمُقَدَّسُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا خَرَّبَ هَؤُلَاءِ الْمَلَاعِنُ مِنَ الْبِلَادِ ، الَّتِي كَلُّ مَدِينَةٍ مِنْهَا أَضْعَافُ
الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ ، وَمَا
بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ قَتَلُوا ، فَإِنَّ أَهْلَ مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ قُتِلُوا أَكْثَرُ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَلَعَلَّ الْخَلْقَ لَا يَرَوْنَ مِثْلَ هَذِهِ الْحَادِثَةِ إِلَى أَنْ يَنْقَرِضَ الْعَالَمُ ، وَتَفْنَى الدُّنْيَا ، إِلَّا
يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ .
وَأَمَّا الدَّجَّالُ فَإِنَّهُ يُبْقِي عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُ ، وَيُهْلِكُ مَنْ خَالَفَهُ ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يُبْقُوا عَلَى أَحَدٍ ، بَلْ قَتَلُوا النِّسَاءَ وَالرِّجَالَ وَالْأَطْفَالَ ، وَشَقُّوا بُطُونَ الْحَوَامِلِ ، وَقَتَلُوا الْأَجِنَّةَ ، فَإِنَّا
[ ص: 334 ] لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .
لِهَذِهِ الْحَادِثَةِ الَّتِي اسْتَطَارَ شَرَرُهَا ، وَعَمَّ ضَرَرُهَا ، وَسَارَتْ فِي الْبِلَادِ كَالسَّحَابِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ ، فَإِنَّ قَوْمًا خَرَجُوا مِنْ أَطْرَافِ
الصِّينِ ، فَقَصَدُوا
بِلَادَ تُرْكِسْتَانَ مِثْلَ كَاشْغَرَ وَبِلَاسَاغُونَ ، ثُمَّ مِنْهَا إِلَى
بِلَادِ مَا وَرَاءَ النَّهَرِ ، مِثْلَ
سَمَرْقَنْدَ وَبُخَارَى وَغَيْرِهِمَا ، فَيَمْلِكُونَهَا ، وَيَفْعَلُونَ بِأَهْلِهَا مَا نَذْكُرُهُ ، ثُمَّ تَعْبُرُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إِلَى
خُرَاسَانَ ، فَيَفْرَغُونَ مِنْهَا مُلْكًا ، وَتَخْرِيبًا ، وَقَتْلًا وَنَهْبًا ، ثُمَّ يَتَجَاوَزُونَهَا إِلَى
الرَّيِّ ،
وَهَمَذَانَ ، وَبَلَدِ الْجَبَلِ ، وَمَا فِيهَا مِنَ الْبِلَادِ إِلَى حَدِّ
الْعِرَاقِ ، ثُمَّ يَقْصِدُونَ بِلَادَ
أَذْرَبِيجَانَ وَأَرَّانِيَّةَ ، وَيُخَرِّبُونَهَا ، وَيَقْتُلُونَ أَكْثَرَ أَهْلِهَا ، وَلَمْ يَنْجُ إِلَّا الشَّرِيدُ النَّادِرُ فِي أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ ، هَذَا مَا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ .
ثُمَّ لَمَّا فَرَغُوا مِنْ
أَذْرَبِيجَانَ وَأَرَّانِيَّةَ سَارُوا إِلَى
دَرْبَنْدَ شِرْوَانَ فَمَلَكُوا مُدُنَهُ ، وَلَمْ يَسْلَمْ غَيْرُ الْقَلْعَةِ الَّتِي بِهَا مَلِكُهُمْ ، وَعَبَرُوا عِنْدَهَا إِلَى بَلَدِ
اللَّانِ ، وَاللِّكْزِ ، وَمَنْ فِي ذَلِكَ الصُّقْعِ مِنَ الْأُمَمِ الْمُخْتَلِفَةِ ، فَأَوْسَعُوهُمْ قَتْلًا ، وَنَهْبًا ، وَتَخْرِيبًا ، ثُمَّ قَصَدُوا
بِلَادَ قُفْجَاقَ ، وَهُمْ مِنْ أَكْثَرِ
التُّرْكِ عَدَدًا ، فَقَتَلُوا كُلَّ مَنْ وَقَفَ لَهُمْ ، فَهَرَبَ الْبَاقُونَ إِلَى الْغِيَاضِ وَرُءُوسِ الْجِبَالِ ، وَفَارَقُوا بِلَادَهُمْ ، وَاسْتَوْلَى هَؤُلَاءِ
التَّتَرُ عَلَيْهَا ، فَعَلُوا هَذَا فِي أَسْرَعِ زَمَانٍ ، لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا بِمِقْدَارِ مَسِيرِهِمْ لَا غَيْرَ .
وَمَضَى طَائِفَةٌ أُخْرَى غَيْرُ هَذِهِ الطَّائِفَةِ إِلَى
غَزْنَةَ وَأَعْمَالِهَا ، وَمَا يُجَاوِرُهَا مِنْ
بِلَادِ الْهِنْدِ وَسِجِسْتَانَ وَكَرْمَانَ ، فَفَعَلُوا فِيهِ مِثْلَ فِعْلِ هَؤُلَاءِ وَأَشَدَّ .
هَذَا مَا لَمْ يُطْرِق الْأَسْمَاعَ مِثْلُهُ ، فَإِنَّ
الْإِسْكَنْدَرَ الَّذِي اتَّفَقَ الْمُؤَرِّخُونَ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَ الدُّنْيَا لَمْ يَمْلِكْهَا فِي هَذِهِ السُّرْعَةِ ، إِنَّمَا مَلَكَهَا فِي نَحْوِ عَشْرِ سِنِينَ ، وَلَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا ، إِنَّمَا رَضِيَ مِنَ النَّاسِ بِالطَّاعَةِ ، وَهَؤُلَاءِ قَدْ مَلَكُوا أَكْثَرَ الْمَعْمُورِ مِنَ الْأَرْضِ وَأَحْسَنَهُ ، وَأَكْثَرَهُ عِمَارَةً وَأَهْلًا ، وَأَعْدَلَ أَهْلِ الْأَرْضِ أَخْلَاقًا وَسِيرَةً ، فِي نَحْوِ سَنَةٍ ، وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ فِي الْبِلَادِ الَّتِي لَمْ يَطْرُقُوهَا إِلَّا وَهُوَ خَائِفٌ يَتَوَقَّعُهُمْ ، وَيَتَرَقَّبُ وُصُولَهُمْ إِلَيْهِ .
ثُمَّ إِنَّهُمْ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى مِيرَةٍ وَمَدَدٍ يَأْتِيهِمْ ، فَإِنَّهُمْ مَعَهُمُ الْأَغْنَامُ ، وَالْبَقَرُ ، وَالْخَيْلُ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الدَّوَابِّ ، يَأْكُلُونَ لُحُومَهَا لَا غَيْرَ ، وَأَمَّا دَوَابُّهُمُ الَّتِي يَرْكَبُونَهَا
[ ص: 335 ] فَإِنَّهَا تَحْفِرُ الْأَرْضَ بِحَوَافِرِهَا ، وَتَأْكُلُ عُرُوقَ النَّبَاتِ لَا تَعْرِفُ الشَّعِيرَ ، فَهُمْ إِذَا نَزَلُوا مَنْزِلًا لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ خَارِجٍ .
وَأَمَّا دِيَانَتُهُمْ ، فَإِنَّهُمْ يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ عِنْدَ طُلُوعِهَا ، وَلَا يُحَرِّمُونَ شَيْئًا ، فَإِنَّهُمْ يَأْكُلُونَ جَمِيعَ الدَّوَابِّ ، حَتَّى الْكِلَابَ ، وَالْخَنَازِيرَ ، وَغَيْرَهَا ، وَلَا يَعْرِفُونَ نِكَاحًا بَلِ الْمَرْأَةُ يَأْتِيهَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الرِّجَالِ ، فَإِذَا جَاءَ الْوَلَدُ لَا يَعْرِفُ أَبَاهُ .
وَلَقَدْ بُلِيَ الْإِسْلَامُ وَالْمُسْلِمُونَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ بِمَصَائِبَ لَمْ يُبْتَلَ بِهَا أَحَدٌ مِنَ الْأُمَمِ ، مِنْهَا هَؤُلَاءِ
التَّتَرُ ، قَبَّحَهُمُ اللَّهُ ، أَقْبَلُوا مِنَ الْمَشْرِقِ ، فَفَعَلُوا الْأَفْعَالَ الَّتِي يَسْتَعْظِمُهَا كُلُّ مَنْ سَمِعَ بِهَا ، وَسَتَرَاهَا مَشْرُوحَةً مُتَّصِلَةً ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَمِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=33882خُرُوجُ الْفِرِنْجِ ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ ، مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الشَّامِ ، وَقَصْدُهُمْ دِيَارَ مِصْرَ ، وَمُلْكُهُمْ ثَغْرَ
دِمْيَاطَ مِنْهَا ، وَأَشْرَفَتْ
دِيَارُ مِصْرَ وَالشَّامِ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنْ يَمْلِكُوهَا لَوْلَا لُطْفُ اللَّهِ تَعَالَى وَنَصْرُهُ عَلَيْهِمْ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ .
وَمِنْهَا أَنَّ الَّذِي سَلِمَ مِنْ هَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ فَالسَّيْفُ بَيْنَهُمْ مَسْلُولٌ ، وَالْفِتْنَةُ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقٍ : وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمَيْنِ نَصْرًا مِنْ عِنْدِهِ ، فَإِنَّ النَّاصِرَ ، وَالْمُعِينَ ، وَالذَّابَّ ، عَنِ الْإِسْلَامِ مَعْدُومٌ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=11وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ
التَّتَرَ إِنَّمَا اسْتَقَامَ لَهُمْ هَذَا الْأَمْرُ لِعَدَمِ الْمَانِعِ .
وَسَبَبُ عَدَمِهِ أَنَّ
خُوَارَزْمَ شَاهْ مُحَمَّدًا كَانَ قَدْ اسْتَوْلَى عَلَى الْبِلَادِ ، وَقَتَلَ مُلُوكَهَا ، وَأَفْنَاهُمْ ، وَبَقِيَ هُوَ وَحْدَهُ سُلْطَانَ الْبِلَادِ جَمِيعِهَا ، فَلَمَّا انْهَزَمَ مِنْهُمْ لَمْ يَبْقَ فِي الْبِلَادِ مَنْ يَمْنَعُهُمْ ، وَلَا مَنْ يَحْمِيهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=42لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمَرًا كَانَ مَفْعُولًا ، وَهَذَا حِينَ نَذْكُرُ ابْتِدَاءَ خُرُوجِهِمْ إِلَى الْبِلَادِ .