وأما من جعلها واحدة ، فاحتج بالنص والقياس ، فأما النص ، فما رواه معمر   وابن جريج  عن ابن طاووس  ، عن أبيه ، ( أن أبا الصهباء  قال  لابن عباس   : ألم تعلم أن الثلاث كانت تجعل واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر  ، وصدرا من إمارة عمر  ؟ قال : نعم  ) . رواه  مسلم  في " صحيحه " . 
وفي لفظ : ( ألم تعلم أن الثلاث كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر  ، وصدرا من خلافة عمر  ترد إلى واحدة ؟ قال : نعم  ) . 
 [ ص: 228 ] وقال أبو داود   : حدثنا أحمد  بن صالح ، حدثنا عبد الرزاق  ، أن  ابن جريج  قال : أخبرني بعض بني  أبي رافع مولى رسول الله   - صلى الله عليه وسلم - عن عكرمة  ، ( عن  ابن عباس  ، قال : طلق عبد يزيد - أبو ركانة  وإخوته - أم ركانة  ، ونكح امرأة من مزينة  ، فجاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : ما يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة ، لشعرة أخذتها من رأسها ، ففرق بيني وبينه ، فأخذت النبي - صلى الله عليه وسلم - حمية ، فدعا بركانة  وإخوته ، ثم قال لجلسائه : " ألا ترون أن فلانا يشبه منه كذا وكذا من عبد يزيد  ، وفلانا منه كذا وكذا " ؟ قالوا : نعم ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد يزيد   : " طلقها " ، ففعل ثم قال : " راجع امرأتك أم ركانة  وإخوته " ، فقال : إني طلقتها ثلاثا يا رسول الله ، قال : " قد علمت  [ ص: 229 ] راجعها " وتلا : ( ياأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن   )  ) . 
وقال  الإمام أحمد   : حدثنا سعد بن إبراهيم  ، قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق  ، قال : حدثني  داود بن الحصين  ، عن  عكرمة مولى ابن عباس  ، ( عن  عبد الله بن عباس  ، قال : طلق ركانة بن عبد يزيد  أخو بني المطلب  امرأته ثلاثا في مجلس واحد ، فحزن عليها حزنا شديدا ، قال : فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كيف طلقتها " ، فقال : طلقتها ثلاثا ، فقال : " في مجلس واحد ؟ " ، قال : نعم ، قال : " فإنما تلك واحدة فارجعها إن شئت " ؟ قال : فراجعها  ) . فكان  ابن عباس  يرى أنما الطلاق عند كل طهر  . 
قالوا : وأما القياس ، فقد تقدم أن جمع الثلاث  محرم وبدعة ، والبدعة مردودة ؛ لأنها ليست على أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا : وسائر ما تقدم في بيان التحريم يدل على عدم وقوعها جملة . قالوا : ولو لم يكن معنا إلا قوله تعالى : ( فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله   ) [ النور : 6 ] ، وقوله : ( ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله   ) [ النور : 8 ] ، قالوا : وكذلك كل ما يعتبر له التكرار من حلف أو إقرار أو شهادة ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( تحلفون خمسين يمينا ، وتستحقون دم صاحبكم  ) . 
فلو قالوا : نحلف بالله خمسين يمينا : إن فلانا قتله ، كانت يمينا واحدة . قالوا : وكذلك الإقرار بالزنى ، كما في الحديث : أن بعض الصحابة قال لماعز : إن أقررت أربعا ، رجمك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهذا لا يعقل أن تكون الأربع فيه مجموعة بفم واحد . 
				
						
						
