حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمن طلق دون الثلاث ، ثم راجعها بعد زوج  أنها على بقية الطلاق 
ذكر  ابن المبارك  ، عن عثمان بن مقسم  ، أنه أخبره ، أنه سمع نبيه بن وهب  ،  [ ص: 256 ] يحدث عن رجل من قومه ، عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في المرأة يطلقها زوجها دون الثلاث ، ثم يرتجعها بعد زوج أنها على ما بقي من الطلاق  ) . 
وهذا الأثر وإن كان فيه ضعيف ومجهول ، فعليه أكابر الصحابة ، كما ذكر عبد الرزاق  في " مصنفه " عن مالك  ،  وابن عيينة  ، عن  الزهري  ، عن  ابن المسيب  ، وحميد بن عبد الرحمن  ،  وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود  ، (  وسليمان بن يسار  كلهم يقول : سمعت  أبا هريرة  يقول : سمعت  عمر بن الخطاب  يقول : أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ، ثم تركها حتى تنكح زوجا غيره ، فيموت عنها ، أو يطلقها ثم ينكحها زوجها الأول ، فإنها عنده على ما بقي من طلاقها  ) . 
وعن  علي بن أبي طالب  ،  وأبي بن كعب ،   وعمران بن حصين   - رضي الله عنهم - مثله . 
قال  الإمام أحمد   : هذا قول الأكابر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - . 
( وقال  ابن مسعود  ،  وابن عمر  ،  وابن عباس   - رضي الله عنهم - : تعود على الثلاث ، قال  ابن عباس   - رضي الله عنهما - : نكاح جديد ، وطلاق جديد ) . 
وذهب إلى القول الأول أهل الحديث ، فيهم أحمد  ،  والشافعي  ، ومالك  ، وذهب إلى الثاني  أبو حنيفة  ، هذا إذا أصابها الثاني ، فإن لم يصبها فهي على ما بقي من طلاقها عند الجميع ، وقال النخعي   : لم أسمع فيها اختلافا ، ولو ثبت الحديث  [ ص: 257 ] لكان فصل النزاع في المسألة ، ولو اتفقت آثار الصحابة ، لكانت فصلا أيضا . 
وأما فقه المسألة فمتجاذب ، فإن الزوج الثاني إذا هدمت إصابته الثلاث ، وأعادتها إلى الأول بطلاق جديد ، فما دونها أولى ، وأصحاب القول الأول يقولون : لما كانت إصابة الثاني شرطا في حل المطلقة ثلاثا للأول لم يكن بد من هدمها وإعادتها على طلاق جديد ، وأما من طلقت دون الثلاث ، فلم تصادف إصابة الثاني فيها تحريما يزيله ، ولا هي شرط في الحل للأول ، فلم تهدم شيئا ، فوجودها كعدمها بالنسبة إلى الأول ، وإحلالها له ، فعادت على ما بقي ، كما لو لم يصبها ، فإن إصابته لا أثر لها البتة ، ولا نكاحه ، وطلاقه معلق بها بوجه ما ، ولا تأثير لها فيه . 
				
						
						
