فصل 
ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قضى في اللواط بشيء ؛ لأن هذا لم تكن تعرفه  [ ص: 37 ] العرب ، ولم يرفع إليه صلى الله عليه وسلم ، ولكن ثبت عنه أنه قال : اقتلوا الفاعل والمفعول به  . رواه أهل السنن الأربعة ، وإسناده صحيح ، وقال  الترمذي   : حديث حسن . 
وحكم به  أبو بكر الصديق  ، وكتب به إلى خالد  بعد مشاورة الصحابة ، وكان علي  أشدهم في ذلك . 
وقال ابن القصار  ، وشيخنا : أجمعت الصحابة على قتله ، وإنما اختلفوا في كيفية قتله ، فقال  أبو بكر الصديق   : يرمى من شاهق ، وقال علي  رضي الله عنه : يهدم عليه حائط . وقال  ابن عباس   : يقتلان بالحجارة . فهذا اتفاق منهم على قتله ، وإن اختلفوا في كيفيته ، وهذا موافق لحكمه صلى الله عليه وسلم فيمن وطئ ذات محرم ، لأن الوطء في الموضعين لا يباح للواطئ بحال ، ولهذا جمع بينهما في حديث  ابن عباس  رضي الله عنهما ، فإنه روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوه  ، وروى أيضا عنه : من وقع على ذات محرم ، فاقتلوه ، وفي حديثه أيضا بالإسناد : من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه  . 
 [ ص: 38 ] وهذا الحكم على وفق حكم الشارع ، فإن المحرمات كلما تغلظت ، تغلظت عقوباتها ، ووطء من لا يباح بحال أعظم جرما من وطء من يباح في بعض الأحوال ، فيكون حده أغلظ ، وقد نص أحمد  في إحدى الروايتين عنه ، أن حكم من أتى بهيمة  حكم اللواط سواء ، فيقتل بكل حال ، أو يكون حده حد الزاني . 
واختلف السلف في ذلك ، فقال الحسن   : حده حد الزاني . وقال أبو سلمة  عنه : يقتل بكل حال ، وقال  الشعبي   والنخعي   : يعزر ، وبه أخذ  الشافعي  ومالك   وأبو حنيفة  وأحمد  في رواية ، فإن  ابن عباس  رضي الله عنه أفتى بذلك ، وهو راوي الحديث . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					