الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن ) ( اكتريا ) أو اشتريا ( حانوتا ) وتنازعا ( فأراد كل مقدمه ) لوقوع العقد مجملا ( قسم ) بينهما ( إن أمكن ) القسم ( وإلا ) يمكن ( أكري عليهما ) للضرورة ، ولو اتفقا على المقدم واختلفا في الجهة فالقرعة لخفة الأمر فيه والبيت المطل بعضه على نهر أو بستان كذلك ( وإن غارت عين ) غيط ( مكرى ) للزراعة ( سنين ) المراد ما فوق الواحدة الشامل للسنتين فأولى سنة فقط ( بعد زرعه ) فلو غارت قبل زرعه [ ص: 55 ] حمل ما أنفقه المكتري على التبرع ( نفقت ) أيها المكتري أي صرفت من عندك في إصلاح العين إن أبى المكتري ( حصة ) أي أجرة ( سنة فقط ) ليتم زرعك في تلك السنة ويلزم المكري ما أنفقت ; لأنك قمت عنه بواجب ، وهذا إذا كان حصة السنة يتأتى بها إصلاح فلو كان لا يصلحها إلا أكثر من أجرة سنة ، وأبى ربها من الإصلاح ، ومن الإذن له فأنفق المكتري كان متطوعا بالزائد فإن أبى أن ينفق أيضا كان له ذلك ، ولا يلزمه الكراء ; لأن هلاك الزرع من العطش ، ومثل الغور انهدام البئر وقوله : نفقت بفتح النون مع فتح الفاء وكسرها كعتق ، وفرح ، وهو لازم يتعدى بهمزة النقل فالصواب أنفقت ، وقيل إنه يتعدى في لغة كأعتقه وعتقه .

التالي السابق


( قوله : فأراد كل مقدمه ) أي وصلحت صنعة كل منهما لمقدمه عرفا سواء اتفقت صنعتهما أو اختلفت ( قوله : قسم ) أي ذلك المقدم وقوله : إن أمكن القسم أي قسم المقدم لإتساعه وقبوله للقسم ( قوله : وإلا أكري عليهما ) أي ما لم يصطلحا على الجلوس على التعاقب مثلا ( قوله : للضرورة ) أي لإزالة الضرر الحاصل بالمنازعة ( قوله : ولو اتفقا على المقدم ) أي على جلوسهما معا في المقدم لاتساعه وقوله : واختلفا في الجهة أي التي يجلس كل منهما فيها ( قوله : لخفة الأمر فيه ) أي ; لأن اختلافهما في الجهة ليس كاختلافهما في المقدم والمؤخر ( قوله : كذلك ) أي كمسألة المصنف من القسم إن أمكن ، وإلا أكري عليهما ، ولا كلام لرب البيت و لا الحانوت كما هو ظاهر المصنف ( قوله : وإن غارت عين إلخ ) حاصله أنه إذا اكترى أرضا سنين فغارت عينها أو انهارت بئرها ، وأبى ربها من الإصلاح فسخت الإجارة وليس للمكتري أن ينفق من الأجرة إلا أن يكون قد زرع قبل غور العين وكانت أجرة سنة تكفي فله الإنفاق حينئذ ويحسب له ذلك من الكراء قهرا عن المكري فإن كان لم يزرع أو زرع وكان لا تكفي أجرة السنة في العمارة فليس له الإنفاق فإن أنفق كان متبرعا بجميع ما أنفقه في الأولى وبما زاد على [ ص: 55 ] أجرة السنة في الثانية .

( قوله : حمل ما أنفقه المكتري على التبرع ) أي سواء كان حصة سنة أو أقل أو أكثر ( قوله : حصة سنة فقط ) أي ولو علمت أن الزرع لا يتم عليه بقية السنة خلافا لمن يقول ينفق أجرة السنين كلها حيث اكتري سنين ; لأنها عقدة واحدة وظاهره أي سنة ، ولو اختلف الكراء وكلام ابن عرفة يفيد أنه ينفق حصة السنة التي حصل فيها الغور ، وما زاد عليها فهو متطوع به . واعلم أن المساقاة يجري فيها ما جرى للمصنف هنا فإذا ساقى الحائط سنين وغارت عينها ، وأبى ربها من إصلاحها فللعامل أن ينفق قدر قيمة ثمره سنة لا أزيد كما في وثائق الجزيري ( قوله : لأنك قمت عنه بواجب ) في هذا التعليل نظر إذ لا يلزم المكري الإصلاح للمكتري كما مر والذي علل به ابن يونس كما في بن أن المكتري متى ترك ذلك فسد زرعه ، ولم يكن لرب الأرض كراء ، وحينئذ فلا يمتنع من أمر ينتفع به هو وغيره ، ولا ضرر عليهما فيه ( قوله : فإن أبى ) أي المكتري وقوله : أيضا أي كما أبى المكري ( قوله : من العطش ) أي وقد علمت أن أرض السقي لا يلزم المكتري أجرتها إلا إذا استغنى الزرع عن السقي .




الخدمات العلمية