الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وفي محض حق الله ) وهو ما ليس للمكلف إسقاطه ( تجب المبادرة ) بالرفع للحاكم ( بالإمكان ) أي بقدره لا مطلقا بل ( إن استديم تحريمه ) أي تحريم خلاف مقتضاه ( كعتق ) لرقيق ، والسيد يتصرف فيه تصرف الملاك من استخدام وبيع وصدقة ووطء ونحوها ( وطلاق ) لزوجة والزوج يعاشرها معاشرة الأزواج من خلوة بها واستمتاع ( ووقف ) وواضع اليد يتصرف فيه تصرف الملاك ويمنع المستحقين حقوقهم ولا سيما إذا كان الوقف مسجدا أو مدرسة أو رباطا ( ورضاع ) بين زوجين ( وإلا ) يستدم تحريم حق الله [ ص: 175 ] ( خير ) الشاهد في الرفع والترك ( كالزنا ) وشرب الخمر والترك أولى لما فيه من الستر المطلوب في غير المتجاهر بفسقه وأما هو فيندب الرفع ( بخلاف الحرص على التحمل ) أي تحمل الشهادة فلا يقدح ( كالمختفي ) عن المشهود عليه ليشهد على إقراره إذا تحققه

التالي السابق


( قوله تجب المبادرة ) أي للرفع للحاكم للشهادة من غير رفع للخصم لما سبق ( قوله بقدره ) أي فإن أخر الرفع زيادة عن القدر الذي يمكن فيه الرفع كان جرحة في شهادته ( قوله إن استديم تحريمه ) أي التحريم بسببه أي بسبب حق الله فاندفع ما يقال ظاهره أن حق الله تارة يكون دائم التحريم وتارة لا يكون دائم التحريم وليس كذلك فحق الله في العتق النهي عن التصرف في العتيق بالاستخدام والوطء ونحوهما فما دام السيد يستخدم العتيق أو يطأ الأمة المعتقة فالحرمة دائمة بدوام ذلك التصرف على الشاهد وعلى السيد بسبب ذلك النهي وكذلك حق الله في الطلاق النهي عن معاشرة المطلقة معاشرة الأزواج فالحرمة دائمة بدوام معاشرتها على الشاهد والزوج بسبب النهي عن المعاشرة وفي الوقف حق الله النهي عن تغييره فالحرمة على الشاهد وواضع اليد دائمة بدوام تغييره بسبب النهي عن التغيير وحق الله في الرضاع النهي عن نكاح المتراضعين فما دام النكاح دائما فالحرمة على الشاهد والزوج دائمة بسبب ذلك النهي وأجاب شارحنا بجواب آخر ، وحاصله أن قوله إن استديم تحريمه معناه إن استديم تحريم خلاف مقتضاه فحق الله في العتق النهي عن التصرف في العتيق باستخدامه ووطئه فحق الله يقتضي عدم الاستخدام والوطء فخلافه وهو الاستخدام والوطء حرام وتلك الحرمة دائمة على كل من الشاهد والسيد ما دام ذلك الخلاف وكذا يقال في الباقي .

( قوله ووقف ) أي على غير معين والحال أن المتصرف فيه غير الواقف ، وحاصل ما في المسألة أن الوقف إما على غير معين أو على معين وفي كل الواضع يده عليه المتصرف فيه أما غير الواقف أو الواقف فإن كان على غير معين والواضع يده عليه غير الواقف وجب على الشهود المبادرة بالرفع للقاضي وإن كان الواضع يده عليه هو الواقف فلا يرفعون إذ لا ثمرة في رفعهم لأنه لا يقضي به عليه كما سبق وإن كان الوقف على معين فلا يرفعون لأنه حق لآدمي إلا إذا طلبوا للشهادة كان الواضع يده عليه الواقف أو غيره .

( قوله وإلا يستدم تحريم حق الله ) أي وإلا يستدم التحريم بسبب [ ص: 175 ] حق الله بل كان يقتضي التحريم بمجرد الفراغ من متعلقه ( قوله خير ) المراد أنه لا يجب الرفع فلا ينافي أن ترك الرفع أولى ( قوله كالزنا وشرب الخمر ) أي فحق الله فيهما النهي عنهما فإذا زنى الشخص أو شرب الخمر حصل التحريم وانقضى بالفراغ منه .

( قوله والترك أولى ) أي مندوب وقوله لما فيه من الستر المطلوب أي على جهة الندب لا على جهة الوجوب وإلا كان الترك واجبا وهذا قول لبعضهم وفي المواق أن ستر الإنسان على نفسه وعلى غيره واجب وحينئذ فيكون ترك الرفع واجبا ( قوله فيندب الرفع ) أي لأجل أن يرتدع عن فسقه وكره مالك وغيره الستر عليه ( قوله كالمختفي ) أي فتقبل شهادته بناء على جواز تحمل الشهادة على المقر من غير أن يقول اشهد علي به بشرط أن يستوعب كلامه وهذا هو الذي به العمل كما في المفيد والتحفة وهو المشهور كما في المواق وأطلق المصنف في قبولها من المختفي وهو مقيد كما في النوادر بأن لا يكون المشهود عليه مخدوعا أو خائفا وإلا فلا تقبل قاله ابن مرزوق ا هـ بن




الخدمات العلمية