الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن ) ( قال اكتريت عشرا ) من الأفدنة أو من السنين مثلا ( بخمسين وقال ) رب الأرض أو الدار ( بل ) اكتريت مني ( خمسا بمائة ) ، ولا بينة لأحدهما ( حلفا ، وفسخ ) العقد ويبدأ صاحب الأرض أو الدار ويقضى للحالف على الناكل ونكولهما كحلفهما ، وهذا إن لم يحصل زرع ، ولا سكنى ( وإن زرع بعضا ) أو سكنه ( ولم ينقد ) من الكراء شيئا ( فلربها ) بحساب ( ما أقر به المكتري ) فيما مضى ( وإن أشبه ) المكتري أشبه ربها أم لا ( وحلف ) أي فالقول له بيمين ( وإلا ) يشبه حلف أم لا أو أشبه ، ولم يحلف فالنفي راجع لقوله إن أشبه وحلف معا ( فقول ربها ) في الصور الثلاث ( إن أشبه ) وحلف أيضا فله بحساب ما قال ( فإن لم يشبها ) معا ( حلفا ) أي يحلف كل على دعواه نافيا لدعوى الآخر . ( ووجب ) لرب الأرض أو الدار ( كراء المثل ) [ ص: 60 ] ( فيما مضى ) مما زرع أو سكن ( وفسخ الباقي ) أي فيما يستقبل ( مطلقا ) أشبه قول أحدهما أم لا ( وإن نقد ) هذا قسيم قوله لم ينقد أي ، وإن زرع بعضا وقد نقد ( فتردد ) هل القول للمكري لترجيح جانبه بالنقد ، ولا فسخ ويلزم المكتري جميع الكراء أو لا يكون القول له بل يرجع في ذلك للأشبه كما لو لم ينقد على التفصيل السابق .

التالي السابق


( قوله : ويبدأ صاحب الأرض أو الدار ) أي لأنه دافع لمنفعة أرضه أو داره ( قوله : كحلفهما ) أي فكما يفسخ العقد إذا حلفا يفسخ إذا نكلا ، ولا يراعى هنا نقض ، ولا عدمه بل حيث كان التنازع قبل الزرع والسكنى فسخ العقد سواء حصل نقد أو لا سواء أشبها أو لم يشبها أو أشبه المكتري أو المكري فهذه ثمانية أحوال ، سواء حلفا أو نكلا فهذه ستة عشر فإن حلف أحدهما ونكل الآخر قضي للحالف على الناكل .

( قوله : وإن زرع بعضا ) أي من الأرض وقوله : أو سكنه أي بعضا من المدة ، وفي هذه الحالة ثمان صور ; لأنهما إما أن يشبها أو لا يشبها أو يشبه المكري فقط أو المكتري فقط ، وفي كل إما أن يكون تنازعهما بعد الانتقاد أو قبله فهذه ثمانية أشار المصنف لأربعة منها بقوله ، وإن زرع بعضا ، ولم ينقد إلخ .

وحاصلها أن المكتري إذا زرع بعض الأرض أو سكن البيت بعض المدة ولم ينقد كان القول قول المكتري فيما مضى وفسخ في الباقي إن أشبه ، قوله : وحلف سواء أشبه قول المكري أيضا أم لا فهذه صورة ، وإن انفرد المكري بالشبه أو أشبه المكتري ولم يحلف فالقول قول المكري فيما مضى ، وفسخ في الباقي ، وإن لم يشبها حلفا ووجب كراء المثل فيما مضى ، وفسخ في الباقي فهذه أربع صور ، وإن كان تنازعهما بعد الانتقاد ففيه أربع صور ; لأنهما إما أن يشبها أو لا يشبها أو يشبه المكري أو المكتري وقد أشار المصنف لحكمها بقوله وإن نقد فتردد وحاصل ذلك التردد الواقع فيها قيل إن القول قول المكري إذا أشبه أشبه المكتري أم لا وحينئذ فله من الكراء فيما مضى بحساب ما قال ويفسخ في الباقي مثل ما إذا لم يحصل نقد ، وقيل إن القول قول المكري ، ولا فسخ ، ويلزم المكتري جميع الكراء ، وأما إذا انفرد المكتري [ ص: 60 ] بالشبه أو لم يشبه واحد منهما فحكمه حكم ما لم ينقد باتفاق القولين .

( قوله : فيما مضى ) تنازع فيه جميع العوامل السابقة ، وهي قوله : فالقول لربها ولربها ما أقر به وقوله : ووجب كراء المثل ( قوله : وفسخ الباقي ) أي لدعوى ربها في كراء بقية المدة أكثر من دعوى المكتري ( قوله : وإن نقد ) أي ، وأشبها معا أو أشبه المكري فقط ( قوله : أو لا يكون القول له إلخ ) الأولى أو يكون القول قوله فيما مضى ويفسخ في الباقي مثل ما إذا لم ينقد وقد علمت أن محل الخلاف إذا نقد وأشبها أو أشبه المكري فقط ، وأما إذا نقد ولم يشبها أو أشبه المكتري فقط فحكم ذلك حكم ما تقدم إذا لم ينقد ، هذا وقد ذكر بن ما نصه قد أجمل المصنف في ذكر هذا التردد ويتبين بذكر كلام المدونة وشراحها وذلك أن ابن القاسم بعد أن ذكر في المدونة الأوجه الأربعة المتقدمة قال ، وهذا إذا لم ينقد ، قال أبو الحسن مفهومه لو نقد لكان القول قول ربها ، ولا تفسخ في بقية السنين وقيل معنى قوله هذا إذا لم ينقد أي هذا الذي سمعته من كلام مالك ، ولم أسمع منه إذا انتقد ، والحكم عندي سواء فيهما . ا هـ . والذي قاله غير ابن القاسم فيها هو أنه إذا انتقد ، وأتى رب الأرض بما يشبه أو أتيا معا بما يشبه لا ينفسخ الكراء فيكون في هذين الوجهين مخالفا لما تقدم فيما إذا لم ينقد ، فمن الشيوخ من حمل قول ابن القاسم ، وهذا إذا لم ينتقد على معنى أنه يفسخ في الباقي ، وأما إذا انتقد فلا يفسخ يريد من هذين الوجهين فيكون قول ابن القاسم موافقا لقول الغير ، ومنهم من يرى أن مذهب ابن القاسم يفسخ مطلقا فيكون قول الغير خلافا ، وهذا تأويل ابن يونس وبهذا تعلم أن المحل للتأويلين لا للتردد .




الخدمات العلمية