الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
لا ( الرقبى ) بضم الراء وسكون القاف وبالباء الموحدة فلا تجوز في حبس ولا ملك وهي من المراقبة كأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه وأفاد المصنف تفسيرها بالمثال بقوله ( كذوي دارين ) أو عبدين ، أو دار وعبد ( قالا ) أي قال كل منهما لصاحبه في عقد واحد ( إن مت قبلي فهما ) أي دارك وداري ( لي ، وإلا ) بأن مت قبلك ( فلك ) ولا يخفى أن دار كل ملك له فالمراد إن مت قبلي فدارك لي مضمومة لداري ، وإن مت قبلك فداري لك مضمومة لدارك وإنما منع لما فيه من الخروج عن وجه المعروف إلى المخاطرة فإن وقع ذلك واطلع عليه قبل الموت فسخ ، وإن لم يطلع عليه إلا بعد الموت رجعت لوارثه ملكا ولا ترجع مراجع الأحباس لفساد العقد ، وشبه في المنع قوله ( كهبة نخل ) لشخص ( واستثناء ثمرتها ) أي استثنى الواهب ثمرتها ( سنين ) معلومة ، أو سنة فلا مفهوم للجمع على الأصح [ ص: 110 ] ( و ) الحال أن الواهب شرط أن يكون ( السقي ) في تلك المدة ( على الموهوب له ) وعلة المنع الجهل بعوض السقي ; إذ لا يدرى ما يصير إليه النخل بعد تلك الأعوام في نظير سقيه فإن وقع واطلع على ذلك قبل التغير فسخ وردت النخل بثمرتها لربها ورجع الموهوب له بقيمة سقيه وعلاجه ، وإن فاتت بتغير ملكها الموهوب له بقيمتها يوم وضع يده عليها ورجع على الواهب بمثل ما أكل من الثمر إن عرف ، وإلا فبقيمته .

التالي السابق


( قوله : فلا تجوز في حبس ولا ملك ) بأن يقول كل لصاحبه إن مت فداري ملك لك أو حبس عليك . ( قوله : في عقد واحد ) أشار الشارح بذلك إلى أن محل المنع إذا وقع ما ذكر من القولين في عقد واحد أي بأن وقع أحدهما بفور الآخر ودخلا على ذلك كما هو ظاهر المصنف وأما لو قال أحدهما لصاحبه ذلك ، ثم قال الآخر مثل الأول فهو جائز ; إذ لا تهمة فيه حيث لم يدخلا عليه ويكون هذا وصية . ( قوله : أن دار كل ) أي دار كل متكلم . ( قوله : فالمراد إلخ ) أي فهو من النوع المسمى في البديع بالجمع والتفريق كقوله تعالى { . وقالوا كونوا هودا أو نصارى } أي قالت اليهود للنصارى كونوا هودا مثلنا وقالت النصارى لليهود كونوا نصارى مثلنا . ( قوله : إلى المخاطرة ) أي الغرر ; إذ لا يدرى أيهما يموت قبل الآخر . ( قوله : إلا بعد الموت ) أي بعد موت أحدهما وقوله رجعت أي دار من مات لوارثه ولا تكون للمراقب الحي . ( قوله : كهبة نخل ) أي سواء كانت الهبة من الآن ، أو اتفقا على أنها تكون بعد الأجل الذي يقبض الواهب ثمرتها فيه والعلاج فيه على الموهوب له . ( قوله : واستثناء ثمرتها ) أي كلها ، أو بعضها لوجود علة المنع فيهما كما قاله بن خلافا لعبق حيث قال بالجواز إذا استثنى بعضها . ( قوله : فلا مفهوم للجمع ) وذلك لوجود علة المنع وهي المخاطرة أي الغرر في استثناء الثمرة سنة واحدة وقوله : على الأصح أي خلافا للبساطي حيث قال بالجواز فيما دون الجمع ونسب ذلك لظاهر الروايات قاله شيخنا العدوي [ ص: 110 ] قوله : والسقي على الموهوب له ) أي سواء كان السقي بماء الموهوب له ، أو بماء الواهب لوجود علة المنع فيهما كما قال شيخنا العدوي ; لأن علاج السقي ينزل منزلة المعاوضة خلافا لما في عبق من أنه إذا كان السقي على الموهوب له بماء الواهب فإنه يجوز . ( قوله : بعوض السقي ) أي وهو النخل فسقيه خرج مخرج المعاوضة بالنخل . ( قوله : في نظير ) أي الكائن في نظير سقيه فهو صفة للنخل . ( قوله : واطلع على ذلك ) أي بعد أن قبضها الموهوب له وقوله : قبل التغير أي قبل تغير النخل سواء مضت سنين الاستثناء كلها ، أو بعضها . ( قوله : وردت النخل بثمرتها ) أي مع ثمرتها حيث قبض الموهوب له الثمرة لمضي مدة الاستثناء كلا ، أو بعضا . ( قوله : يوم وضع يده عليها ) أي فصارت نفقته من السقي والعلاج في ملكه حيث ملكها من يوم وضع يده عليها .




الخدمات العلمية