الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) عزر ( من ) ( أساء على خصمه ) بحضرته كأن يقول لخصمه يا فاجر ، أو أنت فاجر ظالم ( أو ) من أساء على ( مفت أو شاهد ) ولا يحتاج إلى بينة في ذلك بل يستند في ذلك لعلمه والحق حينئذ لله لانتهاك حرمة الشرع فلا يجوز للقاضي تركه وأما بغير حضرته فلا بد من الثبوت ببينة ، أو إقرار ( لا ب شهدت ) أي لا يعزره بقوله للشاهد شهدت علي ( بباطل ) بخلاف قوله بزور لأنه لا يلزم من الباطل شهادة الزور ; إذ الباطل أعم من الزور لأن الباطل بالنسبة للواقع والزور بالنسبة لعلم الشاهد فقد يشهد بشيء يعلمه ويكون المدعى عليه قد قضاه ، أو أبرأ منه ، أو أحيل عليه به ، أو عفا عنه ولا مضرة على الشاهد بذلك بخلاف الزور فإنها تعمد الإخبار بغير ما يعلم ( كلخصمه ) أي كقوله لخصمه ( كذبت ) علي ، أو ظلمت أو ظلمتني فلا يؤدب بخلاف يا ظالم أو يا كذاب فيؤدب .

التالي السابق


( قوله : أو من أساء على مفت ، أو شاهد ) أي بحضرته بأن قال له أنت قد افتريت علي في فتواك ، أو في شهادتك ، أو شهدت علي بالزور . ( قوله : إلى بينة في ذلك ) أي ولا يحتاج في ذلك لبينة والمشار إليه ما ذكر من الإساءة ، وقوله : في ذلك في بمعنى الباء واعلم أن هذه المسائل الأربع وهي تأديب القاضي لمن أساء عليه ، أو على خصمه ، أو على الشاهد ، أو على المفتي بمجلسه - مستندا لعلمه - تزاد على قولهم : لا يجوز للقاضي أن يستند لعلمه إلا في التعديل وفي التجريح . ( قوله : وأما بغير حضرته ) أي وأما لو أساء على خصمه ، أو على المفتي ، أو على الشاهد بغير حضرة القاضي . ( قوله : بخلاف قوله بزور ) أي بخلاف قوله للشاهد شهدت علي بزور فإن القاضي يعزره ظاهره مطلقا وليس كذلك ففي المواق ما نصه ابن كنانة : إن قال له شهدت علي بزور فإن عنى أنه شهد عليه بباطل لم يعاقب وإن قصد أذاه وإشهاره بأنه مزور نكل بقدر حال الشاهد والمشهود عليه ا هـ ويقبل قوله : فيما ادعى أنه أراده إلا لقرينة تكذبه ا هـ عبق . ( قوله : بالنسبة للواقع ) أي بأن شهد بخلاف الواقع سواء كان الشاهد يعلم أن ما شهد به خلاف الواقع ، أو لا يعلم ذلك . ( قوله : والزور بالنسبة لعلم الشاهد ) أي بأن شهد بما لم يعلم كان ما شهد به موافقا للواقع ، أو خلاف الواقع فبينهما عموم وخصوص وجهي فإذا شهد بما هو خلاف الواقع مع علمه أنه خلاف الواقع كان باطلا وزورا وإذا شهد بخلاف الواقع وكان يعلم أنه خلاف الواقع كما في الصورة التي ذكرها الشارح كان ذلك باطلا لا زورا وإذا شهد بما هو مطابق للواقع وهو لا يعلم به كان ذلك زورا لا باطلا . ( قوله : فقد يشهد بشيء يعلمه ) أي كدين لزيد على عمرو . ( قوله : ويكون المدعى عليه قد قضاه ) أي من غير أن يعلم الشاهد أنه قضاه فتلك الشهادة باطلة لا زور . ( قوله : كذبت علي ) أي فيما ادعيته وإنما لم يكن هذا - أعني قوله لخصمه أنت كذبت أو ظلمتني وما قبله ، وهو قوله للشاهد : أنت شهدت علي بباطل - من انتهاك مجلس الشرع ; لأن لهما تعلقا بالخصومة ; لأن المراد بطلان وكذب في خصوص هذه الخصومة لا أن ذلك شأنه في ذاته بخلاف الإساءة بنحو يا ظالم ، أو يا فاجر فإنه لا تعلق لها بالخصومة بل المراد أن صفته كذا في ذاته .




الخدمات العلمية