الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن ) ( سأل ) من ادعى شيئا بيد غيره من عبد أو دابة أو غير ذلك ( ذو العدل ) أي مقيمه وأبى من الحلف معه ومثله مقيم بينة تحتاج لتزكية ( أو ) سأل ذو ( بينة سمعت ) بأنه ذهب له عبد مثلا هذه صفته ( وإن لم تقطع ) الواو للحال وإن زائدة فالأولى حذفها أي والحال أنها لم تقطع بأن الشيء المدعى فيه حقه بأن قالت لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم أنه ذهب له عبد مثلا [ ص: 191 ] صفته كذا ( وضع ) مفعول سأل أي سأل وضع ( قيمة العبد ) مثلا عند القاضي أو عند أمين بإذن القاضي ( ليذهب به ) أي بالعبد ( إلى بلد يشهد له ) في تلك البلد ( على عينه أجيب ) لسؤاله ومكن من الذهاب به إلى البلد الذي طلبه فإن ثبت عند قاضيه أنه عبده أنهى للقاضي الأول أنه ثبت عندنا أن هذا العبد لمدعيه واستحقه وأخذ القيمة الموضوعة عند القاضي الأول وجعلنا الواو للحال لأنها لو قطعت بأن قالت لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم أن هذا العبد مثلا بعينه هو الذي ذهب له أخذه مدعيه أي مع اليمين إن كان بيد حائز ( لا إن انتفيا ) أي العدل وبينة السماع ( وطلب ) المدعي ( إيقافه ) أي العبد أو غيره على يد أمين ( ليأتي ) أي إلى أن يأتي ( ببينة ) تشهد له على دعواه المجردة عما ذكر الآن فلا يجاب لذلك ( وإن ) كانت بينته ( بكيومين ) فأولى إذا كانت على أكثر لأنه يحمل على أنه قصد إضرار المالك بمنعه الانتفاع بملكه في تلك المدة ( إلا أن يدعي بينة حاضرة ) بالبلد تشهد له ( أو ) يدعي ( سماعا ) أي بينة سماع حاضرة ( يثبت به ) المدعى به بأن كان فاشيا ( فيوقف ) المدعى به في المسألتين عند القاضي حتى يأتيه ببينته ( ويوكل به ) من يحفظه ( في ) ما لو كانت على ( كيوم ) فإن جاء بها عمل بمقتضاها وإلا سلمه القاضي لربه بعد يمينه من غير كفيل ( والغلة ) الحاصلة من المدعى فيه ( له ) أي للمدعى عليه ولو فيما فيه حيلولة على الراجح لأن الضمان منه ( للقضاء ) به [ ص: 192 ] للمستحق ( والنفقة ) على المدعى فيه كالعبد زمن الإيقاف ومنه زمن الذهاب به لبلد يشهد له فيه أنه للمدعي ( على المقضي له به ) لكشف الغيب أنه على ملكه من يومئذ ويرجع المدعى عليه بها على المدعي إذا أنفق عليه زمن الإيقاف وأما قبل زمنه فإن النفقة على من هو بيده كالغلة اتفاقا

التالي السابق


( قوله وإن سأل إلخ ) حاصله أن من ادعى شيئا بيد غيره سواء كان عبدا أو دابة أو غير ذلك وأقام بذلك شاهدا عدلا وأبى من الحلف معه بل قال لا أحلف وإن أتيت بشاهد ثان أخذته وإلا تركته للمدعى عليه أو أقام بينة بذلك تشهد بالسماع والحال أنها لم تقطع أن ذلك المدعى به ملك للمدعي بل قالت لم نزل نسمع من الثقات وغيرهم أن المدعي ذهب له مثل هذا أو أقام شاهدين يحتاجان للتزكية ولم يجد من يزكيهما وسأل المدعي وضع قيمة المدعى به من عنده عند القاضي ليذهب بذلك الشيء المدعى به لبلد له فيها بينة تشهد له على عينه فإنه يجاب لسؤاله ويمكن من الذهاب به لذلك البلد ( قوله وأبى من الحلف معه ) [ ص: 191 ] أي بل قال أنا لا أحلف فإن وجدت شاهدا ثانيا أخذته وإلا تركته ( قوله صفته كذا ) فيحتمل أن هو هذا المتنازع فيه ويحتمل أنه غيره ( قوله وضع قيمة العبد ) أي من عنده .

( قوله أجيب لسؤاله ) أي وجوبا أي وجب على القاضي إجابته لئلا تضيع أموال الناس وظاهره كالمدونة كان المكان الذي فيه البينة قريبا أو بعيدا وهو كذلك كما في أبي الحسن وضمانه إذا تلف ولو بسماوي في حال الذهاب على المدعي الذاهب به لأنه قبضه لحق نفسه لا على وجه الأمانة كذا في بن ( قوله فإن ثبت عند قاضيه إلخ ) أي وإن لم يثبت عند قاضيه أنه عبده رده المدعي للمدعى عليه وأخذ المدعي القيمة الموضوعة عند القاضي ( قوله واستحقه ) هذا مستأنف أي واستحقه مدعيه وأخذ ذلك المستحق القيمة إلخ لا أنه من جملة ما ينهى للقاضي الأول .

( قوله لأنها لو قطعت إلخ ) ما ذكره من تعين الحالية مبني على أن المراد بالقطع تعيين ذلك الشيء المدعى به قال بن وهذا غير لازم بل يصح جعل الواو للمبالغة على حالها لأن السماع تارة يحصل به العلم فيجوز للبينة الشاهدة بالسماع القطع وتارة لا يحصل به إلا الظن القوي فلا يجوز له القطع فأفاد المصنف أنه لا فرق بين الأمرين أي هذا إذا قطعت وجزمت بأنه ذهب له عبد مثلا لكون السماع حصل لها به علم بل وإن لم تقطع ولم تجزم بأنه ذهب له عبد لكون السماع إنما أفادها الظن وعلى كل حال لم تعين العبد على أنه يصح جعلها للمبالغة ولو كان المراد بالقطع تعيين المدعى به ويكون ما قبل المبالغة حيث كان المتنازع فيه بيد حائز أو بيد غيره ولم يحلف الطالب أو كان السماع غير فاش وذلك لأن شهادة السماع لا تفيد إلا إذا كان السماع فاشيا وكان المتنازع فيه بيد غير الحائز وحلف مقيمها فإن اختل شرط لم تفد فما قبل المبالغة يحمل على ما إذا اختل شرط من تلك الشروط الثلاثة ( قوله أخذه مدعيه ) أي من غير احتياج لذهاب به لبلد ( قوله إن كان بيد حائز ) الأولى إن كان بيد غير حائز بأن كان بيد الطالب أو بيد أمين وذلك لأن بينة السماع لا ينتزع بها من يد الحائز سواء حلف الطالب أم لا .

( قوله لا إن انتفيا ) هذا راجع لمسألتي الإيقاف والذهاب به لبلد فقول المصنف وطلب إيقافه يعني وأحرى الذهاب به لبلد وحينئذ فالضمير في انتفيا يرجع للعدل وما ذكر معه الشامل لاثنين يزكيان في الإيقاف وبينة السماع في الذهاب به لبلد ا هـ بن وحاصله أنه إذا ادعى بمعين كعبد أو دابة أو عقار وكانت دعواه مجردة ولم يقم شاهدا عدلا ولا شاهدين يحتاجان للتزكية ولا بينة سماع وطلب الحيلولة بين المدعى عليه والمدعى به إلى أن يأتي ببينة تشهد له أو طلب الانتقال به لبلد يشهد له به فيه على عينه فإنه لا يجاب لذلك ( قوله بكيومين ) الباء بمعنى على أي وإن كانت مسافة بينته على يومين أي هذا إذا كانت مسافة بينته على أكثر من يومين بل وإن كانت على يومين .

( قوله فيما لو كانت على كيوم ) أي وطلب المدعي إمهاله والحاصل أنه يوكل به من يحفظه إن طلب المدعي إمهال كيوم لكون بينته غائبة على كيوم وقرر شيخنا قوله ويوكل به في كيوم بما حاصله ويوكل القاضي من يحفظه في إمهال المدعي كيوم والموضوع أن بينته حاضرة فإذا ادعى أن بينته حاضرة وطلب الإمهال كيوم فإنه يجاب لذلك ويوكل القاضي من يحفظ ذلك الشيء المدعى به ( قوله والغلة الحاصلة من المدعى فيه ) أي في زمن الخصام ( قوله على الراجح ) راجع للمبالغ عليه ( قوله لأن الضمان منه ) أي ما لم يذهب به المدعي لبلد ليشهد له فيها على عينه وإلا كان الضمان منه كما تقدم عن بن [ ص: 192 ]

( قوله للمستحق ) أي أعم من أن يكون هو المدعي أو المدعى عليه ( قوله والنفقة على المقضي له به ) أي سواء كان له غلة أم لا وهذا هو المعتمد وقال الرجراجي أن ما يوقف إن كان له غلة فنفقته في غلته وإن لم يكن له غلة فقولان أحدهما أن نفقته على من يقضى له به فمن قضي له به رجع عليه الآخر بما أنفق وهو مذهب المدونة والثاني أن النفقة عليهما معا وهذا القول لابن القاسم في غير المدونة وهو أصح وأولى بالصواب ا هـ بن وقد علمت أن قول ابن القاسم في المدونة هو المعول عليه وإن كان الرجراجي صحح مقابله ( قوله من يومئذ ) أي من يوم الإيقاف ومنه زمان الذهاب لبلده ( قوله إذا أنفق عليه زمن الإيقاف ) أي والحال أنه قضي به للمدعي ( قوله وأما قبل زمنه ) أي زمن الإيقاف وهذا مفهوم قوله سابقا زمن الإيقاف وقوله كالغلة أي كما أن الغلة له اتفاقا لأنه ذو شبهة




الخدمات العلمية