الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وجر ) العتق أو الولاء أي سحب ( ولد ) العبد ( المعتق ) بفتح التاء ذكرا أو أنثى وولد ولده ذكرا أو أنثى [ ص: 418 ] وهكذا ( كأولاد المعتقة ) بالفتح وأولاد أولادها ذكورا وإناثا ( إن لم يكن لهم نسب من حر ) بأن كانوا من زنا أو غصب أو حصل فيهم لعان أو أصولهم أرقاء أو حربيين ومفهوم الشرط أنه إن كان لهم نسب من حر محقق الحرية ولو كافرا ذميا كانت الحرية أصلية أو عارضة بالعتق كان النسب بنكاح أو شبهة لم يجر عتقها ولاءهم فمن أعتق أمة فتزوجها حر فأولدها أو وطئها بشبهة فولدت منه لم ينجر الولاء عليهم له واستثنى مما قبل الكاف وبعدها قوله ( إلا ) المنسوب ( لرق ) كمن زوج عبده بأمة آخر ثم أعتقه وهي ظاهرة الحمل أو أتت به لدون ستة أشهر من عتقها فإن الأب لا يجر عتقه ولاء هذا الولد لسيده لأنه قد مسه الرق في بطن أمه لسيده فهو رقيق له وهذا ظاهر أيضا فيما لو كان الأب حرا أصالة ، ولو أعتقها سيدها وهي حامل لكان ولاء ولدها لسيدها ودخل في قوله ( أو عتق لآخر ) كهذه الصورة وضابط المسألة أن يعتق إنسان عبده ويعتق آخر أولاد العبد لكونه يملكهم ( و ) جر ( معتقهما ) بفتح التاء وضمير التثنية عائد على الأمة والعبد اللذين وقع العتق عليهما يعني أن من أعتق عبدا أو أمة ثم أعتق العبد أو الأمة عبدا أو أمة وهكذا فإن ولاء الأسفل ينجر لمن أعتق الأعلى ، وكذا أولاده وإن سفلوا إن لم يكن لهم نسب من حر .

التالي السابق


( قوله وجر العتق أو الولاء ) أشار الشارح إلى أن فاعل جر ضمير عائد على العتق أو الولاء ، فالمعنى على الأول جر العتق ولاء ولد المعتق ، والمعنى على الثاني وجر الولاء لعتيق ولاء ولد المعتق .

( قوله ولد المعتق ) أي ولو كان ذلك الولد حجرا بطريق الأصالة كمن أمه حرة وأبوه رقيق ثم عتق الأب فالولد حر بطريق الأصالة ; لأنه يتبع أمه في الرق والحرية ، وولاء ذلك الولد لمعتق أبيه .

( قوله ذكرا أو أنثى ) حال من ولد المعتق .

( قوله وولد ولده ) أي وجر العتق ولاء ولد ولد المعتق حالة كون ولد الولد ذكرا أو أنثى ، وقوله أي يجر العتق ولاء ولد ولده ذكرا أو أنثى وإن سفل الأولاد الذكور والإناث جدا إلا أن جر العتق لولاء أولاد المعتق بالفتح وأولادهم مقيد بما إذا لم يكن لهم نسب من حر فإن كان لهم نسب من حر فلا يجر عتق المعتق بالفتح الولاء عليهم ; لأنهم من أولاد قوم آخرين والحاصل أن الولاء ثابت للمعتق على من أعتقه وكذا على ولده [ ص: 418 ] ثم من كان من ولده أنثى فيوقف عندها ولا يتعداها الولاء لأولادها إن كان لهم نسب من حر ومن كان منهم ذكرا تعدى الولاء لأولاده ثم يقال من كان منهم أنثى وقف الولاء عندها ولا يتعداها الولاء لأولادها إن كان لهم نسب من حر وإلا تعدى ومن كان منهم ذكرا تعدى الولاء لأولاده وهكذا يقال فيهم وفيمن بعدهم .

( قوله كأولاد المعتقة ) أي كما يجر ولاء أولاد المعتقة الذين حدثوا لها بعد عتقها .

( قوله إن لم يكن لهم إلخ ) هذا الشرط راجع لما بعد الكاف ولما قبلها أيضا باعتبار أولاد بنت المعتق بالفتح لما علمت أن للمعتق الولاء عليهم إن لم يكن لهم نسب من حر فقول الشارح بأن كانوا أي أولاد المعتقة بالفتح وأولاد بناتها وكذا أولاد بنت المعتق بالفتح وأولاد بنات ابنه .

( قوله إن كان لهم نسب من حر ) أي بأن كان لهم أب شرعي حر . ( قوله فمن أعتق أمة إلخ ) أي وكذا من أعتق عبدا فولد له بنت من أمة أو حرة ثم زوج بنته بحر فأتت منه بأولاد فأولاد بنت ذلك العتيق ولاؤهم لأبيهم وعصبته لا لمعتق ذلك العتيق ; لأن لهم نسبا من حر .

( قوله فتزوجها حر ) أي أصالة أو عروضا بأن كان عتيقا .

( قوله لم ينجر الولاء عليهم له ) أي بل ولاؤهم لعصبة الأب إن كان الأب حرا أصالة أو لمعتق الأب وعصبته إن كان حرا عروضا فإن لم يكونوا فبيت المال .

( قوله إلا المنسوب لرق ) أي إلا الولد المنسوب لرق فلا يجر ولاء المعتق ولا ولاء المعتقة ولاءه . ( قوله كمن زوج إلخ ) هذا المثال ظاهر في رجوع قوله إلا لرق لما قبل الكاف وهو أولاد المعتق بالفتح وأما رجوعه لما بعدها وهو أولاد المعتقة فيتصور بما إذا أعتق جارية فحدث لها ولد بعد العتق من زنا أو غصب ثم تزوج ذلك الولد بأمة آخر وولدت منه فلسيد الأمة التي أعتقها الولاء عليها وعلى ولدها لا على ولد ولدها ; لأنه لسيد أمه .

( قوله ثم أعتقه وهي ظاهرة الحمل ) أي وأما هي فلم يعتقها سيدها .

( قوله أو أتت به لدون ستة أشهر من عتقها ) الأولى حذفه والاقتصار على ما قبله ; لأنه لا ينبغي أن يصور كلام المصنف إلا بما إذا لم يعتقها سيدها وأما إذا أعتقها سيدها كان من صور قوله الآتي أو عتق لآخر كما أشار لذلك الشارح بعد بقوله فلو أعتقها سيدها وهي حامل إلخ .

( قوله ; لأنه ) أي قبل العتق قد مسه الرق إلخ .

( قوله وهذا ) أي كون الولد رقا لسيد أمه ظاهر أيضا إذا كان الأب حرا أصالة فإذا تزوج الحر بأمة فولدت منه ولدا فهو رق لسيدها ولا بكون ولائه لأبيه ولا لعصبة أبيه .

( قوله أو عتق لآخر ) أي وإلا الولد الذي مسه عتق من شخص آخر غير المعتق لأبيه فلا يجر ولاء أبيه ولاءه .

( قوله كهذه الصورة ) الكاف بمعنى مثل فاعل دخل وهي ما إذا زوج عبده بأمة آخر ثم أعتقه والأمة حامل ثم أعتقها سيدها فولدت لأقل من ستة أشهر من حين عتقها فولاء ولدها لسيدها لا لمعتق أبيه ; لأن ذلك الولد قد مسه العتق من شخص آخر غير معتق أبيه وهو معتق أمه .

( قوله أن يعتق إنسان إلخ ) أي كما مثلنا وكما لو كان العبد متزوجا بأمة رجل غير سيده وأتى منها بأولاد ثم إن سيد العبد أعتقه وسيد الأمة أعتقهم فإن ولاء الأب لا يجر ولاء أولاده لمعتقه بل ولاء الأولاد لسيد أمهم .

( قوله لكونه يملكهم ) أي من حيث إنهم أولاد أمته .

( قوله وجر معتقهما ) أي وجر ولاء المعتق والمعتقة ولاء معتقهما .

( قوله وكذا أولاده ) أي أولاد الأسفل .

( قوله وإن سفلوا ) أي ينجر ولاؤهم لمن أعتق الأعلى .

( قوله إن لم يكن لهم نسب من حر ) أي فإن كان لأولاد الأسفل نسب من حر فلا ينجر ولاؤهم لمن أعتق الأعلى كما لو تزوجت بنت العتيق الأسفل بحر أصالة أو عروضا وأتت بأولاد فلهم نسب من حر فلا ينجر ولاؤهم لمن أعتق الأعلى بل ولاؤهم لعصبة الأب أو لمعتق الأب وعصبته فإن لم يكونوا فبيت المال




الخدمات العلمية