الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن ) ( أوصى ) لشخص ( بوصية بعد ) وصية ( أخرى ) ( فالوصيتان ) له إذا تساويا من نوع واحد بدليل ما بعده كعشرة محمدية ثم عشرة محمدية ( كنوعين ) أي كما إذا أوصى له بوصيتين ولو في آن واحد من نوعين كدينار وثوب ( ودراهم ) معدودة ( وسبائك ) من ذهب ( وذهب ) معلوم القدر ( وفضة ) كذلك فيعطى الوصيتين معا فقوله كنوعين تشبيه فيما قبله وقوله ودراهم إلخ تفسير نوعين ( وإلا ) يكونا من نوعين [ ص: 431 ] ولا متساويين بأن كانا من نوع واحد متفاوتين بالقلة والكثرة كعشرة ثم خمسة عشر من صنف واحد أو عكسه ( فأكثرهما ) له ( وإن تقدم ) الأكثر في الإيصاء ولا يكون المتأخر ناسخا وسواء كانتا بكتاب أو بكتابين أخرجهما أو لا ما لم يسترد الكتاب أو أحد الكتابين فما استرده بطل حكمه كما لو رجع بالقول ; لأن الرد قرينة الرجوع كما قدمه وإن أوصى له بعدد ثم بجزء كربع أو عكسه اعتبر الأكثر وإن تقدم ( وإن ) ( أوصى لعبده بثلثه ) أي الموصي أو بجزء من ماله كربعه أو سدسه ( عتق ) العبد الموصى له بما ذكر ( إن حمله الثلث ) أي ثلث المال الذي من جملته العبد فإذا ترك السيد مائتين والعبد يساوي مائة عتق العبد ولا ينظر لما بيده من المال بل يأخذه ويختص به دون الورثة ولو ترك ثلاثمائة والعبد يساوي مائة عتق لمحمل الثلث له ( وأخذ ) العبد ( باقيه ) أي الثلث فيأخذ من المائة ثلاثة وثلاثين وثلثا ( وإلا ) يحمله الثلث كما إذا لم يكن للسيد مال سوى العبد ولا مال للعبد عتق ثلثه فلو كان للعبد مال ( قوم في ماله ) أي جعل ماله من جملة مال السيد فلو كان العبد له مائتان وقيمته مائة عتق جميعه عند ابن القاسم ولا شيء له من ماله ; لأن عتق جميعه أهم من عتق بعضه وإبقاء ماله بيده ، وكذا لو ترك السيد مائة وقيمة العبد مائة وماله الذي بيده مائة كذا قرر واعترض بأن مقتضى نص ابن القاسم أنه لا يجعل ماله من جملة مال السيد بل يعتق منه ابتداء ما حمله مال السيد ثم يعتق باقيه من ماله هو وما بقي يكون للعبد لا للوراث ففي المثال الأول يعتق منه ابتداء ثلثه إذ لا مال للسيد إلا هو وهو بمائة ثم ثلثاه من المائتين ماله في نظير ستة وستين وثلثين ويأخذها منه الوارث وما بقي للعبد وفي المثال الثاني يعتق ابتداء ثلثاه النظر لمال السيد وهو مائتان ثم يعتق ثلثه الباقي من ماله وهو مائة في نظير ثلاثة وثلاثين وثلث يأخذها منه الوارث وما بقي للعبد .

التالي السابق


( قوله فالوصيتان له ) أي بتمامهما إن حملهما الثلث أو ما حمله منهما وسواء كانتا بكتاب أو بدونه .

( قوله من نوع واحد ) أي حالة كونهما من نوع واحد سواء اتحد صنفهما كما مثل الشارح أو اختلف كقمح وشعير وصيحاني وبرني .

( قوله من نوعين ) أي سواء عين كل من الوصيتين كعبدي فلان وداري الفلانية أو لم يعين كدينار سبائك .

( قوله تفسير لنوعين ) أي أن العطف للتفسير بناء على ما قاله من أن السبائك من ذهب لا من فضة [ ص: 431 ]

( قوله ولا متساويين ) أي ولا من نوعين متساويين .

( قوله أو عكسه ) أي بأن أوصى له أولا بخمسة عشر ثم أوصى له ثانيا بعشرة حالة كونها من صنف واحد .

( قوله ولا يكون ) أي الأقل المتأخر وقوله ناسخا أي للأكثر المتقدم وإنما لم تلزم الوصيتان احتياطا لجانب الموصي ولأن الأقل كالمشكوك فيه والذمة لا تلزم بمشكوك فيه ا هـ عبق .

( قوله وسواء كانتا بكتاب أو بكتابين ) أتى بهذا التعميم ردا على المخالف إذ قد روي عن مالك ومطرف إن تقدم الأكثر فله الوصيتان وإلا فله الأكثر فقط وحكى اللخمي عن مطرف إن كانا في كتابين فله الأكثر منهما تأخر أو تقدم ، وإن كانا في كتاب واحد وقدم الأكثر فهما له معا وإن تأخر الأكثر فهو له فقط وحكى ابن زرقون عن عبد الملك إذا كانا في كتابين فله الأكثر وإلا فهما له معا تقدم الأكثر أو تأخر ا هـ شيخنا العدوي .

( قوله أو عكسه ) بأن أوصى له أولا بجزء ثم أوصى له بعدد كامل .

( قوله وإن أوصى لعبده بثلثه ) أي بأن قال لعبده أوصيت لك بثلث مالي وقوله أو بجزء من ماله أي غير الثلث كأن يقول لعبده أوصيت لك بربع مالي أو سدسه .

( قوله إن حمله الثلث ) هذا إن أوصى له بالثلث كما مر عن المصنف فإن أوصى له بجزء غير الثلث كالربع فكذلك يعتق العبد من ذلك الجزء وباقيه له كماله فإن كان الجزء لا يحمله عتق من العبد محمل الجزء ويكمل باقيه من ماله وكذلك إذا أوصى له بعدد كمائة فإنه يعتق من ذلك العدد وباقيه له كماله فإن لم يحمله ذلك العدد عتق منه محمله وكمل من باقيه من ماله .

( قوله وإلا قوم في ماله ) أي وإلا قوم تقويما منظورا فيه لماله أي مال نفسه فليست في بمعنى مع وذلك بأن يقال ما قيمته على أن له من المال كذا وكذا بحيث يجعل ماله كصفة من صفاته ويجعل تلك القيمة مع ماله من جملة مال السيد والحاصل أن معنى المصنف على ما قيل إنه يقوم تقويما منظورا فيه لماله حال كون تلك القيمة معدودة مع ماله من جملة أموال السيد .

( قوله فلو كان للعبد مال ) أي ولا مال للسيد أصلا غير العبد أو له مال لا يحمل ثلثه العبد كله .

( قوله وقيمته مائة ) أي والحال أنه لا مال للسيد .

( قوله ولا شيء له من ماله ) بل المائتان الباقيتان للوارث .

( قوله وكذا لو ترك إلخ ) أي وكذا يعتق جميعه ولا شيء له من ماله لو ترك إلخ .

( قوله كذا قرر ) أي قرره جماعة من الشراح كعبق وغيره وقوله واعترض إلخ الاعتراض المذكور لطفى وبن .

( قوله بأن مقتضى نص ابن القاسم ) أي على ما نقله المواق وقوله أنه لا يجعل إلخ أي إذا كان له مال وكان ثلث السيد لا يحمله .

( قوله ثم يعتق باقيه من ماله ) أي وهذا هو المراد بتقويمه في ماله فالمراد بتقويمه في ماله جعل قيمته في ماله من جملة مال السيد كما قيل فظهر لك أنه يقوم بدون ماله سواء حمله الثلث أو لا وكونه يقوم بدون ماله لا ينافي أنه يقوم في ماله ; لأن تقويمه بدون ماله أن يقال ما قيمة هذا العبد على أنه لا مال له وتقويمه في ماله أن تجعل قيمته في ماله كما قلنا ولذا عبر المصنف بفي دون الباء ( قوله ففي المثال الأول ) أي وهو ما إذا كان العبد له مائتان وقيمته مائة ولا مال للسيد .

( قوله وهو مائة ) أي وهو قيمته مائة .

( قوله ثم ثلثاه ) أي ثم يعتق ثلثاه .

( قوله ويأخذها ) أي الستة والستين والثلثين .

( قوله وما بقي ) أي من مال العبد وهو مائة وثلاثة وثلاثون وثلث .

( قوله وفي المثال الثاني ) أي وهو ما إذا ترك السيد مائة وكانت قيمة العبد مائة وماله الذي بيده مائة .

( قوله وما بقي ) أي [ ص: 432 ] وهو ستة وستون وثلثان




الخدمات العلمية