ولما فرغ رحمه الله تعالى من عمل الفرائض ومن ذكر الوارثين وبيان استحقاقهم ومن يدخل عليهم بإقرار أو وصية شرع في ذكر موانع الميراث فقال ( ولا يرث ) ( ملاعن ) زوجته التي لاعنها إذا التعنت بعده بمجرد تمام التعانها فإن ماتت قبل التعانها ورثها ( و ) لا ترث ( ملاعنة ) زوجها الملتعن قبلها فإن ابتدأت هي ومات قبل التعانه ورثته ، وإن مات بعد التعانه الواقع بعد التعانها فعلى القول بإعادتها ترثه وعلى القول بعدم إعادتها لا ترثه فالحاصل أنه إذا لم يقع اللعان من الجانبين توارثا ، وإن حصل اللعان من كل على الوجه الشرعي لم يرث أحدهما الآخر فإن بدأت قبله ولاعن بعدها فعلى القول بعدم الاعتداد بلعانها ولا بد من إعادتها ومات أحدهما قبل إعادتها ورثه الآخر وعلى مقابله لا إرث ورجع ، وأما ولده الذي وقع فيه اللعان فلا توارث بينهما سواء التعنت أم لا ( وتوأماها ) أي الملاعنة من الحمل الذي لاعنت فيه ( شقيقان ) أي يتوارثان على أنهما شقيقان على المشهور كالمستأمنة والمسبية لا توأما زانية ومغتصبة فأخوان لأم على المشهور وذكر المانع الثاني وهو الرق بقوله ( ولا ) يرث ( رقيق ) قن أو بشائبة من قريبه ( ولسيد ) العبد ( المعتق بعضه جميع إرثه ) أي ماله بالملك لبعضه ، وإطلاق الإرث عليه مجاز فإن كان البعض الرق بين جماعة فلكل من ماله بقدر استحقاقه ( ولا يورث ) أي الرقيق أي لا يرثه قريبه الحر ; لأن مال العبد لسيده واستثنى من هذا الثاني قوله ( إلا المكاتب ) [ ص: 486 ] يموت ويترك ما فيه وفاء بكتابته مع زيادة عليه فإن تلك الزيادة تورث عنه يرثها من معه في الكتابة ممن يعتق عليه كما مر في بابه .
وذكر المانع الثالث وهو القتل بقوله ( ولا ) يرث ( قاتل ) لمورثه ولو معتقا لعتيقه أو صبيا أو مجنونا تسببا أو مباشرة ( عمدا عدوانا ، وإن أتى بشبهة ) تدرأ عنه القصاص كرمي الوالد ولده بحجر فمات منه فالضمير في أتى للقاتل لا بقيد العدوان إذ لا عدوان مع الشبهة وقد يقال جعله عدوانا من حيث التعمد ( كمخطئ ) لا يرث ( من الدية ) ويرث من المال وألحق بالخطأ ما لو قصد وارث قتل مورثه وكان لا يندفع إلا بالقتل فقتله المورث فإنه يرث من المال لا من الدية .
وأشار للمانع الرابع وهو المخالفة في الدين بقوله ( ولا ) يرث ( مخالف في دين كمسلم مع مرتد ) ( أو غيره ) من يهودي أو نصراني أو مجوسي ( وكيهودي مع نصراني ) فلا توارث بينهما إذ كل ملة مستقلة ( وسواهما ) كله ( ملة ) فيقع التوارث بين مجوسي وعابد وثن أو دهري أو نحو ذلك ( وحكم بين الكفار ) كتابيين أو غيرهم ( بحكم المسلم ) أي بحكم الإسلام في المسلم ( إن ) رضوا بأحكامنا ، و ( لم يأب بعض ) ، وإلا لم نتعرض لهم ( إلا أن ) ( يسلم بعض ) أي بعض ورثة من مات كافرا ويستمر الآخر على كفره ويأبى حكم الإسلام ( فكذلك ) أي يحكم بينهم بحكم المسلم من غير اعتبار الآبي لشرف المسلم هذا ( إن لم يكونوا كتابيين ، وإلا ) بأن كانوا كتابيين ، وأسلم بعضهم بعد موت مورثه ( فبحكمهم ) أي نحكم بينهم بحكم مواريثهم أي نقسم المال بينهم على حكم مواريثهم بأن نسأل القسيسين عمن يرث ومن لا يرث وعن القدر الذي يورث عندهم ونحكم بينهم بذلك إلا أن يرضوا جميعا بحكمنا [ ص: 487 ]
وأشار للمانع الخامس بقوله ( ولا ) يرث ( من جهل تأخر موته ) عن مورثه بأن ماتا تحت هدم مثلا أو بطاعون ونحوه بمكان ولم نعلم المتأخر منهما فيقدر أن كل واحد لم يخلف صاحبه ، وإنما خلف الأحياء من ورثته فلو مات رجل وزوجته وثلاثة بنين له منها تحت هدم وجهل موت السابق منهم وترك الأب زوجة أخرى وتركت الزوجة ابنا لها من غيره فللزوجة الربع وما بقي للعاصب ومال الزوجة لابنها الحي وسدس مال البنين لأخيهم لأمهم وباقيه للعاصب وسقط بمن يسقط به الأخ للأم . واعلم أن ضد المانع شرط فشروط الإرث خمسة وأسبابه ثلاثة نكاح أو قرابة أو عتق .


