الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قال أبو حنيفة - رضي الله عنه - : إلحاق الزيادة في الصداق جائز ، وهي ثابتة إن دخل بها أو مات عنها ، أما إذا طلقها قبل الدخول بطلت الزيادة ، وكان لها نصف المسمى في العقد ، وقال الشافعي - رحمة الله عليه - : الزيادة بمنزلة الهبة ، فإن أقبضها ملكته بالقبض ، وإن لم يقبضها بطلت . احتج أبو بكر الرازي لأبي حنيفة بهذه الآية فقوله : ( ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ) يتناول ما وقع التراضي به في طرفي الزيادة والنقصان ، فكان هذا بعمومه يدل على جواز إلحاق الزيادة بالصداق ، قال : بل هذه الآية بالزيادة أخص منها بالنقصان ؛ لأنه تعالى علقه بتراضيهما ، والبراءة والحط لا يحتاج إلى رضا الزوج ، والزيادة لا تصح إلا بقبوله ، فإذا علق ذلك بتراضيهما جميعا دل على أن المراد هو الزيادة .

                                                                                                                                                                                                                                            والجواب : لم لا يجوز أن تكون الزيادة عبارة عما ذكره الزجاج ؟ وهو أنه إذا طلقها قبل الدخول ، فإن شاءت المرأة أبرأته عن النصف ، وإن شاء الزوج سلم إليها كل المهر ، وبهذا التقدير يكون قد زادها عما وجب عليه تسليمه إليها ، وأيضا عندنا أنه لا جناح في تلك الزيادة إلا أنها تكون هبة ، والدليل القاطع على بطلان هذه الزيادة أن هذه الزيادة لو التحقت بالأصل لكان إما مع بقاء العقد الأول ، أو بعد زوال العقد ، والأول باطل ؛ لأن العقد لما انعقد على القدر الأول ، فلو انعقد مرة أخرى على القدر الثاني ، لكان ذلك تكوينا لذلك العقد بعد ثبوته ، وذلك يقتضي تحصيل الحاصل وهو محال . والثاني باطل لانعقاد الإجماع على أن عند إلحاق الزيادة لا يرتفع العقد الأول ، فثبت فساد ما قالوه ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم إنه تعالى لما ذكر في هذه الآية أنواعا كثيرة من التكاليف والتحريم والإحلال ، بين أنه عليم بجميع المعلومات لا يخفى عليه منها خافية أصلا ، وحكيم لا يشرع الأحكام إلا على وفق الحكمة ، وذلك يوجب التسليم لأوامره والانقياد لأحكامه ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية