المسألة الرابعة : قال  أبو حنيفة    - رحمة الله عليه - خيار المجلس غير ثابت في عقود المعاوضات المحضة ، وقال  الشافعي    - رحمة الله عليه - : ثابت . 
احتج  أبو حنيفة  بالنصوص : 
أولها : هذه الآية ، فإن قوله : ( إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم    ) ظاهره يقتضي الحل عند حصول التراضي ، سواء حصل التفرق أو لم يحصل . 
وثانيها : قوله : ( أوفوا بالعقود    ) [ المائدة : 1 ] فألزم كل عاقد الوفاء بما عقد عن نفسه . 
وثالثها : قوله - عليه الصلاة والسلام - : " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه   " وقد حصلت الطيبة ههنا بعقد البيع ، فوجب أن يحصل الحل . 
ورابعها : قوله - عليه الصلاة والسلام - : " من ابتاع طعاما لا يبعه حتى يقبضه    " جوز بيعه بعد القبض . 
وخامسها : ما روي أنه - عليه السلام - نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصيعان  ، وأباح بيعه إذا جرى فيه الصيعان ، ولم يشترط فيه الافتراق   . 
وسادسها : قوله - عليه الصلاة والسلام - : " لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه   " . واتفقوا على أنه كما اشترى حصل العتق ، وذلك يدل على أنه يحصل الملك بمجرد العقد . 
واعلم أن  الشافعي  يسلم عموم هذه النصوص ، لكنه يقول : أنتم أثبتم خيار الرؤية في شراء ما لم يره المشتري بحديث اتفق المحدثون على ضعفه ، فنحن أيضا نثبت خيار المجلس  بحديث اتفق علماء الحديث على قبوله ، وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : " المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا   " . وتأويلات أصحاب  أبي حنيفة  لهذا الخبر وأجوبتها مذكورة في الخلافيات ، والله أعلم . 
				
						
						
