المسألة الثالثة : في كيفية التحريف وجوه    : 
أحدها : أنهم كانوا يبدلون اللفظ بلفظ آخر مثل تحريفهم اسم " ربعة " عن موضعه في التوراة بوضعهم " آدم  طويل " مكانه ، ونحو تحريفهم " الرجم " بوضعهم " الحد " بدله ، ونظيره قوله تعالى : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله    ) [ البقرة : 79 ] . 
فإن قيل : كيف يمكن هذا في الكتاب الذي بلغت آحاد حروفه وكلماته مبلغ التواتر المشهور في الشرق والغرب ؟ 
قلنا لعله يقال : القوم كانوا قليلين ، والعلماء بالكتاب كانوا في غاية القلة ، فقدروا على هذا التحريف . 
والثاني : أن المراد بالتحريف : إلقاء الشبه الباطلة ، والتأويلات الفاسدة ، وصرف اللفظ عن معناه الحق إلى معنى باطل بوجوه الحيل اللفظية ، كما يفعله أهل البدعة في زماننا هذا بالآيات المخالفة لمذاهبهم ، وهذا هو الأصح . 
الثالث : أنهم كانوا يدخلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويسألونه عن أمر فيخبرهم ليأخذوا به ، فإذا خرجوا من عنده حرفوا كلامه . 
المسألة الرابعة : ذكر الله تعالى ههنا : ( عن مواضعه    ) وفي المائدة ( من بعد مواضعه    ) [ المائدة : 41 ] والفرق أنا إذا فسرنا التحريف بالتأويلات الباطلة ، فههنا قوله : ( يحرفون الكلم عن مواضعه    ) معناه : أنهم يذكرون التأويلات الفاسدة لتلك النصوص ، وليس فيه بيان أنهم يخرجون تلك اللفظة من الكتاب . 
وأما الآية المذكورة في سورة المائدة ، فهي دالة على أنهم جمعوا بين الأمرين ، فكانوا يذكرون التأويلات الفاسدة ، وكانوا يخرجون اللفظ أيضا من الكتاب ، فقوله : ( يحرفون الكلم    ) إشارة إلى التأويل الباطل ، وقوله : ( من بعد مواضعه    ) إشارة إلى إخراجه عن الكتاب . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					