المسألة الخامسة : الآية تدل على أن الحسن  والحسين  من ذرية رسول - الله - صلى الله عليه وسلم    - ؛ لأن الله تعالى جعل عيسى  من ذرية إبراهيم  مع أنه لا ينتسب إلى إبراهيم  إلا بالأم ، فكذلك الحسن  والحسين  من ذرية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإن انتسبا إلى رسول الله بالأم وجب كونهما من ذريته ، ويقال : إن  أبا جعفر الباقر  استدل بهذه الآية عند  الحجاج بن يوسف    . 
المسألة السادسة : قوله تعالى : ( ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم    ) يفيد أحكاما كثيرة : 
الأول : أنه تعالى ذكر الآباء والذريات والإخوان ، فالآباء هم الأصول ، والذريات هم الفروع ، والإخوان فروع الأصول ، وذلك يدل على أنه تعالى خص كل من تعلق بهؤلاء الأنبياء بنوع من الشرف والكرامة . 
والثاني : أنه تعالى قال : ( ومن آبائهم    ) وكلمة "من" للتبعيض . 
فإن قلنا : المراد من تلك الهداية الهداية إلى الثواب والجنة والهداية إلى الإيمان والمعرفة ، فهذه الكلمة تدل على أنه قد كان في آباء هؤلاء الأنبياء من كان غير مؤمن ولا واصل إلى الجنة . 
أما لو قلنا : المراد بهذه الهداية النبوة لم يفد ذلك . 
الثالث : أنا إذا فسرنا هذه الهداية بالنبوة كان قوله : ( وذرياتهم وإخوانهم    ) كالدلالة على أن شرط كون الإنسان رسولا من عند الله أن يكون رجلا  ، وأن المرأة لا يجوز أن تكون رسولا من عند الله تعالى ، وقوله تعالى بعد ذلك : ( واجتبيناهم    ) يفيد النبوة ؛ لأن الاجتباء إذا ذكر في حق الأنبياء - عليهم السلام - لا يليق به إلا الحمل على النبوة والرسالة . 
ثم قال تعالى : ( ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده    ) واعلم أنه يجب أن يكون المراد من هذا الهدى هو معرفة التوحيد وتنزيه الله تعالى عن الشرك ؛ لأنه قال بعده : ( ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون    ) وذلك يدل على أن المراد من ذلك الهدى ما يكون جاريا مجرى الأمر المضاد للشرك . 
وإذا ثبت أن المراد بهذا الهدى معرفة الله بوحدانيته . ثم إنه تعالى صرح بأن ذلك الهدى من الله تعالى ، ثبت أن الإيمان لا يحصل إلا بخلق الله تعالى ، ثم إنه تعالى ختم هذه الآية بنفي الشرك فقال : ( ولو أشركوا    ) والمعنى أن هؤلاء الأنبياء لو أشركوا لحبط عنهم طاعاتهم وعباداتهم    . والمقصود منه تقرير التوحيد وإبطال طريقة الشرك . وأما الكلام في حقيقة الإحباط فقد ذكرناه على سبيل الاستقصاء في سورة البقرة فلا حاجة إلى الإعادة . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					