الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( وجعل الليل سكنا ) فاعلم أنه تعالى ذكر في هذه الآية ثلاثة أنواع من الدلائل الفلكية [ ص: 81 ] على التوحيد :

                                                                                                                                                                                                                                            فأولها : ظهور الصباح ، وقد فسرناه بمقدار الفهم .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : قوله : ( وجعل الليل سكنا ) وفيه مباحث :

                                                                                                                                                                                                                                            المبحث الأول : قال صاحب " الكشاف " : السكن ما يسكن إليه الرجل ويطمئن إليه استئناسا به واسترواحا إليه من زوج أو حبيب ، ومنه قيل للنار سكن ؛ لأنه يستأنس بها ، ألا تراهم سموها المؤنسة . ثم إن الليل يطمئن إليه الإنسان ؛ لأنه أتعب نفسه بالنهار ، واحتاج إلى زمان يستريح فيه وذلك هو الليل .

                                                                                                                                                                                                                                            فإن قيل : أليس أن الخلق يبقون في الجنة في أهنأ عيش ، وألذ زمان مع أنه ليس هناك ليل ؟ فعلمنا أن وجود الليل والنهار ليس من ضروريات اللذة والخير في الحياة ؟ قلنا : كلامنا في أن الليل والنهار من ضروريات مصالح هذا العالم ، أما في الدار الآخرة فهذه العادات غير باقية فيه ، فظهر الفرق .

                                                                                                                                                                                                                                            المبحث الثاني : قرأ عاصم والكسائي : ( وجعل الليل ) على صيغة الفعل ، والباقون " جاعل " على صيغة اسم الفاعل ، حجة من قرأ باسم الفاعل أن المذكور قبله اسم الفاعل ، وهو قوله : ( فالق الحب ) ، ( فالق الإصباح ) وجاعل أيضا اسم الفاعل . ويجب كون المعطوف مشاركا للمعطوف عليه ، وحجة من قرأ بصيغة الفعل أن قوله : ( والشمس والقمر ) منصوبان ، ولا بد لهذا النصب من عامل ، وما ذاك إلا أن يقدر قوله : ( وجعل ) بمعنى وجاعل الشمس والقمر حسبانا ، وذلك يفيد المطلوب .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية