الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : في تفسير " الإصباح " وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : قال الليث : الصبح والصباح هما أول النهار ، وهو الإصباح أيضا . قال تعالى : ( فالق الإصباح ) يعني الصبح . قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                            أفنى رياحا وبني رياح تناسخ الإمساء والإصباح



                                                                                                                                                                                                                                            والقول الثاني : أن " الإصباح " مصدر سمي به الصبح .

                                                                                                                                                                                                                                            فإن قيل : ظاهر الآية يدل على أنه تعالى فلق الصبح وليس الأمر كذلك ، فإن الحق أنه تعالى فلق الظلمة بالصبح ، فكيف الوجه فيه ؟ فنقول : فيه وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أن يكون المراد فالق ظلمة الإصباح ، وذلك لأن الأفق من الجانب الشمالي والغربي والجنوبي مملوء من الظلمة والنور . وإنما ظهر في الجانب الشرقي فكأن الأفق كان بحرا مملوءا من الظلمة . ثم إنه تعالى شق ذلك البحر المظلم بأن أجرى جدولا من النور فيه ، والحاصل أن المراد فالق ظلمة الإصباح بنور الإصباح ، ولما كان المراد معلوما حسن الحذف .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : أنه تعالى كما يشق بحر الظلمة عن نور الصبح ، فكذلك يشق نور الصبح عن بياض النهار فقوله : ( فالق الإصباح ) أي فالق الإصباح ببياض النهار .

                                                                                                                                                                                                                                            والثالث : أن ظهور النور في الصباح إنما كان لأجل أن الله تعالى فلق تلك الظلمة فقوله : ( فالق الإصباح ) أي مظهر الإصباح ، إلا أنه لما كان المقتضي لذلك الإظهار هو ذلك الفلق ، لا جرم ذكر اسم السبب والمراد منه المسبب .

                                                                                                                                                                                                                                            الرابع : قال بعضهم : الفالق هو الخالق ، فكان المعنى خالق الإصباح ، وعلى هذا التقدير فالسؤال زائل ؛ والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية