( وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون    ) 
قوله تعالى : ( وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون    ) 
اعلم أنه تعالى لما بين أنه فصل المحرمات أتبعه بما يوجب تركها بالكلية بقوله : ( وذروا ظاهر الإثم وباطنه    ) والمراد من الإثم ما يوجب الإثم ، وذكروا في ظاهر الإثم وباطنه وجهين : 
الأول : أن ( ظاهر الإثم    ) الإعلان بالزنا ( وباطنه ) الاستسرار به . قال الضحاك    : كان أهل الجاهلية يرون الزنا حلالا ما كان سرا  ، فحرم الله تعالى بهذه الآية السر منه والعلانية . 
الثاني : أن هذا النهي عام في جميع المحرمات وهو الأصح ؛ لأن تخصيص اللفظ العام بصورة معينة من غير دليل غير جائز ، ثم قيل : المراد ما أعلنتم وما أسررتم ، وقيل : ما عملتم وما نويتم . وقال  ابن الأنباري    : يريد وذروا الإثم من جميع جهاته كما تقول : ما أخذت من هذا المال قليلا ولا كثيرا ، تريد ما أخذت منه بوجه من الوجوه ، وقال آخرون : معنى الآية النهي عن الإثم  مع بيان أنه لا يخرج من كونه إثما بسبب إخفائه وكتمانه ، ويمكن أن يقال : المراد من قوله : ( وذروا ظاهر الإثم    ) النهي عن الإقدام على الإثم ، ثم قال : ( وباطنه ) ليظهر بذلك أن الداعي له إلى ترك ذلك الإثم خوف الله لا خوف الناس . وقال آخرون : ( ظاهر الإثم    ) أفعال الجوارح ( وباطنه ) أفعال القلوب من الكبر والحسد والعجب وإرادة السوء للمسلمين ، ويدخل فيه الاعتقاد والعزم والنظر والظن والتمني واللوم على الخيرات ، وبهذا يظهر فساد قول من يقول : إن ما يوجد في القلب لا يؤاخذ به إذا لم يقترن به عمل فإنه تعالى نهى عن كل هذه الأقسام بهذه الآية . 
ثم قال تعالى : ( إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون     ) ومعنى الاقتراف قد تقدم ذكره . وظاهر النص يدل على أنه لا بد وأن يعاقب المذنب ، إلا أن المسلمين أجمعوا على أنه إذا تاب لم يعاقب ، وأصحابنا زادوا شرطا ثانيا ، وهو أنه تعالى قد يعفو عن المذنب فيترك عقابه كما قال الله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء    ) [ النساء : 48 ] . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					