وأما قوله تعالى : ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم    ) فالمعنى أنه لما بين في هذه الأربعة أنها محرمة ، بين أن عند الاضطرار يزول ذلك التحريم ، وهذه الآية قد استقصينا تفسيرها في سورة البقرة . وقوله عقيب ذلك : ( فإن ربك غفور رحيم    ) يدل على حصول الرخصة  ، ثم بين تعالى أنه حرم على اليهود  أشياء أخرى سوى هذه الأربعة ، وهي نوعان : الأول : أنه تعالى حرم عليهم كل ذي ظفر، وفيه مباحث : 
البحث الأول : قال الواحدي    : في الظفر لغات ظفر بضم الفاء ، وهو أعلاها وظفر بسكون الفاء ، وظفر بكسر الظاء وسكون الفاء ، وهي قراءةالحسن  وظفر بكسرهما وهي قراءة أبي السمال    . 
البحث الثاني : قال الواحدي    : اختلفوا في كل ذي ظفر الذي حرمه الله تعالى على اليهود  روي عن  ابن عباس    : أنه الإبل فقط . وفي رواية أخرى عن  ابن عباس    : أنه الإبل والنعامة ، وهو قول  مجاهد    . وقال   [ ص: 183 ] عبد الله بن مسلم    : إنه كل ذي مخلب من الطير وكل ذي حافر من الدواب    . ثم قال : " كذلك " قال المفسرون . وقال : وسمي الحافر ظفرا على الاستعارة . وأقول : أما حمل الظفر على الحافر فبعيد من وجهين : 
الأول : أن الحافر لا يكاد يسمى ظفرا . 
والثاني : أنه لو كان الأمر كذلك لوجب أن يقال : إنه تعالى حرم عليهم كل حيوان له حافر ، وذلك باطل لأن الآية تدل على أن الغنم والبقر مباحان لهم من حصول الحافر لهما . 
وإذا ثبت هذا فنقول : وجب حمل الظفر على المخالب والبراثن لأن المخالب آلات الجوارح في الاصطياد ، والبراثن آلات السباع في الاصطياد ، وعلى هذا التقدير : يدخل فيه أنواع السباع والكلاب والسنانير ، ويدخل فيه الطيور التي تصطاد لأن هذه الصفة تعم هذه الأجناس. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					