( ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون  أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون    ) 
قوله تعالى : ( ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون  أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون    ) 
اعلم أنه تعالى لما بين بقوله : ( وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا    ) أتبعه أيضا بأن أصحاب الأعراف  ينادون رجالا من أهل النار ، واستغنى عن ذكر أهل النار لأجل أن الكلام المذكور لا يليق إلا بهم ، وهو قولهم : ( ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون    ) وذلك لا يليق إلا بمن يبكت ويوبخ ، ولا يليق أيضا إلا بأكابرهم ، والمراد بالجمع ، إما جمع المال ، وإما الاجتماع والكثرة ( وما كنتم تستكبرون    ) والمراد : استكبارهم عن قبول الحق ، واستكبارهم على الناس المحقين . وقرئ ( تستكثرون ) من الكثرة ، وهذا كالدلالة على شماتة أصحاب الأعراف بوقوع أولئك المخاطبين في العقاب ، وعلى تبكيت عظيم يحصل لأولئك المخاطبين بسبب هذا الكلام ، ثم زادوا على هذا التبكيت ، وهو قولهم : ( أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة    ) فأشاروا إلى فريق من أهل الجنة ، كانوا يستضعفونهم ويستقلون أحوالهم ، وربما هزؤوا بهم ، وأنفوا من مشاركتهم في دينهم ، فإذا رأى من كان يدعي التقدم حصول المنزلة العالية ، لمن كان مستضعفا عنده قلق لذلك ، وعظمت حسرته وندامته على ما كان منه في نفسه . 
وأما قوله تعالى : ( ادخلوا الجنة    ) فقد اختلفوا فيه ، فقيل : هم أصحاب الأعراف ، والله تعالى يقول لهم ذلك, أو بعض الملائكة الذين يأمرهم الله تعالى بهذا القول . وقيل : بل يقول بعضهم لبعض . والمراد أنه   [ ص: 76 ] تعالى يحث أصحاب الأعراف بالدخول في الجنة ، واللحوق بالمنزلة التي أعدها الله تعالى لهم ، وعلى هذا التقدير فقوله : ( أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة    ) من كلام أصحاب الأعراف . وقوله : ( ادخلوا الجنة    ) من كلام الله تعالى ، ولا بد ههنا من إضمار ، والتقدير : فقال الله لهم هذا كما قال : ( يريد أن يخرجكم من أرضكم    ) [الأعراف : 110] وانقطع ههنا كلام الملأ . ثم قال فرعون : ( فماذا تأمرون    ) فاتصل كلامه بكلامهم من غير إظهار فارق ، فكذا ههنا . 
				
						
						
