الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الحادية والأربعون :

                                                                                                                                                                                                                                            في الحكمة في وضع الألفاظ للمعاني : وهي أن الإنسان خلق بحيث لا يستقل بتحصيل جميع مهماته فاحتاج إلى أن يعرف غيره ما في ضميره ليمكنه التوسل به إلى الاستعانة بالغير ، ولا بد لذلك التعريف من طريق ، والطرق كثيرة مثل الكتابة ، والإشارة ، والتصفيق باليد ، والحركة بسائر الأعضاء ، إلا أن أسهلها وأحسنها هو تعريف ما في القلوب والضمائر بهذه الألفاظ ، ويدل عليه وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أن النفس عند الإخراج سبب لحدوث الصوت ، والأصوات عند تقطيعاتها أسباب لحدوث الحروف المختلفة ، وهذه المعاني تحصل من غير كلفة ومعونة بخلاف الكتابة والإشارة وغيرهما .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : أن هذه الأصوات كما توجد تفنى عقيبه في الحال ، فعند الاحتياج إليه تحصل وعند زوال الحاجة تفنى وتنقضي .

                                                                                                                                                                                                                                            والثالث : أن الأصوات بحسب التقطيعات الكثيرة في مخارج الحروف تتولد منها الحروف الكثيرة ، وتلك الحروف الكثيرة بحسب تركيباتها الكثيرة يتولد منها كلمات تكاد أن تصير غير متناهية ، فإذا جعلنا لكل واحد من المعاني واحدا من تلك الكلمات توزعت الألفاظ على المعاني من غير التباس واشتباه ، ومثل هذا لا يوجد في الإشارة والتصفيق ، فلهذه الأسباب الثلاثة قضت العقول السليمة بأن أحسن التعريفات لما في القلوب هو الألفاظ .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية