[ ص: 31 ] الفصل الثاني : في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رب اشرح لي صدري ) اعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=19734الدعاء سبب القرب من الله تعالى ، وإنما اشتغل
موسى بهذا الدعاء طلبا للقرب ، فتفتقر إلى بيان أمرين إلى بيان أن الدعاء سبب القرب ، ثم إلى بيان أن
موسى عليه السلام طلب القرب بهذا الدعاء ، أما بيان أن الدعاء سبب القرب فيدل عليه وجوه :
الأول : أن
nindex.php?page=treesubj&link=28914الله تعالى ذكر السؤال والجواب في كتابه في عدة مواضع ، منها أصولية ، ومنها فروعية ، أما الأصولية فأولها في البقرة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=189يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) [ البقرة : 189 ] .
وثانيها : في
بني إسرائيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ) [ الإسراء : 185 ] .
وثالثها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=105ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا ) [ طه : 105 ] .
ورابعها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=42يسألونك عن الساعة أيان مرساها ) [ النازعات : 42 ] وأما الفروعية فستة منها في البقرة على التوالي :
أحدها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=215يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين ) [ البقرة : 215 ] .
وثانيها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير ) [ البقرة : 217 ] .
وثالثها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ) [ البقرة : 219 ] .
ورابعها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو ) [ البقرة : 219 ] .
وخامسها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير ) [ البقرة : 220 ] .
وسادسها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ويسألونك عن المحيض قل هو أذى ) [ البقرة : 222 ] .
وسابعها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول ) [ الأنفال : 1 ] .
وثامنها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=83ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا ) [ الكهف : 83 ] .
وتاسعها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=53ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق ) [ يونس : 53 ] .
وعاشرها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ) [ النساء : 176 ] .
والحادية عشر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ) [ البقرة : 186 ] .
إذا عرفت هذا فنقول : جاءت هذه الأسئلة والأجوبة على صور مختلفة ، فالأغلب فيها أنه سبحانه وتعالى لما ذكر السؤال قال
لمحمد صلى الله عليه وسلم : " قل " ، وفي صورة أخرى جاء الجواب بصيغة : " فقل " مع فاء التعقيب ، وفي صورة ثالثة ذكر السؤال ولم يذكر الجواب ، وهو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=42يسألونك عن الساعة أيان مرساها ) [ النازعات : 42 ] ، وفي صورة رابعة ذكر الجواب ولم يذكر فيه لفظ " قل " ولا لفظ " فقل " وهو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ) [ البقرة : 186 ] ولا بد لهذه الأشياء من الفائدة فنقول : أما الأجوبة الواردة بلفظ " قل " فلا إشكال فيها لأن قوله تعالى : " قل " كالتوقيع المحدد في ثبوت نبوة
محمد صلى الله عليه وسلم وكالتشريف المحدد في كونه مخاطبا من الله تعالى بأداء الوحي والتبليغ .
وأما الصورة الثانية وهي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=105فقل ينسفها ربي نسفا ) [ طه : 105 ] فالسبب أن قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=105ويسألونك عن الجبال ) [ طه : 105 ] سؤال إما عن قدمها أو عن وجوب بقائها ، وهذه المسألة من أمهات مسائل أصول الدين فلا جرم أمر الله تعالى
محمدا صلى الله عليه وسلم أن يجيب بلفظ الفاء المفيد للتعقيب كأنه سبحانه قال : يا
محمد أجب عن هذا السؤال في الحال ولا تقتصر ; فإن الشك فيه كفر ولا تمهل هذا الأمر لئلا يقعوا في الشك والشبهة ، ثم كيفية الجواب أنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=105فقل ينسفها ربي نسفا ) ، ولا شك أن النسف ممكن لأنه ممكن في حق كل جزء من أجزاء الجبل ، والحس يدل عليه فوجب أن يكون ممكنا في حق كل الجبل وذلك يدل على أنه ليس بقديم ولا واجب الوجود ; لأن القديم لا يجوز عليه التغير والنسف .
فإن قيل : إنهم قالوا : أخبرنا عن إلهك أهو ذهب أو فضة أو حديد فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قل هو الله أحد ) [ الإخلاص : 1 ] ولم يقل : " فقل هو الله أحد " مع أن هذه المسألة من المهمات ، قلنا : إنه تعالى لم يحك في هذا الموضع سؤالهم ، وحرف الفاء من الحروف العاطفة فيستدعي سبق كلام ، فلما لم يوجد ترك الفاء بخلاف ههنا فإنه
[ ص: 32 ] تعالى حكى سؤالهم فحسن عطف الجواب عليه بحرف الفاء .
وأما الصورة الثالثة : فإنه تعالى لم يذكر الجواب في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=42يسألونك عن الساعة أيان مرساها ) [ النازعات : 42 ] فالحكمة فيه أن معرفة وقت الساعة على التعيين مشتملة على المفاسد التي شرحناها فيما سبق ، فلهذا لم يذكر الله تعالى ذلك الجواب ، وذلك يدل على أن من الأسئلة ما لا يجاب عنها .
وأما الصورة الرابعة : وهي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186فإني قريب ) ولم يذكر في جوابه " قل " ففيه وجوه :
أحدها : أن ذلك يدل على
nindex.php?page=treesubj&link=19734_19738تعظيم حال الدعاء وأنه من أعظم العبادات فكأنه سبحانه قال : يا عبدي أنت إنما تحتاج إلى الواسطة في غير الدعاء ، أما في مقام الدعاء فلا واسطة بيني وبينك يدل عليه أن كل قصة وقعت لم تكن معرفتها من المهمات . قال لرسوله صلى الله عليه وسلم : اذكر لهم تلك القصة كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق ) [ المائدة : 27 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=175واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) [ الأعراف : 175 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=51واذكر في الكتاب موسى ) [ مريم : 51 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=54واذكر في الكتاب إسماعيل ) [ مريم : 54 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=56واذكر في الكتاب إدريس ) [ مريم : 56 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=51ونبئهم عن ضيف إبراهيم ) [ الحجر : 51 ] ، ثم قال في قصة
يوسف : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=3نحن نقص عليك أحسن القصص ) [ يوسف : 3 ] وفي أصحاب الكهف : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=13نحن نقص عليك نبأهم بالحق ) [ الكهف : 13 ] . وما ذاك إلا لما في هاتين القصتين من العجائب والغرائب .
والحاصل كأنه سبحانه وتعالى قال : يا
محمد إذا سئلت عن غيري فكن أنت المجيب ، وإذا سئلت عني فاسكت أنت حتى أكون أنا القائل .
وثانيها : أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وإذا سألك عبادي عني ) [ البقرة : 186 ] يدل على أن العبد له [ أن يسأل ] ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186فإني قريب ) [ البقرة : 186 ] يدل على أن الرب قريب من العبد .
وثالثها : لم يقل : فالعبد مني قريب ، بل قال : أنا منه قريب ، وهذا فيه سر نفيس ، فإن العبد ممكن الوجود فهو من حيث هو ، هو في مركز العدم وحضيض الفناء ، فكيف يكون قريبا ، بل القريب هو الحق سبحانه وتعالى ، فإنه بفضله وإحسانه جعله موجودا وقربه من نفسه ، فالقرب منه لا من العبد فلهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186فإني قريب ) [ البقرة : 186 ] .
ورابعها : أن الداعي ما دام يبقى خاطره مشغولا بغير الله تعالى فإنه لا يكون داعيا لله تعالى ، فإذا فني عن الكل وصار مستغرقا بمعرفة الله الأحد الحق امتنع أن يبقى في مقام الفناء عن غير الله مع الالتفات إلى غير الله تعالى فلا جرم رفعت الواسطة من البين فما قال : فقل إني قريب ، بل قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186فإني قريب ) [ البقرة : 186 ] فثبت بما تقرر فضل الدعاء وأنه من أعظم القربات ثم من شأن العبد إذا أراد أن يتحف مولاه أن لا يتحفه إلا بأحسن التحف والهدايا فلا جرم أول ما أراد موسى أن يتحف الحضرة الإلهية بتحف الطاعات والعبادات أتحفها بالدعاء فلا جرم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رب اشرح لي صدري ) .
والوجه الثاني : في بيان
nindex.php?page=treesubj&link=19734فضل الدعاء : قوله عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011777الدعاء مخ العبادة " ثم إن أول شيء أمر الله تعالى به
موسى عليه السلام ( العبادة ) لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14إنني أنا الله ) إخبار وليس بأمر إنما الأمر قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14فاعبدني ) فلما كان أول ما أورد على
موسى من الأوامر هو الأمر بالعبادة لا جرم أول ما أتحف به
موسى عليه السلام حضرة الربوبية من تحف العبادة هو تحفة الدعاء فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رب اشرح لي صدري ) .
والوجه الثالث : وهو أن
nindex.php?page=treesubj&link=19733_29495_19738الدعاء نوع من أنواع العبادة فكما أنه سبحانه وتعالى أمر بالصلاة والصوم فكذلك أمر بالدعاء ويدل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب ) [ البقرة : 186 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=60وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) [ غافر : 60 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=56وادعوه خوفا وطمعا ) [ الأعراف : 56 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=55ادعوا ربكم تضرعا وخفية )
[ ص: 33 ] [ الأعراف : 55 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=65هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين ) [ غافر : 65 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=110قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ) [ الإسراء : 110 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ) [ الأعراف : 205 ] . وقال صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013205ادعوا بياذا الجلال والإكرام " فبهذه الآيات عرفنا أن الدعاء عبادة ، قال بعض الجهال : الدعاء على خلاف العقل من وجوه :
أحدها : أنه علام الغيوب يعلم ما في الأنفس وما تخفي الصدور ، فأي حاجة بنا إلى الدعاء .
وثانيها : أن المطلوب إن كان معلوم الوقوع فلا حاجة إلى الدعاء وإن كان معلوم الوقوع فلا فائدة فيه .
وثالثها : الدعاء يشبه الأمر والنهي وذلك من العبد في حق المولى سوء أدب .
ورابعها : المطلوب بالدعاء إن كان من المصالح فالحكيم لا يهمله وإن لم يكن من المصالح لم يجز طلبه .
وخامسها : فقد جاء أن أعظم مقامات الصديقين الرضا بقضاء الله تعالى . وقد ندب إليه ، والدعاء ينافي ذلك لأنه اشتغال بالالتماس والطلب .
وسادسها : قال عليه السلام رواية عن الله تعالى : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011775من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين " فدل على أن الأولى
nindex.php?page=treesubj&link=19735ترك الدعاء ، والآيات التي ذكرتموها تقتضي وجوب الدعاء .
وسابعها : أن
إبراهيم عليه السلام لما ترك الدعاء واكتفى بقوله : " حسبي من سؤالي علمه بحالي " استحق المدح العظيم فدل على أن الأولى ترك الدعاء . والجواب عن الأول أنه ليس الغرض من الدعاء الإعلام بل هو نوع تضرع كسائر التضرعات .
وعن الثاني : أنه يجري مجرى أن نقول للجائع والعطشان إن كان الشبع معلوم الوقوع فلا حاجة إلى الأكل والشرب وإن كان معلوم الوقوع فلا فائدة فيه .
وعن الثالث : أن الصيغة وإن كانت صيغة الأمر إلا أن صورة التضرع والخشوع تصرفه عن ذلك .
وعن الرابع : يجوز أن يصير مصلحة بشرط سبق الدعاء .
وعن الخامس : أنه إذا دعا إظهارا للتضرع ثم رضي بما قدره الله تعالى فذاك أعظم المقامات وهو الجواب عن البقية إذا ثبت أنه من العبادات ، ثم إنه تعالى أمره بالعبادة وبالصلاة أمرا ورد مجملا لا جرم شرع في أجل العبادات وهو الدعاء .
الوجه الرابع : في فضل الدعاء أنه سبحانه لم يقتصر في بيان فضل الدعاء على الأمر به بل بين في آية أخرى أنه يغضب إذا لم يسأل فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=43فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون ) [ الأنعام : 43 ] ، وقال عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013206nindex.php?page=treesubj&link=32043_19775لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت " ولكن يجزم فيقول : اللهم اغفر لي فلهذا السر جزم
موسى عليه السلام بالدعاء وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رب اشرح لي صدري ) .
الوجه الخامس : في فضل الدعاء قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=60وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) [ غافر : 60 ] وفيه كرامة عظيمة لأمتنا لأن
بني إسرائيل فضلهم الله تفضيلا عظيما فقال في حقهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=47وأني فضلتكم على العالمين ) [ البقرة : 47 ] وقال أيضا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=20وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ) [ المائدة : 20 ] ثم مع هذه الدرجة العظيمة قالوا
لموسى عليه السلام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=70ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ) [ البقرة : 70 ] وأن الحواريين مع جلالتهم في قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52نحن أنصار الله ) [ آل عمران : 52 ] سألوا
عيسى عليه السلام أن يسأل لهم مائدة تنزل من السماء . ثم إنه سبحانه وتعالى رفع هذه الواسطة في أمتنا فقال مخاطبا لهم من غير واسطة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=60ادعوني أستجب لكم ) [ غافر : 60 ] ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=32واسألوا الله من فضله ) [ النساء : 32 ] فلهذا السبب لما حصلت هذه الفضيلة لهذه الأمة وكان
موسى عليه السلام قد عرفها لا جرم فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013207اللهم اجعلني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم " فلا جرم رفع يديه ابتداء فقال :
[ ص: 34 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رب اشرح لي صدري ) واعلم أنه تعالى قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ) [ البقرة : 186 ] ثم إنه تعالى جعل العباد على سبعة أقسام :
أحدها : عبد العصمة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) [ الحجر : 42 ]
وموسى عليه السلام كان مخصوصا بمزيد العصمة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41واصطنعتك لنفسي ) [ طه : 41 ] فلا جرم طلب زوائد العصمة فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رب اشرح لي صدري ) .
وثانيها : عبد الصفوة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59وسلام على عباده الذين اصطفى ) [ النمل : 59 ]
وموسى عليه السلام كان مخصوصا بمزيد الصفوة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=144ياموسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ) [ الأعراف : 144 ] فلا جرم أراد مزيد الصفوة فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رب اشرح لي صدري ) .
وثالثها : عبد البشارة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=17فبشر عبادي nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=18الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) [ الزمر : 17 ، 18 ] وكان
موسى عليه السلام مخصوصا بذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=13وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى ) فأراد مزيد البشارة فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رب اشرح لي صدري ) .
ورابعها : عبد الكرامة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=68ياعباد لا خوف عليكم ) [ الزخرف : 68 ]
وموسى عليه السلام كان مخصوصا بذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46لا تخافا إنني معكما ) [ طه : 46 ] فأراد الزيادة عليها فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رب اشرح لي صدري ) .
وخامسها : عبد المغفرة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=49نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ) [ الحجر : 49 ] ، وكان
موسى عليه السلام مخصوصا بذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=35رب اغفر لي ) [ ص : 35 ] فغفر له فأراد الزيادة فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رب اشرح لي صدري ) .
وسادسها : عبد الخدمة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=21اعبدوا ربكم ) [ البقرة : 21 ]
وموسى عليه السلام كان مخصوصا بذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41واصطنعتك لنفسي ) [ طه : 41 ] فطلب الزيادة فيها فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25اشرح لي صدري ) .
وسابعها : عبد القربة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) [ البقرة : 186 ]
وموسى عليه السلام كان مخصوصا بالقرب : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=52وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ) [ مريم : 52 ] فأراد كمال القرب فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رب اشرح لي صدري ) .
[ ص: 31 ] الْفَصْلُ الثَّانِي : فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) اعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19734الدُّعَاءَ سَبَبُ الْقُرْبِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِنَّمَا اشْتَغَلَ
مُوسَى بِهَذَا الدُّعَاءِ طَلَبًا لِلْقُرْبِ ، فَتَفْتَقِرُ إِلَى بَيَانِ أَمْرَيْنِ إِلَى بَيَانِ أَنَّ الدُّعَاءَ سَبَبُ الْقُرْبِ ، ثُمَّ إِلَى بَيَانِ أَنَّ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ طَلَبَ الْقُرْبَ بِهَذَا الدُّعَاءِ ، أَمَّا بَيَانُ أَنَّ الدُّعَاءَ سَبَبُ الْقُرْبِ فَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28914اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ فِي كِتَابِهِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ ، مِنْهَا أُصُولِيَّةٌ ، وَمِنْهَا فُرُوعِيَّةٌ ، أَمَّا الْأُصُولِيَّةُ فَأَوَّلُهَا فِي الْبَقَرَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=189يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) [ الْبَقَرَةِ : 189 ] .
وَثَانِيهَا : فِي
بَنِي إِسْرَائِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ) [ الْإِسْرَاءِ : 185 ] .
وَثَالِثُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=105وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ) [ طه : 105 ] .
وَرَابِعُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=42يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ) [ النَّازِعَاتِ : 42 ] وَأَمَّا الْفُرُوعِيَّةُ فَسِتَّةٌ مِنْهَا فِي الْبَقَرَةِ عَلَى التَّوَالِي :
أَحَدُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=215يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) [ الْبَقَرَةِ : 215 ] .
وَثَانِيهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ) [ الْبَقَرَةِ : 217 ] .
وَثَالِثُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ) [ الْبَقَرَةِ : 219 ] .
وَرَابِعُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ) [ الْبَقَرَةِ : 219 ] .
وَخَامِسُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ) [ الْبَقَرَةِ : 220 ] .
وَسَادِسُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى ) [ الْبَقَرَةِ : 222 ] .
وَسَابِعُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=1يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ) [ الْأَنْفَالِ : 1 ] .
وَثَامِنُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=83وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ) [ الْكَهْفِ : 83 ] .
وَتَاسِعُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=53وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ ) [ يُونُسَ : 53 ] .
وَعَاشِرُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ) [ النِّسَاءِ : 176 ] .
وَالْحَادِيَةَ عَشْرَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ) [ الْبَقَرَةِ : 186 ] .
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ : جَاءَتْ هَذِهِ الْأَسْئِلَةُ وَالْأَجْوِبَةُ عَلَى صُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ ، فَالْأَغْلَبُ فِيهَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ السُّؤَالَ قَالَ
لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قُلْ " ، وَفِي صُورَةٍ أُخْرَى جَاءَ الْجَوَابُ بِصِيغَةِ : " فَقُلْ " مَعَ فَاءِ التَّعْقِيبِ ، وَفِي صُورَةِ ثَالِثَةٍ ذَكَرَ السُّؤَالَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَوَابَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=42يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ) [ النَّازِعَاتِ : 42 ] ، وَفِي صُورَةٍ رَابِعَةٍ ذَكَرَ الْجَوَابَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ لَفْظَ " قُلْ " وَلَا لَفْظَ " فَقُلْ " وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ) [ الْبَقَرَةِ : 186 ] وَلَا بُدَّ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْفَائِدَةِ فَنَقُولُ : أَمَّا الْأَجْوِبَةُ الْوَارِدَةُ بِلَفْظِ " قُلْ " فَلَا إِشْكَالَ فِيهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : " قُلْ " كَالتَّوْقِيعِ الْمُحَدَّدِ فِي ثُبُوتِ نُبُوَّةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَالتَّشْرِيفِ الْمُحَدَّدِ فِي كَوْنِهِ مُخَاطَبًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَدَاءِ الْوَحْيِ وَالتَّبْلِيغِ .
وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=105فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ) [ طه : 105 ] فَالسَّبَبُ أَنَّ قَوْلَهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=105وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ ) [ طه : 105 ] سُؤَالٌ إِمَّا عَنْ قِدَمِهَا أَوْ عَنْ وُجُوبِ بَقَائِهَا ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أُمَّهَاتِ مَسَائِلِ أُصُولِ الدِّينِ فَلَا جَرَمَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجِيبَ بِلَفْظِ الْفَاءِ الْمُفِيدِ لِلتَّعْقِيبِ كَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ : يَا
مُحَمَّدُ أَجِبْ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ فِي الْحَالِ وَلَا تَقْتَصِرْ ; فَإِنَّ الشَّكَّ فِيهِ كُفْرٌ وَلَا تُمْهِلْ هَذَا الْأَمْرَ لِئَلَّا يَقَعُوا فِي الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ ، ثُمَّ كَيْفِيَّةُ الْجَوَابِ أَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=105فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ) ، وَلَا شَكَّ أَنَّ النَّسْفَ مُمْكِنٌ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ فِي حَقِّ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْجَبَلِ ، وَالْحِسُّ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا فِي حَقِّ كُلِّ الْجَبَلِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِقَدِيمٍ وَلَا وَاجِبِ الْوُجُودِ ; لِأَنَّ الْقَدِيمَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ وَالنَّسْفُ .
فَإِنْ قِيلَ : إِنَّهُمْ قَالُوا : أَخْبِرْنَا عَنْ إِلَهِكَ أَهُوَ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ أَوْ حَدِيدٌ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) [ الْإِخْلَاصِ : 1 ] وَلَمْ يَقُلْ : " فَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنَ الْمُهِمَّاتِ ، قُلْنَا : إِنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَحْكِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ سُؤَالَهُمْ ، وَحَرْفُ الْفَاءِ مِنَ الْحُرُوفِ الْعَاطِفَةِ فَيَسْتَدْعِي سَبْقَ كَلَامٍ ، فَلَمَّا لَمْ يُوجَدْ تَرَكَ الْفَاءَ بِخِلَافِ هَهُنَا فَإِنَّهُ
[ ص: 32 ] تَعَالَى حَكَى سُؤَالَهُمْ فَحَسُنَ عَطْفُ الْجَوَابِ عَلَيْهِ بِحَرْفِ الْفَاءِ .
وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ : فَإِنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرِ الْجَوَابَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=42يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ) [ النَّازِعَاتِ : 42 ] فَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ مَعْرِفَةَ وَقْتِ السَّاعَةِ عَلَى التَّعْيِينِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْمَفَاسِدِ الَّتِي شَرَحْنَاهَا فِيمَا سَبَقَ ، فَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ الْجَوَابَ ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنَ الْأَسْئِلَةِ مَا لَا يُجَابُ عَنْهَا .
وَأَمَّا الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ : وَهِيَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186فَإِنِّي قَرِيبٌ ) وَلَمْ يَذْكُرْ فِي جَوَابِهِ " قُلْ " فَفِيهِ وُجُوهٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=19734_19738تَعْظِيمِ حَالِ الدُّعَاءِ وَأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ فَكَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ : يَا عَبْدِي أَنْتَ إِنَّمَا تَحْتَاجُ إِلَى الْوَاسِطَةِ فِي غَيْرِ الدُّعَاءِ ، أَمَّا فِي مَقَامِ الدُّعَاءِ فَلَا وَاسِطَةَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ كُلَّ قِصَّةٍ وَقَعَتْ لَمْ تَكُنْ مَعْرِفَتُهَا مِنَ الْمُهِمَّاتِ . قَالَ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اذْكُرْ لَهُمْ تِلْكَ الْقِصَّةَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=27وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ ) [ الْمَائِدَةِ : 27 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=175وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا ) [ الْأَعْرَافِ : 175 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=51وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى ) [ مَرْيَمَ : 51 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=54وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ) [ مَرْيَمَ : 54 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=56وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ) [ مَرْيَمَ : 56 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=51وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ) [ الْحِجْرِ : 51 ] ، ثُمَّ قَالَ فِي قِصَّةِ
يُوسُفَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=3نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ) [ يُوسُفَ : 3 ] وَفِي أَصْحَابِ الْكَهْفِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=13نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ) [ الْكَهْفِ : 13 ] . وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا فِي هَاتَيْنِ الْقِصَّتَيْنِ مِنَ الْعَجَائِبِ وَالْغَرَائِبِ .
وَالْحَاصِلُ كَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ : يَا
مُحَمَّدُ إِذَا سُئِلْتَ عَنْ غَيْرِي فَكُنْ أَنْتَ الْمُجِيبَ ، وَإِذَا سُئِلْتَ عَنِّي فَاسْكُتْ أَنْتَ حَتَّى أَكُونَ أَنَا الْقَائِلَ .
وَثَانِيهَا : أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي ) [ الْبَقَرَةِ : 186 ] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَهُ [ أَنْ يَسْأَلَ ] ، وَقَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186فَإِنِّي قَرِيبٌ ) [ الْبَقَرَةِ : 186 ] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّبَّ قَرِيبٌ مِنَ الْعَبْدِ .
وَثَالِثُهَا : لَمْ يَقُلْ : فَالْعَبْدُ مِنِّي قَرِيبٌ ، بَلْ قَالَ : أَنَا مِنْهُ قَرِيبٌ ، وَهَذَا فِيهِ سِرٌّ نَفِيسٌ ، فَإِنَّ الْعَبْدَ مُمْكِنُ الْوُجُودِ فَهُوَ مِنْ حَيْثُ هُوَ ، هُوَ فِي مَرْكَزِ الْعَدَمِ وَحَضِيضِ الْفَنَاءِ ، فَكَيْفَ يَكُونُ قَرِيبًا ، بَلِ الْقَرِيبُ هُوَ الْحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، فَإِنَّهُ بِفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ جَعَلَهُ مَوْجُودًا وَقَرَّبَهُ مِنْ نَفْسِهِ ، فَالْقُرْبُ مِنْهُ لَا مِنَ الْعَبْدِ فَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186فَإِنِّي قَرِيبٌ ) [ الْبَقَرَةِ : 186 ] .
وَرَابِعُهَا : أَنَّ الدَّاعِيَ مَا دَامَ يَبْقَى خَاطِرُهُ مَشْغُولًا بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ دَاعِيًا لِلَّهِ تَعَالَى ، فَإِذَا فَنِيَ عَنِ الْكُلِّ وَصَارَ مُسْتَغْرِقًا بِمَعْرِفَةِ اللَّهِ الْأَحَدِ الْحَقِّ امْتَنَعَ أَنْ يَبْقَى فِي مَقَامِ الْفَنَاءِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ مَعَ الِالْتِفَاتِ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا جَرَمَ رُفِعَتِ الْوَاسِطَةُ مِنَ الْبَيْنِ فَمَا قَالَ : فَقُلْ إِنِّي قَرِيبٌ ، بَلْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186فَإِنِّي قَرِيبٌ ) [ الْبَقَرَةِ : 186 ] فَثَبَتَ بِمَا تَقَرَّرَ فَضْلُ الدُّعَاءِ وَأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ ثُمَّ مِنْ شَأْنِ الْعَبْدِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُتْحِفَ مَوْلَاهُ أَنْ لَا يُتْحِفَهُ إِلَّا بِأَحْسَنِ التُّحَفِ وَالْهَدَايَا فَلَا جَرَمَ أَوَّلُ مَا أَرَادَ مُوسَى أَنْ يُتْحِفَ الْحَضْرَةَ الْإِلَهِيَّةَ بِتُحَفِ الطَّاعَاتِ وَالْعِبَادَاتِ أَتْحَفَهَا بِالدُّعَاءِ فَلَا جَرَمَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : فِي بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=19734فَضْلِ الدُّعَاءِ : قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011777الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ " ثُمَّ إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ( الْعِبَادَةُ ) لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ ) إِخْبَارٌ وَلَيْسَ بِأَمْرٍ إِنَّمَا الْأَمْرُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14فَاعْبُدْنِي ) فَلَمَّا كَانَ أَوَّلُ مَا أُورِدَ عَلَى
مُوسَى مِنَ الْأَوَامِرِ هُوَ الْأَمْرَ بِالْعِبَادَةِ لَا جَرَمَ أَوَّلُ مَا أَتْحَفَ بِهِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَضْرَةَ الرُّبُوبِيَّةِ مِنْ تُحَفِ الْعِبَادَةِ هُوَ تُحْفَةُ الدُّعَاءِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) .
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ : وَهُوَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19733_29495_19738الدُّعَاءَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ فَكَمَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَمَرَ بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَكَذَلِكَ أَمَرَ بِالدُّعَاءِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ ) [ الْبَقَرَةِ : 186 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=60وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [ غَافِرٍ : 60 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=56وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ) [ الْأَعْرَافِ : 56 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=55ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً )
[ ص: 33 ] [ الْأَعْرَافِ : 55 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=65هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) [ غَافِرٍ : 65 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=110قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ ) [ الْإِسْرَاءِ : 110 ] . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً ) [ الْأَعْرَافِ : 205 ] . وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013205ادْعُوا بِيَاذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " فَبِهَذِهِ الْآيَاتِ عَرَفْنَا أَنَّ الدُّعَاءَ عِبَادَةٌ ، قَالَ بَعْضُ الْجُهَّالِ : الدُّعَاءُ عَلَى خِلَافِ الْعَقْلِ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ عَلَّامُ الْغُيُوبِ يَعْلَمُ مَا فِي الْأَنْفُسِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ، فَأَيُّ حَاجَةٍ بِنَا إِلَى الدُّعَاءِ .
وَثَانِيهَا : أَنَّ الْمَطْلُوبَ إِنْ كَانَ مَعْلُومَ الْوُقُوعِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الدُّعَاءِ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومَ الْوُقُوعِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ .
وَثَالِثُهَا : الدُّعَاءُ يُشْبِهُ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَذَلِكَ مِنَ الْعَبْدِ فِي حَقِّ الْمَوْلَى سُوءُ أَدَبٍ .
وَرَابِعُهَا : الْمَطْلُوبُ بِالدُّعَاءِ إِنْ كَانَ مِنَ الْمَصَالِحِ فَالْحَكِيمُ لَا يُهْمِلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَصَالِحِ لَمْ يَجُزْ طَلَبُهُ .
وَخَامِسُهَا : فَقَدْ جَاءَ أَنَّ أَعْظَمَ مَقَامَاتِ الصِّدِّيقِينَ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى . وَقَدْ نُدِبَ إِلَيْهِ ، وَالدُّعَاءُ يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ اشْتِغَالٌ بِالِالْتِمَاسِ وَالطَّلَبِ .
وَسَادِسُهَا : قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رِوَايَةً عَنِ اللَّهِ تَعَالَى : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16011775مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ " فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى
nindex.php?page=treesubj&link=19735تَرْكُ الدُّعَاءِ ، وَالْآيَاتُ الَّتِي ذَكَرْتُمُوهَا تَقْتَضِي وُجُوبَ الدُّعَاءِ .
وَسَابِعُهَا : أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا تَرَكَ الدُّعَاءَ وَاكْتَفَى بِقَوْلِهِ : " حَسْبِي مِنْ سُؤَالِي عِلْمُهُ بِحَالِي " اسْتَحَقَّ الْمَدْحَ الْعَظِيمَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ الدُّعَاءِ . وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ مِنَ الدُّعَاءِ الْإِعْلَامَ بَلْ هُوَ نَوْعُ تَضَرُّعٍ كَسَائِرِ التَّضَرُّعَاتِ .
وَعَنِ الثَّانِي : أَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى أَنْ نَقُولَ لِلْجَائِعِ وَالْعَطْشَانِ إِنْ كَانَ الشِّبَعُ مَعْلُومَ الْوُقُوعِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومَ الْوُقُوعِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ .
وَعَنِ الثَّالِثِ : أَنَّ الصِّيغَةَ وَإِنْ كَانَتْ صِيغَةَ الْأَمْرِ إِلَّا أَنَّ صُورَةَ التَّضَرُّعِ وَالْخُشُوعِ تَصْرِفُهُ عَنْ ذَلِكَ .
وَعَنِ الرَّابِعِ : يَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ مَصْلَحَةً بِشَرْطِ سَبْقِ الدُّعَاءِ .
وَعَنِ الْخَامِسِ : أَنَّهُ إِذَا دَعَا إِظْهَارًا لِلتَّضَرُّعِ ثُمَّ رَضِيَ بِمَا قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَذَاكَ أَعْظَمُ الْمَقَامَاتِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الْبَقِيَّةِ إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِنَ الْعِبَادَاتِ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَمَرَهُ بِالْعِبَادَةِ وَبِالصَّلَاةِ أَمْرًا وَرَدَ مُجْمَلًا لَا جَرَمَ شَرَعَ فِي أَجَلِّ الْعِبَادَاتِ وَهُوَ الدُّعَاءُ .
الْوَجْهُ الرَّابِعُ : فِي فَضْلِ الدُّعَاءِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَقْتَصِرْ فِي بَيَانِ فَضْلِ الدُّعَاءِ عَلَى الْأَمْرِ بِهِ بَلْ بَيَّنَ فِي آيَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ يَغْضَبُ إِذَا لَمْ يُسْأَلْ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=43فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [ الْأَنْعَامِ : 43 ] ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013206nindex.php?page=treesubj&link=32043_19775لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ " وَلَكِنْ يَجْزِمُ فَيَقُولُ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي فَلِهَذَا السِّرِّ جَزَمَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالدُّعَاءِ وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) .
الْوَجْهُ الْخَامِسُ : فِي فَضْلِ الدُّعَاءِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=60وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [ غَافِرٍ : 60 ] وَفِيهِ كَرَامَةٌ عَظِيمَةٌ لِأُمَّتِنَا لِأَنَّ
بَنِي إِسْرَائِيلَ فَضَّلَهُمُ اللَّهُ تَفْضِيلًا عَظِيمًا فَقَالَ فِي حَقِّهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=47وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) [ الْبَقَرَةِ : 47 ] وَقَالَ أَيْضًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=20وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ) [ الْمَائِدَةِ : 20 ] ثُمَّ مَعَ هَذِهِ الدَّرَجَةِ الْعَظِيمَةِ قَالُوا
لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=70ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ ) [ الْبَقَرَةِ : 70 ] وَأَنَّ الْحَوَارِيِّينَ مَعَ جَلَالَتِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=52نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 52 ] سَأَلُوا
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَسْأَلَ لَهُمْ مَائِدَةً تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ . ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رَفَعَ هَذِهِ الْوَاسِطَةَ فِي أُمَّتِنَا فَقَالَ مُخَاطِبًا لَهُمْ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=60ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [ غَافِرٍ : 60 ] ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=32وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ) [ النِّسَاءِ : 32 ] فَلِهَذَا السَّبَبِ لَمَّا حَصَلَتْ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَكَانَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ عَرَفَهَا لَا جَرَمَ فَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013207اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَلَا جَرَمَ رَفَعَ يَدَيْهِ ابْتِدَاءً فَقَالَ :
[ ص: 34 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ) [ الْبَقَرَةِ : 186 ] ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْعِبَادَ عَلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ :
أَحَدُهَا : عَبْدُ الْعِصْمَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ) [ الْحِجْرِ : 42 ]
وَمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مَخْصُوصًا بِمَزِيدِ الْعِصْمَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ) [ طه : 41 ] فَلَا جَرَمَ طَلَبَ زَوَائِدَ الْعِصْمَةِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) .
وَثَانِيهَا : عَبْدُ الصَّفْوَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ) [ النَّمْلِ : 59 ]
وَمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مَخْصُوصًا بِمَزِيدِ الصَّفْوَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=144يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي ) [ الْأَعْرَافِ : 144 ] فَلَا جَرَمَ أَرَادَ مَزِيدَ الصَّفْوَةِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) .
وَثَالِثُهَا : عَبْدُ الْبِشَارَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=17فَبَشِّرْ عِبَادِي nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=18الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) [ الزُّمَرِ : 17 ، 18 ] وَكَانَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَخْصُوصًا بِذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=13وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى ) فَأَرَادَ مَزِيدَ الْبِشَارَةِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) .
وَرَابِعُهَا : عَبْدُ الْكَرَامَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=68يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ ) [ الزُّخْرُفِ : 68 ]
وَمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مَخْصُوصًا بِذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا ) [ طه : 46 ] فَأَرَادَ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) .
وَخَامِسُهَا : عَبْدُ الْمَغْفِرَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=49نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) [ الْحِجْرِ : 49 ] ، وَكَانَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَخْصُوصًا بِذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=35رَبِّ اغْفِرْ لِي ) [ ص : 35 ] فَغَفَرَ لَهُ فَأَرَادَ الزِّيَادَةَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) .
وَسَادِسُهَا : عَبْدُ الْخِدْمَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=21اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ) [ الْبَقَرَةِ : 21 ]
وَمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مَخْصُوصًا بِذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=41وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ) [ طه : 41 ] فَطَلَبَ الزِّيَادَةَ فِيهَا فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) .
وَسَابِعُهَا : عَبْدُ الْقُرْبَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) [ الْبَقَرَةِ : 186 ]
وَمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مَخْصُوصًا بِالْقُرْبِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=52وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ) [ مَرْيَمَ : 52 ] فَأَرَادَ كَمَالَ الْقُرْبِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) .