الصفة السادسة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=111nindex.php?page=treesubj&link=30349_28991وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ) ومعناه أن في ذلك اليوم تعنو الوجوه أي تذل ويصير الملك والقهر لله تعالى دون غيره ، ومن لفظ العنو أخذوا العاني وهو الأسير ، يقال : عنا يعنو عناء إذا صار أسيرا وذكر الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=111الوجوه ) وأراد به المكلفين أنفسهم ؛ لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=111وعنت ) من صفات المكلفين لا من صفات الوجوه وهو كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=8وجوه يومئذ ناعمة nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=9لسعيها راضية ) [الغاشية :8 - 9] وإنما خص الوجوه بالذكر لأن الخضوع بها يبين وفيها يظهر ، وتفسير " الحي القيوم " قد تقدم ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=481أبو أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013226اطلبوا اسم الله الأعظم في هذه السور الثلاثة : البقرة وآل عمران وطه " . قال الراوي : فوجدنا المشترك في السور الثلاث : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) فبين تعالى على وجه التحذير أن ذلك اليوم لا يصح الامتناع مما ينزل بالمرء من المجازاة ، وأن حاله مخالفة لحال الدنيا التي يختار فيها المعاصي ويمتنع من الطاعات ، أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=111وقد خاب من حمل ظلما ) فالمراد بالخيبة الحرمان ، أي حرم الثواب من حمل ظلما ، والمراد به من وافى بالظلم ولم يتب عنه ، واستدلت
المعتزلة بهذه الآية في المنع من العفو فقالوا قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=111وقد خاب من حمل ظلما ) يعم كل ظالم ، وقد حكم الله تعالى فيه بالخيبة ، والعفو ينافيه ، والكلام على عمومات الوعيد قد تقدم مرارا ، واعلم أنه تعالى لما شرح أحوال يوم القيامة ختم الكلام فيها بشرح
nindex.php?page=treesubj&link=28766أحوال المؤمنين فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=112ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما ) يعني ومن يعمل شيئا من الصالحات ، والمراد به الفرائض فكان عمله مقرونا بالإيمان وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=75ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات ) [طه : 75] فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=112فلا يخاف ) في موضع جزم لكونه في موضع جواب الشرط ، والتقدير فهو لا يخاف ونظيره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ومن عاد فينتقم الله منه ) [المائدة : 95] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=13فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا ) [الجن : 13] وقرأ
ابن كثير : فلا يخف على النهي وهو حسن لأن المعنى فليأمن ، والنهي عن الخوف أمر بالأمن ، والظلم هو أن يعاقب لا على جريمة أو يمنع من الثواب على الطاعة ، والهضم أن ينقص من ثوابه ، والهضيمة النقيصة ومنه : هضيم الكشح أي ضامر البطن ، ومنه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=148طلعها هضيم ) [الشعراء : 148] أي لازق بعضه ببعض ومنه انهضم طعامي ، وقال
أبو مسلم : الظلم أن ينقص من الثواب ، والهضم أن لا يوفى حقه من الإعظام لأن الثواب مع كونه من اللذات لا يكون ثوابا إلا إذا قارنه التعظيم ، وقد يدخل النقص في بعض الثواب ويدخل فيما يقارنه من التعظيم فنفى الله تعالى عن المؤمنين كلا الأمرين .
الصِّفَةُ السَّادِسَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=111nindex.php?page=treesubj&link=30349_28991وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ) وَمَعْنَاهُ أَنَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَعْنُو الْوُجُوهُ أَيْ تَذِلُّ وَيَصِيرُ الْمُلْكُ وَالْقَهْرُ لِلَّهِ تَعَالَى دُونَ غَيْرِهِ ، وَمِنْ لَفْظِ الْعَنْوِ أَخَذُوا الْعَانِي وَهُوَ الْأَسِيرُ ، يُقَالُ : عَنَا يَعْنُو عَنَاءً إِذَا صَارَ أَسِيرًا وَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=111الْوُجُوهُ ) وَأَرَادَ بِهِ الْمُكَلَّفِينَ أَنْفُسَهُمْ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=111وَعَنَتِ ) مِنْ صِفَاتِ الْمُكَلَّفِينَ لَا مِنْ صِفَاتِ الْوُجُوهِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=8وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=9لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ ) [الْغَاشِيَةِ :8 - 9] وَإِنَّمَا خَصَّ الْوُجُوهَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْخُضُوعَ بِهَا يَبِينُ وَفِيهَا يَظْهَرُ ، وَتَفْسِيرُ " الْحَيِّ الْقَيُّومِ " قَدْ تَقَدَّمَ ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=481أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013226اطْلُبُوا اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ فِي هَذِهِ السُّوَرِ الثَّلَاثَةِ : الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَطه " . قَالَ الرَّاوِي : فَوَجَدْنَا الْمُشْتَرِكَ فِي السُّوَرِ الثَّلَاثِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) فَبَيَّنَ تَعَالَى عَلَى وَجْهِ التَّحْذِيرِ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَا يَصِحُّ الِامْتِنَاعُ مِمَّا يَنْزِلُ بِالْمَرْءِ مِنَ الْمُجَازَاةِ ، وَأَنَّ حَالَهُ مُخَالِفَةٌ لِحَالِ الدُّنْيَا الَّتِي يَخْتَارُ فِيهَا الْمَعَاصِيَ وَيَمْتَنِعُ مِنَ الطَّاعَاتِ ، أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=111وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ) فَالْمُرَادُ بِالْخَيْبَةِ الْحِرْمَانُ ، أَيْ حُرِمَ الثَّوَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ وَافَى بِالظُّلْمِ وَلَمْ يَتُبْ عَنْهُ ، وَاسْتَدَلَّتِ
الْمُعْتَزِلَةُ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي الْمَنْعِ مِنَ الْعَفْوِ فَقَالُوا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=111وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ) يَعُمُّ كُلَّ ظَالِمٍ ، وَقَدْ حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ بِالْخَيْبَةِ ، وَالْعَفْوُ يُنَافِيهِ ، وَالْكَلَامُ عَلَى عُمُومَاتِ الْوَعِيدِ قَدْ تَقَدَّمَ مِرَارًا ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا شَرَحَ أَحْوَالَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ خَتَمَ الْكَلَامَ فِيهَا بِشَرْحِ
nindex.php?page=treesubj&link=28766أَحْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=112وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ) يَعْنِي وَمَنْ يَعْمَلْ شَيْئًا مِنَ الصَّالِحَاتِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْفَرَائِضُ فَكَانَ عَمَلُهُ مَقْرُونًا بِالْإِيمَانِ وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=75وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ ) [طه : 75] فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=112فَلَا يَخَافُ ) فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ لِكَوْنِهِ فِي مَوْضِعِ جَوَابِ الشَّرْطِ ، وَالتَّقْدِيرُ فَهُوَ لَا يَخَافُ وَنَظِيرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ) [الْمَائِدَةِ : 95] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=13فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ) [الْجِنِّ : 13] وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ : فَلَا يَخَفْ عَلَى النَّهْيِ وَهُوَ حَسَنٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى فَلْيَأْمَنْ ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْخَوْفِ أَمْرٌ بِالْأَمْنِ ، وَالظُّلْمُ هُوَ أَنْ يُعَاقَبَ لَا عَلَى جَرِيمَةٍ أَوْ يُمْنَعَ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى الطَّاعَةِ ، وَالْهَضْمُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ ثَوَابِهِ ، وَالْهَضِيمَةُ النَّقِيصَةُ وَمِنْهُ : هَضِيمُ الْكَشْحِ أَيْ ضَامِرُ الْبَطْنِ ، وَمِنْهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=148طَلْعُهَا هَضِيمٌ ) [الشُّعَرَاءِ : 148] أَيْ لَازِقٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَمِنْهُ انْهَضَمَ طَعَامِي ، وَقَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ : الظُّلْمُ أَنْ يَنْقُصَ مِنَ الثَّوَابِ ، وَالْهَضْمُ أَنْ لَا يُوَفَّى حَقَّهُ مِنَ الْإِعْظَامِ لِأَنَّ الثَّوَابَ مَعَ كَوْنِهِ مِنَ اللَّذَّاتِ لَا يَكُونُ ثَوَابًا إِلَّا إِذَا قَارَنَهُ التَّعْظِيمُ ، وَقَدْ يَدْخُلُ النَّقْصُ فِي بَعْضِ الثَّوَابِ وَيَدْخُلُ فِيمَا يُقَارِنُهُ مِنَ التَّعْظِيمِ فَنَفَى اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْمُؤْمِنِينَ كِلَا الْأَمْرَيْنِ .